
تفسير القرآن الكريم-خواطر الدكتور مصطفي صيام حول سورة البقرة الآيات(23-24)
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (24)سورة البقرة
الخطاب في هذة الآيات الكريمة لكل كافر ومنافق حتي قيام الساعة، والريب هو الشك ، يقول الحق سبحانه وتعالي : وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ، أي كيف ترتابون في أن القرآن هو كلام الله ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب، ولم يُعرف بالبلاغة والشعر بينكم ، كيف ترتابون في أن القرآن هو كلام الله؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكذب أبداً ولم يُعرف عنه كَذِبٌ، قبل تكليفه بالرسالة، بل كنتم تلقبونه بالصادق الأمين، كيف ترتابون في أن القرآن هو كلام الله ، وفي نفس الوقت تقولون: لَوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآن على رَجُلٍ مِّنَ القريتين عَظِيمٍ ، أي لو نزل هذا القرآن على سيد من سادة قريش ، لآمنا بهذا القرآن ، إنكم لم تجدوا حُجة تواجهون بها القرآن، فزعمتم أن محمد ساحر، وزعمتم أنه مجنون، وزعمتم أنه شاعر، لقد لَبِثْ محمداً فِيكُمْ عُمُرًا قبل تكليفه بالرسالة أَفَلا تَعْقِلُونَ ، ثم يتحدي الحق سبحانه وتعالي الكافرين والمنافقين قائلاً : إن كنتم صادقين فى زعمكم أن القرآن ليس كلام الله، فأتوا بسورة من مثله، وادعوا أهل البلاغة والفصاحة فيكم ، ليشهدوا لكم أنكم أتيتم بما يُماثل القرآن فى حِكمة معانيه، وحُسن بيانه، ثم يقول الحق سبحانه وتعالي : فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ، أي إذا ظهر عجزكم عن الإتيان بسورة واحدة من مثل ما جاء به القرآن الكريم ، فطهروا قلوبكم من الحقد والضلال والعناد ،وارجعوا إلي الله، لتتجنبوا غضبه وسخطه، ولتتجنبوا العذاب الأليم ، الذى أعده الله للكافرين، في نارالجحيم التى وقودها الناس والحجارة، والوقود هو ما يُلقى فى النار لإِضرامها، والحجارة هي الأصنام التي كان المشركون يعبدونها في الدنيا .