الصحابي الذي صارع الأسد وقتله
قصة الصحابي الذي صارع أسدًا وقتله
يزخر التاريخ الإسلامي بالكثير من بطولات الشجعان التي كانت ومازالت فخر المسلمين ، ولقد أفني صحابة رسول الله حياتهم لإعلاء راية الإسلام خفاقة ، ولم يكونوا يهابون الموت أبدًا في سبيل أن ينالوا الشهادة ومن هوؤلاء الصحابي الذي صارع أسدًا وقتله ، وهنا نتحدث عن صحابي جليل لقب بالمرقال ، والمرقال كلمة تطلق على من يسرع في الحرب ويضرب الأعداء ، وهو الصحابي الشجاع هاشم بن عتبة ابن أبي وقاص ، وهو ابن أخي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهم أجمعين .
أسلم الصحابي الجليل يوم فتح مكة ومن يومها كان غيورًا على الإسلام حاميًا له مقاتلًا بارعًا لا يشق له غبار ، وكان من أسرع الفرسان في اللحاق بالأعداء وقتالهم ، لا ينتظر عدوه ولكن يعدو إلى عدوه ليقاتله فكان يرقل إلى الحرب ولذلك لقب بالمرقال ، وبعد أن توفي رسول الله صلّ الله عليه وسلم قاتل مع سيدنا أبو بكر رضي الله عنه ضد المرتدين .
ولقد روى هاشم بن عتبة رضي الله عنه بعض الأحاديث عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم ومنها : عن جابر بن سمرة عن هاشم بن عتبة أنه بقول لقد سمعت رسول الله صلّ الله عليه وسلم يقول : (يظهر المسلمون على جزيرة العرب وعلى فارس والروم وعلى الأعور الدجال) ، كما شارك هذا الصحابي الجليل في معركة اليرموك وقد فقد عينه اليمنى يومها .
ولم يثنيه هذا عن القتال ضد الكفار وشارك في معركة القادسية أيضًا وأبلى بها بلاءً حسنًا ، وكان مؤيدًا لسيدنا علي رضي الله عنه عندما حدثت الفتنة بين المسلمين ، ولما خرج سيدنا سعد بن أبي وقاص لقتال الفرس خرج معه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وقد أظهر شجاعة منقطة النظير حيث كان حاكم الفرس يمتلك أسدًا مدربًا على القتال .
وعندما اصطف الجيشان أطلق الفرس الأسد ليرهب المسلمين وانطلق الأسد بالفعل ليقتل المسلمين فأصابهم الذعر ، وإذا بهاشم المرقال يخرج مسرعًا لكي يصارع الأسد ، فالتقى البطل الصنديد بالأسد وعندما ارتفع الأسد ليهجم عليه نزل البطل على رجليه وطعنه في رقبته ، ثم سحب سيفه وطعنه عدة طعنات أخرى في مشهد رائع لبطل جسور لا يهاب الموت .
وتعجب الفرس من هذا الرجل الذي لا يخاف الأسد ودب فيهم الرعب ، وانقلب السحر على الساحر حين احتدم القتال وكان هاشم في مقدمة الصفوف يقاتل بجسارة وهو يردد قول الله تعالى : {أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ} {سورة إبراهيم ، الآية رقم 44} ، وبعد أن انتصر جيش المسلمين على الفرس وتكريمًا لما فعله هاشم ذهب إليه القائد سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه وقبل رأسه ، فانحنى هاشم وقبل يد القائد المسلم ثم قال لسعد بن أبي وقاص : {ما لمثلك أن يقبل رأسي} .
فصدق الشاعر الفيلسوف أبو العلاء المعري حين قال في خصال الشجعان :
وجدتُكَ أعطيتَ الشجاعةَ حقّها *** غداةَ لقيتَ الموتَ غيرَ هَيوبِ
إذا قُرِنَ الظنُّ المصيبُ، من الفتى *** بتجربةٍ، جاءا بعلمِ غيوب
وإنّكَ إن أهديتَ لي عيبَ واحدٍ *** جديرٌ إلى غيري بنقل عيوبي
وإنّ جيوبَ السردِ من سُبُلِ الرّدى *** إذا لم يكن، من تحتُ، نُصح جيوب
ولم تقف معارك هذا الفارس الشجاع عند هذا الحد ، فقد قاتل يوم صفين مع سيدنا علي بن أبي طالب وأبلى بلاءً حسنًا ولكنه قتل يومها وقتل معه الصحابي الجليل عمار بن ياسر، ولقد بكى عليهم سيدنا علي بن أبي طالب و دفنهما بأرض المعركة ، ومكانها الآن في سوريا ، رحم الله الصحابي الجليل هاشم المرقال الذي كانت حياته كلها تضحيات وشجاعة ، فرحم الله صحابة رسول الله صلّ الله عليه وسلم الذين ضربوا أبلغ الأمثلة في التضحية والفداء .