تفسير القرآن الكريم-خواطر  الدكتور مصطفي صيام حول سورة البقرة الآيات  25-26

تفسير القرآن الكريم-خواطر الدكتور مصطفي صيام حول سورة البقرة الآيات 25-26

0 المراجعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

  وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)سورة البقرة

الجَنَّة هي دار الثواب فى الآخرة، وهى سبع درجات: جنة الفردوس، وجنة عدن، وجنة النعيم، ودار الخلد، وجنة المأوى، ودار السلام، وعليون، والأمر في قوله سبحانه وتعالى: وَبَشِّرِ، مُوجه للرسول صلي اللَّهُ عليه وسلم، ولكل داعية، يأتي من بعده حتي قيام الساعة، والبُشرى في هذة الآية الكريمة هي إعلام بخير قادم للمؤمنين، يقول الحق سبحانه وتعالى: يا أيها النبي بَشِّرِ الذين آمنوا باللَّهُ ورسله وكتبه واليوم الآخر ، وعملوا الأعمال الصالحة الطيبة، بشّرْهم يا أيها النبي بما يسرهم ويشرح صدروهم، لقد أعدّ الله لهم جنات، فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر علي قلب بشر، جنات تتخللها الأنهار الجارية، تنساب تحت قصورها، وفي الجنة يجد المؤمن كل ما لذ وطاب أمامه، بمُجرد أن يخطر علي باله ، وينظر أهل الجنة إلي أي ثمرة من ثمار الفاكهة، ويقولون : ربما تكون هذه الثمرة هي ثمرة كذا أو كذا التي أكلناها في الدنيا، ولكننا لم نذق طعماً لشيء، أحلي مما في أيدينا الأن ، ثم يقول الحق سبحانه وتعالى: وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ، أي سينعم أهل الجنة بزوجات خيرات حسان، قاصرات الطَّرْفِ،أي لا تنظرالزوجة إلى أحدِ غير زوجها ، زوجات مُطهرة من كل ما كان الزوج يكرهه في الدنيا، ويُطمئن الحق سبحانه وتعالى أهل الجنة، بأنهم خالدون فيها ابداً، لأن النعمة كلما كانت أعظم ،كان الخوف من إنقطاعها أعظم وقعاً في القلب .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26) سورة البقرة

نزلت هذة الآية الكريمة رداً علي إستنكار الجهلة والسفهاء وأهل الضلال والعناد، أن يكون الذباب والعنكبوت من الأشياء التي يُضرب بها المثل في القرآن الكريم ، فقد قال الحق سبحانه وتعالي في سورة الحج : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) ،وقال الحق سبحانه وتعالي أيضا في سورة العنكبوت : مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)، هكذا استخفّ الذين في قلوبهم مرض، بالأمثال التي يضربها اللّه، ويتخذ مادتها من مخلوقات ضئيلة من خلقه، يقول الحق سبحانه وتعالي : إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا، أي إن اللّه لا يستحيى من بيان الحق لعباده ، بأى مثلِ يُريده ، سواء كان هذا المثل بعوضة أو ما هو أحقر منها ، فللّه سبحانه وتعالي أن يضرب المثل بأيّ من مخلوقاته، وأن يُقيم منه شاهداً لما يُريد، فأما الذين آمنوا فيستقبلون هذا المثل على أنه كلام الله و يستقبلونه بمنطق الإيمان بالله سواء عرفوا الحكمة أو لم يعلموها، وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فيقولون في استهزاء واستنكار: مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا ، أي ما مُراد الله مِن ضَرْب المثل بهذه الحشرات الحقيرة؟ ، فيُجيبهم الحق سبحانه وتعالي قائلاً : يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا، أي إن المُراد مِن ضَرْب المثل هو إختبار البشر ليكون إختيار كل إنسان حُجْة عليه أو حُجْة له يوم القيامة، وليكون المستهزئون المصرون علي الكفر، أحقاء بأن يختم اللّه علي قلوبهم ،ويتركهم يتخبطون في ظلمات الجهل والضلال في حياتهم الدنيا، وليكون الذين آمنوا واستقبلوا كلام الله بمنطق الإيمان بالله، سواء عرفوا الحكمة أو لم يعلموها، أحقاء بأن يوفقهم اللّه إلي طريق الرشاد في حياتهم الدنيا، ثم يقول الحق سبحانه وتعالي : وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ، أي إن الله سبحانه وتعالي قد صرف عنايته عن الْفَاسِقِينَ ، ووكلهم إلى أنفسهم ، بعد أن طردهم من رحمته

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

11

متابعين

1

متابعهم

1

مقالات مشابة