تميم الداري و جزيرة الدجال
المقدمة
لا عجب أن تروي لنا كتب التاريخ أغرب ما سمعنا من روايات تذهب بنا مباشرة إلى عالم الخيال ، من يدري ؟!لكل عصرٍ و زمنٍ أسراره ، قد نؤيد أو نعارض ، و لكن الجدل سيظل جدلاً ؛ حتى يظهر دليلٌ يقطعه بيقين .
فما بين حدث ام لم يحدث ، قصص لا ضرر من سماعها ، أعزائي القُراء ، قصتنا اليوم حول رحلة غريبة ، رحلت سُرِدت في حديث شهير ذكره عديد من علماء المسلمين ، رحلة حطت رحالها في جزيرة لتبدأ معها الغرائب و العجائب ، و أثارت الجدل بين مؤيد و معارض في أوساط المراجع الإسلامية ، رحلة تميم الداري إلى جزيرة الدجال
قصة اليوم رحلة قام بها تميم الداري لجزيرة نائية ، و بحسب ما رويَّ ؛ فقد التقى بأكثر الشخصيات غموضاً عبر كل العصور “ المسيح الدجال "
و لكن في البداية
من هو تميم الداري ؟
هو تميم بن أوس بن خارجة بن سود بن جذيمة بن ذراع بن عدي بن الدار بن هانئ بن حبيب بن نمارة بن لخم من بني الدار من قبيلة لخم ، يُكنى ب"أبي رقية" ،كان تميم نصرانيًا و لكنه اسلم و بايع في السنة التاسعة هجريًا ، سكن المدينة بعد إسلامه ثم خرج منها إلى الشام بعد وفاة الخليفة الثالث عثمان بن عفان
رحلة تميم الداري لجزيرة الدجال
هذه الرحلة وردت في حديث الجساسة الذي نُقل إلينا على لسان فاطمة بنت قيس ، هذا الحديث ورد في أغلب الكتب التي تناولت الأحاديث النبوية ، و قد حدَّث تميم نبينا الكريم بما رآه في إحدى رحلاته ليسرد القصة نبينا الاكرم على المسلمين في إحدى اجتماعاتهم في المسجد النبوي
فتبدأ القصة بأن تميم الداري كان في رحلة مع 30 رجلًاةمن رجال عرب لخم و جذام على متن سفينة في عرض البحر ، فبغيوا في البحر شهراً يتلاعب الموج بهم ، حتى رماهم الموج على جزيرة نائية ، نزل تميم و من معه إلى الجزيرة ، فقابلتهم دابة ضخمة ، كثيفة الشعر ، لدرجة أنهم لم يستطيعوا تبيان مقدمتها من مؤخرتها ، سأل الرجال الدابة عن ماهيتها ، فأخبرتهم أنها الجساسة ، فسألوها و ما الجساسة ، إلا أنها لم تجبهم ؛ بل أخبرتهم أن ينطلقوا إلى الدير القديم في الجزيرة ، و فيه رجل ينتظرهم أن يخبروه بما يريد أن يسمع ، فزع تميم و من معه من الدابة ، و أخذوا يظنون أنها من الجن أو الشياطين ، فانطلق الرجال للدير و دخلوه ليصادفهم أيضاً مشهد غريب ، حيث وجدوا إنساناً عظيم الخلقة ، مشدود بوثاق يجمع يديه إلى عنقه ، و بين ركبتيه لكعبيه بالحديد ، سأله الرجال من يكون ، فسألهم هو بدوره عن هويتهم ، فأخبروه أنهم من العرب و قد تاهوا في البحر لشهر حتى رسوا على الجزيرة ، و أخبروه بلقائهم مع الجساسة ، فبدأ بإلقاء الاسئلة عليهم ، و كان أول سؤال هو :
عن نخل بيسان إن كان مازال يثمر : فأجابوه نعم
فأخبرهم أنه سيوشك على ألا يثمر
و كان ثاني سؤال هو :
سألهم عن بحيرة طبرية إن كان فيها ماء : فأجابوه نعم
فأنبأهم بأن البحيرة سوف تجف
و كان ثالث سؤال :
سألهم عن عين تسمى عين زغر و هي عين تقع بجانب بحيرة طبرية ما إن كان بالعين ماء و إن كان أهل السكان المقيمين حولها يزرعون و يسقون زرعهم بهذا الماء : فأجابوه نعم
إلا أنه لم ينبئهم بمصير هذه العين
حتى وصل الرجل المقيد للسؤال الأبرز و الاهم ، سألهم عن نبي الأميين ، ليخبروه بأنه ظهر على العرب و اطاعوه فأخبرهم بأنهم خير لهم بأن يطيعوا هذا النبي و يؤمنوا بدعوته ، عند ذلك أخبرهم الرجل بهويته ، أخبرهم أنه المسيح ، و المقصود هنا ليس المسيح عيسى ابن مريم ، بل المسيح الدجال ، و سُميَّ بالمسيح لأنه يمسح الأرض في أيام قليلة أو لأنه ممسوح العين اليسرى كأنها لم تُخلق ، أخبرهم بأنه سيؤذن له بالخروج ، و عند خروجه سوف يسير في الأرض و يدخل اغلب القرى و المدن ، و عند دخوله اي مكان سيحيله خراباً و يهبطها في 40 يوماً ، ماعدا مدينتين (مكة و المدينة ) ، فهما محرمتان عليه ، و أخبرهم أنه كل مرة يحاول دخول إحدى المدينتين منعه أحد الملائكة المكلفين بحراستها و قطع عليه الطريق بسيف عظيم .
و عند انتهاء تميم من سرد ما حصل مع الدجال لرسول الله ؛ أخبر الرسول الناس بالمسجد أن ما أخبره تميم الداري له يوافق ما قاله رسول الله لهم حتى قبل أن يلتقي بتميم و حتى قبل أن يُسلم تميم ، و وافق الناس رسول الله على ذلك ، و قد أوضح رسول الله إن الدجال سيخرج من بحر الشام او بحر اليمن ، ليعود و يؤكد أنه سيخرج من ناحية المشرق
وفاة تميم الداري
توفيَّ تميم الداري بالشام سنة 40 هجريا و دفن في بيت جبرين بفلسطين