المواثيق التي أخذها الله تعالى على بني آدم

المواثيق التي أخذها الله تعالى على بني آدم

1 المراجعات

بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة و السلام على سيد البشر و خاتم الأنبياء و المرسلين و على آله و أصحابه أجمعين .. أما بعد :

أخذ الله سبحانه و تعالى من بني آدم ثلاثة مواثيق . كما جاء في الآيات و الأحاديث و الأدلة الصحيحة .. وهذه العهود هي :

أولا : ميثاق عالم الذَّرّ : 

عالم الذَّرِّ هو بداية الإنسان .. فإن الله تعالى أخرج من ظهر آدم ذريته و نثرهم - و تسمية عالم الذَّرّ مشتقة من الذرة و هي الشيء الصغير - فعندما أخرج الله تعالى من صلب آدم ذريته كلها و أشهدهم أنه ربهم و خالقهم ..و أن لا يشركوا به شيئا

قال تعالى في الآية (١٧٢) من سورة الأعراف :

(( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ (172)  أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ )) 

و لا بد من الذكر أن المفسرون اختلفوا في تفسير هذه الآية .. فقال البعض أنها تتحدث عن عالم الذَّرّ .. بينما ذهب آخرون للقول أنَّ الله تعالى قصد بها ميثاق الفِطرة ..

و أياً كان تفسيرها .. إلا أن معظم الفقهاء ووالعلماء أكدوا حقيقة عالم الذَّرّ و أن الله خلقنا من قبل و أشهَدَنا على أنه رَبَّنا و خالِقُنا .. و حتى إن لم نكن نتذكر ذلك إلا أنه قد حصل و حدث حقيقةً .. و الدليل في ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ….

 

عن ابن عباس -رضي الله هنهمت- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ الله أخذَ الميثاق مِن ظَهْرِ آدم عليه السلام بِنَعْمان - يعني : عَرَفة - فأخرج من صُلْبِهِ كُلّ ذريَّةٍ ذَرَأَها ، فَنَثَرَها بين يديه ، و كَلَّمَهُم قِبَلاً ، قال : أَلَستُ بِرَبِّكُم؟ قالوا : بلى ، شَهِدنا ---- و قرأ إلى آخر الآيات التي ذكرناها )) …..

و في هذا الحديث يوجد عدة روايات صحيحة و كلها تدل على نفس المعنى….

و بذلك قال بعض الفقهاء أن الصغير الذي يموت فإنه يموت على الميثاق و العهد الأول …… و الله أعلم …..

 

ثانياً : ميثاق الفِطرة : 

لقد خَلَقِ الله تعالى الإنسان و هي دين التوحيد و عبادة الله وحده لا شَرِيكَ له …

قال عَزَّ وَجَلَّ : (( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ )) سورة الروم(30) ..

و كذلك في الحديث القدسي..…قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قال الله تعالى : إنّي خَلَقْتُ عِبادي حُنَفاءَ ، فاجتَالَتْهُم الشياطين ، فَحَرَّمت عَلَيهِم ما أَحْلَلْتُ لَهُم ، و أَمَرَتْهُم أن يُشرِكوا بي ما لَم أُنَزْل بِهِ سُلطانا )) ….

و قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( ما من مولودٍ إلا يولَدُ على الفِطرة، فأبواه يهودانه أو يُنَصرانه أو يُمَجسانه)) …

و هذا ما نجده دائما في قلوبنا و أنفسنا ، فمهما ابتعد الإنسان عن دين الله و عن الطريق الصحيح إلا أن فطرة الله التي خلقنا عليها موجودة فينا، فإما أن نتبعها أو أن نتبع أهوائنا و شيطاننا ..

ثالثاً : ميثاق ما جاءت به الرُّسُل و أُنزِلَت به الكُتُب :

قال الله تعالى : ((رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)) سورة النساء (165)

أي لكي لا يحتج الانسان على الله سبحانه و تعالى بأنهم لم يعلموا ، فالحجة قائمة عليهم بأنه عَزَّوَجَّل أرسل الأنبياء و الرُّسُل و أنزل الكُتُب لِيُظْهِرَ الحَقّ و يَهْدِيهم إلى الصراط المُستقيم ..

و هذا الميثاق هو تذكير بالميثاق الأول و الثاني….

 

الخلاصة : أن الله أخرج بني آدم كالذَّرّ و أشهدهم أنه رَبُّهم و خالِقُهُم ثم خلقهم في هذه الحياة على الفطرة و دين التوحيد و أرسل الأنبياء و الرسل و أنزل الكتب لهدايتهم إلى الصراط المستقيم  لِئَلا يكون لهم حجة بعد ذلك ….

 

و يوجد ميثاق أخذه الله سبحانه وتعالى .. وهو عهد وميثاق خاص بالأنبياء و الرُّسُل …..و هذا الميثاق يقسم إلى قسمين :

الأول :أن الله تعالى أخذ العهد من جميع الأنبياء بإقامة الدّين و الدعوة إلى التوحيد و أن يُصَدِّقَ بعضهم بعضاً .. قال تعالى :

(( وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۖ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا )) سورة الأحزاب (7)

الثاني : ان الله تعالى أخذ الميثاق من كل نبي أن يؤمن بمُحَمَّد صلى الله عليه وسلم و أن يُصَدِّق رسالته .. قال تعالى :

(( إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ)) سورة آل عمران (81)

 

هذا و الله أعلم .. هو عالم الغيب و الشهادة .. سبحانه لا عِلمَ لنا إلا ما عَلَمنا به ……

 

هذا الموضوع موجود على قناتنا على اليوتيوب …. 

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

1

متابعين

2

متابعهم

1

مقالات مشابة