فضل قيام الليل وأثره الكبير على النفس

فضل قيام الليل وأثره الكبير على النفس

Rating 0 out of 5.
0 reviews

الطمأنينة الروحية

يُعد قيام الليل من أجلّ القربات وأعظم الطاعات التي يُقبل بها العبد على ربه، وهو دأب الصالحين وشرف المؤمنين. وقد مدح الله تعالى عباده القائمين بالليل فقال:

﴿كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ۝ وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات: 17-18].

وفي آية أخرى قال سبحانه:

﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ۝ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءًۢ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 16-17].

فهذه الآيات تؤكد أن القائمين بالليل لهم منزلة رفيعة عند الله، وأن جزاءهم عظيم في الدنيا والآخرة.

معنى قيام الليل

قيام الليل هو إحياء جزء من الليل بالصلاة، والذكر، وتلاوة القرآن، والدعاء. يبدأ وقته بعد صلاة العشاء ويمتد حتى طلوع الفجر. وأفضل أوقاته الثلث الأخير، حيث ورد في الحديث الصحيح:

«يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» [متفق عليه].

image about فضل قيام الليل وأثره الكبير على النفس
"رجل مسلم قائم يصلي في جوف الليل، والقرآن أمامه، في أجواء روحانية هادئة تعكس الطمأنينة والسكينة"

الفضل العظيم لقيام الليل

قيام الليل من أعظم العبادات التي تتجلى فيها الخشية والخضوع، وله فضائل كثيرة منها:

شرف المؤمن: قال النبي ﷺ: «شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس» [رواه الحاكم].

أقرب الصلوات إلى الله: قال ﷺ: «أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل» [رواه مسلم].

رفعة الدرجات ومغفرة الذنوب: قال ﷺ: «عليكم بقيام الليل؛ فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم، ومطردة للداء عن الجسد» [رواه الترمذي].

نور في الوجه والقلب: قال الحسن البصري رحمه الله: "إنهم خلوا بالله في ظلمات الليل فألبسهم الله من نوره".

أثر قيام الليل النفسي

لا يقتصر فضل قيام الليل على الجانب الإيماني فحسب، بل له آثار نفسية عميقة وملموسة:

الطمأنينة القلبية: فالخلوة بالله في جوف الليل تمنح القلب سكينة لا تُوصف.

التخلص من القلق والهم: إذ يفرغ المسلم همومه بالدعاء والمناجاة، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28].

زيادة قوة الإرادة: حيث يحتاج القيام لمجاهدة النفس على ترك النوم والراحة.

التفاؤل والأمل: إذ يجعل المسلم أكثر ثقة برحمة الله واستجابة الدعاء.

التوازن النفسي: وقد ذكر علماء النفس أن الانعزال للحظات في صمت وسكون يعيد شحن الطاقة الداخلية، فما بالك إن كان ذلك في عبادة وصلة بالله؟

قيام الليل في حياة النبي ﷺ والصالحين

كان النبي ﷺ يطيل القيام حتى تتورم قدماه، فقيل له: "أتفعل هذا وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟"، فقال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا» [متفق عليه].

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوقظ أهله لقيام الليل ويقرأ: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾ [طه: 132].

وقال الإمام الشافعي رحمه الله: "قيام الليل يورث نورًا في الوجه، ونورًا في القلب، ونورًا في القبر".

نصائح عملية للمداومة على قيام الليل

النوم مبكرًا لتجنب السهر غير النافع.

التدرج في القيام؛ بركعتين ثم الزيادة تدريجيًا.

الاستعانة بالمنبه أو الاتفاق مع أحد الأصدقاء للاستيقاظ.

قراءة أذكار النوم وطلب العون من الله.

الدعاء في وقت السحر والاستغفار بإخلاص.

خاتمة

إن قيام الليل عبادة تجمع بين الفضل الأخروي والأثر النفسي العظيم. فهي نور في القلب، وراحة في النفس، ومغفرة للذنوب، ورفعة في الدرجات. قال ابن مسعود رضي الله عنه: "لا يُترك قيام الليل إلا مذنب أو مغبون". فمن أراد صفاء القلب وقوة الروح وسعادة الدنيا والآخرة، فليحرص على القيام ولو بركعتين، ففيهما من البركة ما يفتح أبواب الخير.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

80

followings

33

followings

0

similar articles
-