
الرضا بالقضاء والقدر: مفتاح الطمأنينة والسكينة
الرضا بالقضاء والقدر: مفتاح الطمأنينة والسكينة
🟨 مقدمة
في عالم يمتلئ بالضغوطات والتحديات، يبحث الإنسان عن السكينة والطمأنينة. ومن أعظم أسرار راحة القلب وسعادة النفس: الرضا بقضاء الله وقدره. فالمؤمن الحق يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه. فما هو معنى الرضا بالقدر؟ وكيف نصل إليه؟ هذا ما سنعرفه سويًا.
---
🟨 أولًا: ما هو القضاء والقدر؟
القضاء هو حكم الله الأزلي في خلقه، أما القدر فهو ما قدّره الله في سابق علمه، مما سيكون في المستقبل.
وكل ما يجري في هذا الكون هو بقدر الله، كما قال تعالى:
"إنا كل شيء خلقناه بقدر" [القمر: 49]
---
🟨 ثانيًا: درجات الإيمان بالقدر
الإيمان بالقدر له أربع مراتب يجب على كل مسلم أن يُدركها:
1. العلم: الإيمان بأن الله يعلم كل شيء قبل أن يقع.
2. الكتابة: أن الله كتب مقادير كل شيء في اللوح المحفوظ.
3. المشيئة: لا يحدث شيء إلا بإرادة الله ومشيئته.
4. الخلق: الله خلق كل شيء، ومنه أفعال العباد.
---
🟨 ثالثًا: الفرق بين الرضا والتسليم
التسليم هو قبول ما كتبه الله ولو بالقلب فقط.
الرضا هو القبول بالقلب والجوارح، مع الطمأنينة والرضا النفسي بما قدّره الله.
وقد قال ابن القيم: “الرضا باب الله الأعظم، ومستراح العابدين، وجنة الدنيا.”
---
🟨 رابعًا: آثار الرضا بالقدر في حياة المسلم
✅ 1. راحة البال
الرضا يطفئ نيران القلق والاعتراض، ويُشعر الإنسان بالأمان، لأنه يعلم أن الله لا يختار لعبده إلا الخير.
✅ 2. الثبات وقت الابتلاء
المؤمن الذي يرضى بقضاء الله، يواجه المصائب بثقة ويقين، ولا ينهار تحت الضغوط.
✅ 3. التقرب إلى الله
الرضا عبادة قلبية عظيمة، تقرّب العبد من ربه، وتُثمر محبته وتوفيقه.
✅ 4. النجاح في الدنيا والآخرة
قال تعالى:
"رضي الله عنهم ورضوا عنه" [المائدة: 119]
فالرضا طريق إلى رضا الله، ورضا الله هو مفتاح الجنة.
---
🟨 خامسًا: كيف نُحقّق الرضا في حياتنا؟
زيادة الإيمان: فكلما زاد يقينك بالله، زاد رضاك بقضائه.
كثرة الذكر والدعاء: فالذكر يُطمئن القلب، والدعاء يفتح أبواب الفرج.
قراءة سيرة الأنبياء: سترى كيف ابتُلي أحب خلق الله وهم صابرون راضون.
النظر إلى من هم أقل: كما قال النبي ﷺ:
"انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم." (رواه مسلم)
---
🟨 سادسًا: نماذج واقعية من الرضا
أيوب عليه السلام: صبر على المرض والفقر والابتلاء، حتى رفع الله عنه البلاء.
أم سلمة: لما تُوفي زوجها، قالت دعاء الرضا:
"اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها"، فرزقها الله الزواج من النبي ﷺ.
---
🟨 خاتمة
الرضا بالقدر ليس ضعفًا ولا استسلامًا، بل هو قمة القوة والثقة في الله. فمن رضي، رضي الله عنه، ومن سخط، فعليه السخط. فلنسعَ جميعًا لنزرع في قلوبنا هذا الإيمان العظيم، حتى نعيش مطمئنين في الدنيا، فائزين في الآخرة.