البيمارستان من أهم العمائر والمنشآت الإسلامية

البيمارستان من أهم العمائر والمنشآت الإسلامية

0 المراجعات

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ـــ  البيمارستان : من أهم المنشآت والعمائر الإسلامية ،  وكلمة بيمارستان فارسية مركبة من كلمتين (بيما)  بمعنى مريض و (ستان) بمعنى مكان أو دار المرضى .

 

ــــ قام الخلفاء والسلاطين والأمراء وأثرياء البلد وأهل الخير والعطاء خدمة إنسانية ببناء هذه البيمارستانات ، صدقة جارية لمداواة المرضى وعلاجهم من العلل التي يشتكون منها .

 

__ لم يقتصر عمل البيمارستان على علاج الناس ومداواتهم ، بل تعدى الأمر لتصبح هذه الأماكن معاهد علمية ومدارس لتعليم الطبابة ، واستخدم كل ما هو جديد في إجراء العمليات الجراحية والأدوية النافعة للقضاء على الأمراض المنشرة في ذلك الوقت .

 

ــــ من أهم البيمارستانات التي شيدها الخلفاء والسلاطية المسلمين ، خاصة في مصر والعراق والشام ، البيمارستان الذي أنشأه صلاح الدين الأيوبي في مصر ، والبيمارستان الذي أنشأه الخليفة المكتفي سنة 311 هـ ـ 922 م ، وكذلك البيمارستان العضدي الذي بناه عضد الدولة البويهي سنة 369 هـ ـ 978 م ، والبيمارستان الذي أنشأه نور الدين زنكي في دمشق .

 

ــــ تألفت البيمارستانات من أقسام متعددة ، فمنها ما هو خاص بالذكور ومنها ما هو خاص بالإناث ، وكان يحتوي على قاعات لمختلف الأمراض ويرأس البيمارستان رجل يقال له (ساعور البيمارستان) ، ولكل قسم من هذه الأقسام رئيس ويوجد داخلها صيدلية يقال لها (شراب خانه) ، ويرأسها شخص يقال له (شيخ صيدلي) ويعتمد نظام العمل على المناوبة فيما بين الأطباء لمتابعة أحوال المرضى ومداواتهم .

 

ـــ لقد دعت الحاجة والضرورة إلى إقامة بيمارستانات متنقلة محمولة من مكان إلى آخر ، لما فرضته الظروف والأوبئة المنشرة ، وكذلك الحروب ، وهو عبارة عن مستشفى مجهز بجميع ما يلزم للمرضى من أدوات وأدوية صحية وأطعمه وأشربه وملابس ، وكذلك أطباء وصيادلة وكل أمر يعين طاقم الأطباء على تحسين الجو المعنوي للمرضى ، وتنتقل مثل هذا النوع من البيمارستان من بلد إلى آخر حسب الأمراض التي تظهر وتكون معدية .

 

ـــ أهتم المسلمون بنشر الثقافة الطبية وذلك عن طريق ترجمة ما تركه اليونان من كتب الطب ، وكذلك شرعوا في تأسيس المدارس والكليات الطبية لتخريج الأطباء ، فانتشرت هذه المؤسسات الطبية في أرجاء العالم الإسلامي ، وعكف المسلمون على صناعة الطب ، فكتبوا في ذلك المؤلفات الطبية التي إختصت في الكلام عن الأدوية والعقاقير وفي شرح أعضاء الجسم ووظائفه .

 

ـــ عقد المسلمون المؤتمرات والندوات الطبية التي إجتمع فيها الأطباء من كافة البلاد الإسلامية في موسم الحج ، وقدموا  نتائج أبحاثهم ، وعرضوا نباتات بلدانهم ، ووصفوا خصائصها الطبية ، وتنوعها في علاج كثير من الأمراض .

 

ـــ كان لطلبة المدارس الطبية مجال واسع لتلقي علوم الطب على أيدي أساتذتهم ، داخل البيمارستانات فقد تهيىء لهم القاعات الخاصة المعدة والمجهزة بما تحتاجه من الآلات والكتب ، فيجلس الطلاب بين اساتذتهم بعد أن يتفقدوا المرضى وينتهوا من علاجهم ، ولا يقتصر التدريس للطلاب في البيمارستان ،  فقد قام بعض الأساتذة بفتح أبواب بيوتهم لإستقبال الطلاب وتدريسهم كل ما يحوي صناعة الطب .

