قصة الصحابي شارب الخمر

قصة الصحابي شارب الخمر

12 reviews

                                بسم الله الرحمان الرحيم 

قصة الصحابي شارب الخمر:

                                            (المقدمة)

لا ينبغي أبدا أن تحول المعصية بين العبد وبين خدمة الدين ، وهنا نتكلم عن الصحابي أبو محجن الثقفي وهو فارس عربي من بني ثقيف ولد بالطائف ، وقد أسلم حين أسلمت ثقيف في السنة التاسعة من الهجرة ، كان أبو محجن من أولي البأس ومن أشجع الفرسان وكان شاعرا مطبوعا ، إلا أنه كان منهمكا بشرب الخمر بل أنه أوصي ولده في الجاهلية قائلا :

إذا مت فادفني بجوار كرمة ، والكرمة هي شجرة العنب  فإنها تروي عظامي بعد موتي عروقها ، ولا تدفني في الفلاة فإنني أخاف إذا مت أن لا أذوقها ، وبعد إسلامه كان يقع في شرب الخمر ويتم جلده مرارا وتكرارا .

ففي عهد الخليفة أبو بكر تم جلده وفي عهد عمر بن الخطاب تم جلده أيضا كما نفي إلى جزيرة بالبحر وبعث معه رجل ولكنه هرب منه ، وعندما خرج المسلمون لقتال الفرس في معركة القادسية ، خرج معهم أبو محجن وحمل زاده وبالطبع لم ينسى أن يحمل معه زجاجة الخمر .

ولما وصل جيش المسلمين وطلب قائد الفرس رستم مقابلة سعد بن أبي وقاص ، وبدأت المراسلات بينهم عدة أيام ، اختبأ أبو محجن وشرب الخمر ورآه أحد الجنود ، فأخبر سعد بن أبي وقاص فغضب سيدنا سعد بن أبي وقاص لذلك غضبا شديدا .

وقال له سنعاقبك عقابا عظيما وهو أن نحرمك من المشاركة في هذه المعركة ، فقد كانت خدمة الدين لدى الصحابة هي أسمى أمانيهم فحزن أبو محجن لاستبعاده عن ساحة القتال حزنا شديدا ، وأخبر سعد أن يجلدوه أو يعاقبوه كيفما أرادوا ، ولكن لا يحرموه من المشاركة في تلك المعركة ، فأمر سعد بأن يتم جلده جزاء لشرب الخمر .

وبعد ذلك تم ربطة في خيمة وأغلق عليه ثم بدأ القتال ، ورميت النبال وتسابقت الحتوف وضربت السيوف وتصايح الأبطال وسكبت الدماء ، وأبو محجن يئن بقيده في هذه الخيمة  ، يتلفت ويريد أن يقوم من قيده ولكن دون جدوى ، بدأ يصيح وينادي بصوت عال فقد كان يريد خدمة هذا الدين ونيل الشهادة في سبيل الله ، وبدأ يقول :

كفي حزنا أن تدخل الخيل بالقني * وأترك مشدودا على وثاقيا

إذا قمت عناني الحديد وغلقت * مصاريع دوني تصم المنايا

يقطع قلبي حسرة أناري الوغى * ولا سامع صوتي ولا يرانيا

وأن أشهد الإسلام يدعو مغوثا * فلا أنجد الإسلام حين دعانيا

وقد كنت ذا مال كثير وإخوة * وقد تركوني واحدا لا أخي ليا

وأخذ ينادي بأعلى صوته إلي أن التفتت له زوجة القائد سعد ابن أبي وقاص ، وناشدها بأن تطلق سراحه ليشهد المعركة وأنشد تلك الأبيات قائلا :

سلمي دعيني أرو سيفي من العدا * فسيفي أضحي ويحة اليوم صاديا

دعيني أجل في ساحة الحرب جولة * تفرج من همي وتشفي فؤاديا

ولله عهد لا أحيف بعهدة * لئن فرجت أن لا ازور الحوانيا

وسألها أبو محجن أن تفك وثاقه وعاهدها إن عاش سوف يعود إلى محبسه ، وإن مات فهكذا يكونوا قد تخلصوا منه ، وأخذ يرجوها ويناشدها ففكت قيده وطلب منها فرس سعد بن أبي وقاص ، وكان يسمى البلقاء فلبس درعه وغطى وجهه ، ثم قفز على البلقاء ودخل إلى المعركة وصار يقتل في الكفار يمينا ويسارا ويقتحم صفوف الكفار بضراوة منقطعة النظير .

وأخذ المسلمون يتعجبون ويقولون من هذا الصحابي الملثم ؟ وقال بعضهم لعله مدد من عمر بن الخطاب ، وقال آخرون لعله ملك من السماء ،  وتعجب سعد ابن أبي وقاص أيضا من أمره فقد كان يشاهد المعركة من مكان عالي جدا ، ولم يدخل المعركة لأنه كانت بفخذيه قروح شديدة .

وظل يشاهد الفارس الملثم من بعيد ويتعجب ويقول : إن كر هذا الفرس هو كر البلقاء والضرب هو ضرب أبو محجن ، ولكن كيف وأبو محجن في الحبس والبلقاء في الحبس أيضا ، ظل الجميع مندهشين حتى انتهت المعركة وعاد الكفار إلى أماكنهم والمسلمون إلى أماكنهم  ، وعاد أبو محجن مسرعا إلى محبسه ووضع البلقاء في مكانها وربط نفسه كما كان

فلما أتى سعد بن أبي وقاص وتوجه إلى فرسه ، فإذا هي ترشح عرقا ، فتوجه إلى أبو محجن فإذا بأبو محجن تسيل جروحه دما ، فقال له سعد أقاتلت ؟ قال أبو محجن نعم قاتلت ، ولك علي عهد الله وميثاقه ألا اشرب الخمر أبدا .                                                 

                                                ( الخاتمة )

وفي النهاية  يضرب الله  بذلك أروع الأمثلة في الجهاد ، والرغبة في الموت في سبيل الله، رغم أن ذالك كانت شهوة له لا يقدر أن يتركها ولكن حب الجهاد والموت في سبيل الله جعله يترك هذه المعصية بدون تردد وعن يقين بالله تعالي ، وهذه القصة تأخذنا إلي قول الله عز وجل : [ يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ] صدق الله العظيم. ملخص القصة إنك أي ذنب إنت بتعمله لازم علي طول تتوب منه ، حتي لو  إنك تعمله تاني بس لازم تتوب عنه فورا ، واستغفر ربنا ، وإنشاء الله يأتي يوما لعله تكون ساعة الإستجاب ويتوب عنك الله مثل الصحابي أبو محجن الثقفي .

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

3

followers

14

followings

1

similar articles