أخلاق أهل الدين

أخلاق أهل الدين

0 reviews

 -----«««« أخلاق أهل الدين »»»»-----

اعلم أخي المسلم الحبيب أن الدين هو الأساس الذي خلق من أجله الجن و الإنس ، كما قال الله تعالى-:{وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} ويجب على كل مسلم أن يتبع الدين ويتدين لله عز وجل وهناك فرق بين الدين والتدين والفرق ظاهر وهو أن الدين وزنه في اللغة فعيل أما التدين فوزنه التفعل والتفعل معناه التكلف للشيء ويلزم من ذلك المجاهدة والتكلف وبذل الجهد والاعتناء والاهتمام وبعض الناس يرى نفسه أنه من أهل الدين وهو في الحقيقة بعيد عن الدين والتدين كل البعد والإسلام هو دين الله عز وجل

وهذه أخلاق أهل التدين والدين الحقيقي فليعرض الإنسان نفسه عليها لعله أن يتنبه لنقص أو خلل أو أمر ينافي الدين والتدين وكلنا ذلك الرجل الناقص الذي فيه ما لابد له من إصلاحه .والله المستعان وبالله التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

  • الخلق الأول: أن يكون مخلصا في أقواله وأفعاله وعبادته وأعماله:

 

وطلبه العلم ودعوته لله عز وجل وفي كل حاله وقبل ذلك كله أن يكون على عقيدة صحيحة ومنهج سليم وهو ما كان يعتقده النبي محمد صلى الله عليه و سلم وأصحابه رضي الله عنهم والتابعون وأتباعهم رحمة الله عليهم من الاعتقاد والمنهج والعبادة والأخلاق والسلوك والمعاملة والسياسة وغير ذلك من مسائل الشريعة. 

    وهذا هو الإسلام فإن الإسلام معناه: الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله وهذا هو معنى الإسلام والدين المقبول عند الله سبحانه والتدين هو الاستسلام لله سبحانه في كل ما شرع في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه و سلم ومن استسلم لأمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه و سلم فقد دخل في الإسلام و تدين لله حقا .كما قال الله تعالى-:{إن الدين عند الله الإسلام}

وقال تعالى -:{ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الأخرة من الخاسرين} وأصل الدين وأساسه هو الإخلاص لله عز وجل في عبادته وحده لا شريك له ويكون العبد في كل أحواله وعبادته مخلصا لله عز وجل.

  • الخلق الثاني: أن يكون زاهدا في الدنيا فأهل التدين حقا من هو كان راغبا في الآخرة تاركا للدنيا :

ليس له رغبة في الدنيا بل رغبته كلها في الآخرة والدنيا يأخذ منها يقدر بلغته وما يكفيه هو وعياله كفافا ، كما قال النبي صلى الله عليه و سلم :"قد أفلح من أسلم وقنع وكان عيشه كفافا". وكان من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم :"اللهم اجعل رزق آل محمدا كفافا".

فخلق الزهد خلق عزيز وقليل أهله هو من أخلاق العالية التي هي من أخلاق الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة و السلام وخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والعلماء الصالحين و بعض الناس من يدعي الدين ويظن نفسه من أهل الدين وقلبه مملوءًا بالدنيا وتحصيل شهواتها و ملذاتها .

   كما قال بعض السلف :"كان يرون أنه من العيب أن يكون الرجل لباسه لباس الدين وفي قلبه شهوة أكثر من ثمن لباسه" وقال بعض السلف : وقد رأى رجلا وقلبه معلق بالدنيا لقد سقط من عيني لعظم الدنيا في قلبه".

ومن كان في قلبه شيئا من التعلق بالدنيا ولا يصبر عليها فليكثر من هذا الدعاء اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا". ويدعو أيضا:اللهم زهدنا في الدنيا وآتينا منها ولا تزويها عنا فترغبنا فيها".

  • الخلق الثالث: أن يكون له اهتمام بالدين:

ويتمثل ذلك في طلبه للعلم والانشغال به وحضور مجالس العلم والتفقه في الدين والعمل بالعلم ممتثلا حديث النبي صلى الله عليه و سلم كما جاء من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم:"من يرد الله به خيرا يفقه في الدين".متفق عليه. فالتفقه في الدين مما يزيد إيمان العبد وتقواه وصلاحه وخوفه من الله عز وجل والبصيرة في الدين. وهذه بعض فوائد طلب العلم.
وقال صلى الله عليه و سلم:" الناس معادن خيارهم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا".
وقال تعالى -:{ وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون}. 

    والذي يجب على المسلم هو تعلم العلم الواجب من التوحيد والعقيدة والمنهج والعبادات من طهارة وصلاة وزكاة وصوم وحج وغير ذلك من أحكام الحلال والحرام كفقه البيع لمن كان تاجرا وأحكام الزواج وغير ذلك مما تعلمه فرض عين على كل مسلم.

  • الخلق الرابع: أن يكون ملازما العبادات من نوافل الصلاة والصيام والتطوع المطلق والمقيد:

وقبل ذلك الصلوات الخمس وهذه مما تعين العبد على أموره الدينية والدنيوية وقد قلت العبادات هذا الزمان فقل من تجده يحافظ على سنن الرواتب والتنفل المطلق.

ومن ذلك صيام الإثنين والخميس فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم الإثنين والخميس.
ومن العبادات التي تستحب دائما المحافظة عليها سنن الرواتب فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يحافظ عليهن وجاء عنه صلى الله عليه و سلم:" من صلى اثنى عشر ركعة تطوعا غير الفريضة بني له بيتا في الجنة" وهو صحيح.
وأيضا : قد قال صلى الله عليه و سلم:"رحم الله امرءا صلى قبل العصر أربعا". ومن ذلك قيام الليل ولو بركعتين مع المداومة عليهما.

