الإمام ابن جرير الطبري !!!

الإمام ابن جرير الطبري !!!

0 reviews

إمام الأئمة وشيخ الأمة، ورائد علم التفسير والتاريخ، وأكبر علماء الإسلام تأليفا وتصنيفا، الإمام الكبير أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري، المولود سنة 224هـ بمدينة آمل عاصمة طبرستان، وكان أبوه حالفا ان يتعلم فأفرغه للعلم،، فخرج ابن جرير لطلب العلم سنة 240هـ، فرحل إلى بغداد ومكث بها عشر سنوات سمع خلالها من شيوخها وعلمائها، ولكنه لم يجتمع مع الإمام أحمد بن حنبل لأنه كان وقتها في مرضه الأخير، وتعلم الطبري على الشافعي حتى أصبح من كبار الشافعية، ثم أصبح مجتهدا مطلقا .

انتقل ابن جرير من بغداد إلى الشام لسماع الحديث وأخذ المعلومات من علمائها الأصليين ومن الشام إلى مصر وهناك تعرض هو وزملاؤه لازمه شديده جعلتهم يبقون ثلاثة أيام بلا طعام، ثم حدثت معجزه كبيرة لهم، عندما أرسل الله عز وجل ملكا من عنده ليخبر حاكم مصر وقتها أحمد بن طولون بحالهم، فأرسل إليهم بمئونة كافية، وبعد رحلة علمية طويلة عاد ابن جرير وعاش ببغداد بعد أن أذن له أبوه بذلك.

أما عن إنجازاته العلمية ومصنفاته التي تعتبر الأكبر والأعمق  في تاريخ الإسلام، فإن الطبري يعتبر رائد مدرستي التفسير والتاريخ، على الرغم من وجود الكثير ممن سبقه في علم التاريخ والتفسير أيضا ، إلا إن الطبري كان صاحب مدرسة فريدة وجديدة، فكتابه الأشهر تاريخ الرسل والملوك يعتبر الأفضل في باب التاريخ، والذي يعتمد فيه على المنهج السردي والتحليلي للأحداث، كما إن كتابه في التفسير يعتبر فاتحة كتب مدرسة التفسير بالمأثور، حتى قال فيه الفقيه الإمام الإسفراييني لو سافر رجل إلى الصين حتى ينظر في كتاب تفسير ابن جرير لم يكن ذلك كثيرا، كما كان لابن جرير مؤلفات في الفقه والحديث والأصول، وكان له همة عجيبة في كتابة العلم والتأليف، حتى قيل عنه إنه مكث أربعين سنة يكتب في كل يوم أربعين ورقة، ومن شدة اهتمامه بالعلم تحصيلا وتدريسا وتصنيفا لم يتزوج قط طوال حياته، فكما قلنا فلقد حلف أباه بان يجعل حياته للعلم .

كان ابن جرير شأنه كشأن العلماء الربانيين، الذين لا يبتغون بعلمهم إلا وجه الله، فلقد كان زاهدا ورعا منقبضا عن الدنيا والمناصب و السلاطين والخلفاء، وكان الخلفاء والوزراء يعطونه الأموال  وهو لا يقبلها رغم حاجته الشديدة التي كانت تدفعه في بعض الأحيان لبيع ملابسه، ولكنه على درب الصالحين لا حاجة له عند أمراء الدنيا وأهلها.

ولقد تعرض ابن جرير الطبري لمحنة شديدة في أواخر حياته بسبب التعصب المذموم والتقليد المذهبي الأعمى، فلقد وقعت فتن و مشادات بين ابن جرير الطبري ورأس الحنابلة في بغداد أبي بكر بن داود أفضت إلى اضطهاد الحنابلة لابن جرير، وكان المذهب الحنبلي في هذه الفترة هو المسيطر على العراق عامة وبغداد خاصة، وتعصب العوام على ابن جرير ورموه بالتشيع وغالوا في ذلك، وهو بريء مما يقولون ، حتى منعوا الناس من الاقتراب به، وخلطوا بينه وبين أحد علماء الشيعة واسمه متشابه مع ابن جرير، وهو محمد بن جرير بن رستم وكنيته أيضا أبو جعفر، ولقد نبه العلامه الذهبي على هذا الخلط في تاريخه وفي كتابه القيم سير أعلام النبلاء، فذكر ترجمة ابن جرير بن رستم مباشرة بعد ترجمة ابن جرير الطبري، للتمييز بين الرجلين، وهذه المحنة واحدة من سلسلة طويلة من المحن التي وقعت للعلماء بسبب التعصب والجهل.

ولقد ظل ابن جرير محاصرا في بيته حتى توفي رحمه الله في 27 شوال سنة 310هـ، ولم يستطيعوا أن يخرجوه من داره فدفنوه بها وظل الكثير من الناس يصلون عليه وذلك لعدة شهور، فرحمه الله رحمة واسعة.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
HA

articles

3

followers

1

followings

2

similar articles