تفسير آيات من سورة يوسف - الجزء الأول
نبدأ اليوم بإذن الله تفسير بعض آيات سورة يوسف، وهي الآيات من 7 إلى 18.(لَّقَدۡ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخۡوَتِهِۦٓ ءَايَٰتٞ لِّلسَّآئِلِينَ).
يخبر الله تعالى أن في قصة يوسف عليه السلام وإخوته عبرة وتذكرة لمن يدّكر.
(إِذۡ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٍ)
كان إخوة يوسف منزعجين وغاضبين من حب أبيهم -سيدنا يعقوب عليه السلام- الكبير ليوسف، وأبوا أن يكون يوسف أحب إلى أبيهم منهم وهو صغير السن.
(ٱقۡتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضٗا يَخۡلُ لَكُمۡ وَجۡهُ أَبِيكُمۡ وَتَكُونُواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ قَوۡمٗا صَٰلِحِينَ)
اتفق إخوة يوسف فيما بينهم وقرروا التخلص من يوسف عليه السلام، فاقترح أحدهم أن يضربوه حتى يقتلوه، وحينها لن يحب يعقوب عليه السلام سواهم.
(قَالَ قَآئِلٞ مِّنۡهُمۡ لَا تَقۡتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلۡقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّ يَلۡتَقِطۡهُ بَعۡضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ)
قال أحد الإخوة: لا تقتلوا يوسف، يمكننا إلقاؤه في بئر مظلمة فتأتي قافلة تريد الماء فيخرجوه منها ويأخذوه معهم وهكذا نتخلص منه.
(قَالُواْ يَٰٓأَبَانَا مَالَكَ لَا تَأۡمَ۬نَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُۥ لَنَٰصِحُون)
كان يعقوب عليه السلام يشعر بالريبة من إخوة يوسف خاصة بعد تلك الرؤيا التي رآها يوسف في منامه من أن الشمس والقمر سجدوا له، وشك أن إخوته يكيدون له كيدا. لهذا قال إخوة يوسف لأبيهم: لماذا لا تترك يوسف لنا؟ فنحن إخوته الكبار وناصحون له.َ
(أَرۡسِلۡهُ مَعَنَا غَدٗا يَرۡتَعۡ وَيَلۡعَبۡ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ)
طلبوا من أبيهم أن يسمح لهم بأخذ يوسف معهم ليلعب ويمرح متعهدين بالحفاظ عليه.
(قَالَ إِنِّي لَيَحۡزُنُنِيٓ أَن تَذۡهَبُواْ بِهِۦ وَأَخَافُ أَن يَأۡكُلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَأَنتُمۡ عَنۡهُ غَٰفِلُونَ)
خاف يعقوب على يوسف من إخوته وخشي أن يغفلوا عنه ويتركوه فيضيع ويأكله الذئب.
(قَالُواْ لَئِنۡ أَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّآ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ)
قالوا كيف يأكله الذئب ونحن راشدون؟ ستكون هذه وصمة عار في حقنا.
(فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِۦ وَأَجۡمَعُوٓاْ أَن يَجۡعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلۡجُبِّۚ)
خرج يوسف مع إخوته بدعوى اللعب واللهو، ولكنهم كانوا قد أضمروا في أنفسهم أن يغدروا به.
(وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمۡرِهِمۡ هَٰذَا وَهُمۡ لَا يَشۡعُرُونَ)
أوحى الله تعالى ليوسف أنهم سيخبرهم فيما بعد بفعلتهم هذه وأنهم لن يدركوا ذلك ولن يشعروا به.
(وَجَآءُوٓ أَبَاهُمۡ عِشَآءٗ يَبۡكُونَ)
ذهب إخوة يوسف وعادوا في الليل يبكون إلى أبيهم.
(قَالُواْ يَٰٓأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبۡنَا نَسۡتَبِقُ وَتَرَكۡنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَٰعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُۖ)
قالوا أنهم أقاموا بينهم سباقاً وتركوا يوسف ليحفظ أمتعتهم لهم، ولكن الذئب سبقهم إليه فأكله.
(وَمَآ أَنتَ بِمُؤۡمِنٖ لَّنَا وَلَوۡ كُنَّا صَٰدِقِين)
ولكنك لن تصدقنا مهما قلنا لك.َ
(وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ)
أحضر إخوة يوسف -كدليل على روايتهم لما حدث- قميص يوسف -وكانوا قد نزعوه منه قبل أن يلقوا به في البئر. كان القميص ملطخاً بالدماء وقالوا أنها دماء يوسف. ولكنه كان كذباً، وقد عرف سيدنا يعقوب ذلك أول ما رأى القميص لأنه لم يكن ممزقاً، وكيف لذئب أن يفترس طفلاً دون أن تتمزق ثيابه.
(قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ)
فقال لهم كذبتم، لقد أضمرتم وخططتم لفعل سوء بيوسف. ولكني سأصبر وأطلب من الله أن يعينني على ما فعلتم.