سيدنا يونس عليه السلام: قصة الصبر والتوبة

سيدنا يونس عليه السلام: قصة الصبر والتوبة

1 reviews

سيدنا يونس عليه السلام، نبي من أنبياء الله الذين بعثهم الله لهداية قومهم ودعوتهم لعبادة الله وحده. تميزت قصته بعمق الدروس والعبر، خصوصًا في مجال الصبر والتوبة، وهي قصة تحمل في طياتها معانٍ عظيمة يمكن لكل مؤمن أن يتعلم منها.

دعوة يونس عليه السلام لقومه

بعث الله تعالى سيدنا يونس عليه السلام إلى أهل نينوى، وهي مدينة كبيرة تقع في العراق اليوم. كان أهل نينوى مشركين يعبدون الأصنام ويمارسون الكفر، فدعاهم يونس عليه السلام إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام. ومع ذلك، لم يستجيبوا لدعوته واستمروا في عنادهم وكفرهم.

لم يصبر يونس عليه السلام على قومه، فغضب وقرر أن يتركهم دون إذن من الله، وظن أن الله لن يضيق عليه بسبب ذلك. خرج يونس من نينوى وركب سفينة مبحرة في البحر. 

قال الله تعالي:"وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ" (الصافات: 139-141).

سيدنا يونس علي السلام في بطن الحوت

بعدما ترك يونس عليه السلام قومه، واجه السفينة عاصفة شديدة كادت أن تغرق السفينة، فقرر الركاب إلقاء أحدهم في البحر لتخفيف الحمل. تم إجراء قرعة ثلاث مرات، وفي كل مرة كانت القرعة تقع على يونس عليه السلام. أُلقي يونس في البحر، فأمر الله حوتًا كبيرًا أن يبتلعه، فكان يونس في ظلمات بطن الحوت، لا يرى نور الشمس ولا يشعر بالأمان.

في بطن الحوت، أدرك يونس عليه السلام خطأه وأنه استعجل في ترك قومه قبل أن يأذن الله له بذلك. فتاب إلى الله واستغفره، ورفع صوته بالدعاء المشهور الذي أصبح رمزًا للتوبة واللجوء إلى الله في أوقات الشدة:

"فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ أَن لَّآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبْحَٰنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ" (الأنبياء: 87).

نجاة يونس عليه السلام وعودته إلى قومه

استجاب الله دعاء يونس عليه السلام وأمر الحوت أن يقذفه إلى الساحل. نجى يونس بأمر الله ووجد نفسه على شاطئ البحر، ضعيفًا مرهقًا، فأنبت الله له شجرة من يقطين لتظله وتوفر له الغذاء. 

قال الله تعالى:"فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ" (الصافات: 145-146).

بعد أن استعاد يونس عافيته، أمره الله بالعودة إلى قومه، فعاد إليهم ووجدهم قد تابوا وعبدوا الله بعدما رأوا علامات غضب الله عليهم. فقبل الله توبتهم ورفع عنهم العذاب. 

قال الله تعالى:"فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَٰنُهَآ إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ ءَامَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْيِ فِي ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَٰهُمْ إِلَىٰ حِينٍ" (يونس: 98).

الدروس والعبر من قصة يونس عليه السلام

قصة سيدنا يونس عليه السلام تحمل العديد من الدروس المهمة التي يمكن لكل مؤمن أن يتعلم منها:

١_الصبر على الدعوة: يجب على الداعية أن يصبر على قومه، حتى في أشد اللحظات، وأن يثق بالله وبأن الهداية تأتي من عنده.

٢_التوبة والاعتراف بالخطأ: يجب على المؤمن أن يعترف بأخطائه ويلجأ إلى الله بالتوبة الصادقة.

٣_قدرة الله على النجاة: إن الله قادر على نجاة عباده حتى في أحلك الظروف، كما نجى يونس عليه السلام من بطن الحوت.

 

هذه القصة تحمل في طياتها رسالة عظيمة عن الصبر والتوبة والرجوع إلى الله في كل الظروف، وتظل قصة يونس عليه السلام نموذجًا يحتذى به لكل مؤمن.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

8

followers

3

followings

0

similar articles