  • الخلق الخامس: وهو من أهم الأمور أن يكون العبد ذاكرا لله عز وجل:

ولسانه رطب من ذكر الله عز وجل فالمتدين لا ينسى الله عز وجل فهو دائما في ذكر ربه عز وجل والأنس به والتقرب إليه سبحانه وقد قال الله تعالى-:{فاذكروني أذكركم } وقال تعالى -:{ والذاكرين الله كثيرا والذاكرات} وقال تعالى-:{واذكروا الله ذكرا كثيرا} 

   ومن ذلك الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم والاستغفار ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وقد جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :"لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة" وقال صلى الله عليه و سلم:" من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة ".

وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :"أحب الكلام إلى الله عز وجل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، لا يضر بأيهن بدأت "متفق عليه. وجاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:" من أحب أن تسره صحيفته فليكثر من الاستغفار"

وقال صلى الله عليه وسلم :" من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا". وقال صلى الله عليه و سلم:"أولى الناس وفي رواية:"أقرب الناس إلي" بي يوم القيامة أكثرهم على صلاة". 

    وغير ذلك من الذكر المطلق ومن ذلك أذكار الصباح والمساء وذكر دخول المنزل والخروج منه والذهاب إلى المسجد ودخول المسجد والخروج منه ودعاء السوق والطعام والفراغ منه ودعاء السفر والرجوع منه وغير ذلك من الذكر المقيد. 
وجاء عن الحسن البصري أن رجلا جاءه فقال له يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي قال : أذبه بالذكر. وجاء عن بعض السلف قال: ذكر الناس داء وذكر الله عز وجل دواء ". وقال بعض العلماء : لو أن رجلين في مستوى واحد من الصلاح والتقوى فأردت ان تقتدي بأحدهما قال: فاقتدي بالذي بأكثرهم ذكرًا لله عز وجل .

وقال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى :في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى". وأنا أنصح بكتابه الرائع" الوابل الصيب لرفع الكلم الطيب "فهو كتاب جيد لمن أراد أن يعرف أذكار ويرغب في الذكر يكون لسانه رطبا من ذكر الله عز وجل ، وأعظم ذكر الله عز وجل تلاوة القرآن وتدبره والعمل به.

  • الخلق السادس: تقواه وصلاحه في نفسه وهذه من أخلاق الصالحين الأوائل :

والتقوى والصلاح من أكبر الأمور الدالة على تدين العبد والتقوى جماعها فعل الأوامر وترك النواهي ، وجاء في تعريفها عن السلف أقوال منها: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال في قوله تعالى -:{ يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} 

   قال رضي الله عنه :"هي أن يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر ". 
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه سئل : عن التقوى ؟قال :"هي العمل بالتنزيل والخوف من الجليل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل". 

  وجاء عن طلق بن حبيب رحمة الله تعالى عليه أنه قال:" إذا وقعت الفتنة فاطفئوها بالتقوى .قالوا وما التقوى ؟قال :"هي العمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله عز وجل وتترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله عز وجل"قال العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى عن تعريف طلق للتقوى : وهذا أحسن ما قيل في حد التقوى.

   
    والصلاح أو الرجل الصالح كما عرفه العلماء قالوا: هو القائم بحقوق الله وحقوق العباد".فمن أدى حق الله عز وجل بأداء فرائضه وأحل الحلال وحرم الحرام فقد أدى حق الله تعالى عليه وأيضا: من عامل الناس بما يحب أن يعاملون وأحب للمسلمين ما يحب لنفسه وكره لهم ما يكره لنفسه ولم يظلمهم وأدى لهم حقوقهم من الصلة فهذا هو الصالح-:{ والله يتولى الصالحين} 

    وليحذر الإنسان أن تنتفي عنه صفة الصلاح وقد جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:" إن من أشراط الساعة ذهاب الصالحين".أو كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم.

وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم:"يذهب الصالحون الأول فالأول حتى تبقى حثالة من الناس كحثالة الشعير أو التمر لا يباليهم الله بالة". فالصالحون في آخر الزمان قليل والقابض على دينه كالقابض على الجمر وهي أيام الصبر. فنسأل الله تعالى الثبات والاستقامة.
       وغيرها من الأخلاق الحسنة التي جاء بها الإسلام مثل: الصدق والوفاء والشجاعة والكرم والسخاء وطهارة النفس من الرذائل كالكذب و الغيبة والنميمة والاستهزاء والسخرية واللغو وكلام الباطل والسب والشتم واللعن.

      وأيضا :صفاء القلب من الأمراض المذمومة كالتعلق بغير الله تعالى وهو نوع من الشرك و نقاؤه من الحسد والحقد والغش والشبهة والشهوة ومحبة العاجلة وغير ذلك من الأخلاق التي فيها الثواب والأجر والتقوى والصلاح وتوجب رضى الله سبحانه في الدنيا والآخرة. وكل هذه صفات وأخلاق أهل الدين والتدين الحقيقي والله المستعان ، وبالله التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

فنسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصالحين المهتدين وأن نلقى الله سبحانه غير خزايا و لا نادمين ولا مبدلين ولا مغيرين ولا مفتونين وأن يدخلنا جنته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. واقرأ أيضا:ظاهرة الحسد وانظر أيضا:حسن الخلق الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين والحمد لله بمنه وكرمه.

                وكتبه

           أبو عبد الله 

          صابر ترزي

    العنابي الجزائري

 صبيحة الثلاثاء 6 محرم سنة 1442من الهجرةوالموافق ل25 أوت سنة 2020م

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

39

متابعين

2

متابعهم

3

مقالات مشابة