 

ـــ ركز المسلمون على الناحية التجريبية في الطب ، قكان الأستاذ الطبيب يجري الفحوص الطبية بمرافقة تلاميذه ، ليعلمهم الطرق الطبية التجريبية العلمية الدقيقة لكسب الخبرة والممارسة الجيدة لمهنة الطب .

 

ـــ ينقسم الأطباء من ناحية الممارسة الطبية إلى مجموعتين ، الأولى : مجموعة الممارسين الذين أهتموا أولاً بالمرض والتشخيص والعلاج واعتمادهم في ذلك على المشاهدات والملاحظات والفلسفة ، وكان أهم طبيب يمثل هذه المجموعة هو أبو بكر الرازي ، أما المجموعة الثانية : فهي فريق المدرسين الذين درسوا الطب على أنه جزء لا يتجزء من المعرفة وأنه بغير هذه المعرفة لا يمكن ممارسة الطب ويمثل هذا الفريق ابن سينا ، ويشترك الفريقان في أنهما يتبعون المنهج التجريبي العلمي .

 

ـــ تميز الأطباء المسلمون في ممارستهم لعملهم الطبي وتعاملهم مع المرضى بالصبر وسعة الصدر ، وحسن الخلق ، والإبتعاد عن الغضب والإنزعاج من المرضى ، فكانوا أصحاب خلق رفيع مع سعة علم ، لذلك كسبوا إحترام الناس لهم وأصبحت مكانتهم عالية عند الحكام .

 

ـــ شجع الحكام والسلاطين المسلمون عند إنشاء البيمارستانات الأطباء على العناية بالتأليف والترجمة ومن أهم هؤلاء الأطباء ابو بكر الرازي المتوفى عام (320 هـ ـ 932 م) وجبرائيل بن عبيدالله بن يختيشوع المتوفى عام (396 هـ ـ 1005 م) وابن سينا المتوفى عام (428 هـ ـ 1036 م) وابن جزله المتوفى عام (473 هـ ـ 1080 م) ، كما الحقت بالبيمارستانات مكتبات حافلة تضم أهم المؤلفات الطبية ، فكان الأساتذة بعد الشرح يأخذون طلابهم إلى المكتبة ويدلونهم على المراجع في موضوع الدرس .

 

ـــ مارس الأطباء عملهم بعد قراءة عدد من المؤلفات الطبية ، ولم يكن يطلب منهم تأدية إمتحان في نهاية الدراسة ، لكن البعض منهم زاول المهنة مغامراً بأرواح الناس غير مكترث بمصيرهم فذهب نتيجة ذلك عدد من الضحايا ، لذلك تم تكليف المحتسب لكي يمتحن الأطباء عن طريق عرض ما يعرفونه من كتب الأطباء السابقين حسب الشروط التي وضعوها .

 

ـــ ظهر نوعين من الإمتحانات لمعرفة الكفاءة العلمية والمهنية للطبيب ، أحدهما لمن تخرج حديثاً والثاني للأطباء والممارسين ، أما بالنسبة لإمتحان التخرج فقد شمل الناحيتين النظرية والعلمية العملية وقد يركز المدرس على أحد الجوانب أكثر من الآخر ، ومع التطور الطبي عند المسلمين تطور نوع الإمتحانات الطبية فإذا أتم الطالب دراسته يتقدم إلى رئيس الأطباء ويطلب منه الإجازة في المجال الذي درس فيه الطب وهي أشبه بالرسالة أو ما يسمى اليوم بالأطروحة ، إما أن تكون هذه الرسالة له شخصياً أو لأحد مشاهير الأطباء المقدمين أو المعاصرين ، يكون قد أجاز دراستها فيمتحنه فيها ويسأله في كل ما يتعلق بما فيها الفن فإذا احسن الإجابة أجازه الممتحن وأطلق له حرية التصرف في العلم الطبي الذي درسه .    

 

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

articles

5

followers

7

followings

49

مقالات مشابة