قصة النبي إدريس عليه السلام

قصة النبي إدريس عليه السلام

0 reviews

 

قصة النبي إدريس عليه السلام

بعد وفاة آدم عليه السلام، تولى ابنه شيث الحكم في الأرض، حيث سعى لتحقيق العدل والخير. ومع ذلك، تفشى الفساد في السهول بين قوم قابيل ابن آدم، وازدادت الجرائم، بما في ذلك القتل. بدأوا يتقاتلون فيما بينهم، كما قاموا بقتل من يأتي إليهم من الجبال من بني آدم الآخرين، مما أدى إلى انتشار الفساد بشكل واسع.

أبناء آدم يختلطون بأبناء قابيل العصاة

يُروى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه عندما تلا قول الله عز وجل: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"، ذكر أن هناك بطنين من أبناء آدم، وهما قوم قابيل وأولاد آدم الذين بقوا معه. كان أحدهما يسكن السهول والآخر يسكن الجبال. وكان رجال الجبال يتمتعون بوجوه مشرقة، بينما كانت نساؤهم أقل جمالًا، في حين كانت نساء السهول جميلات ورجالهم أقل جاذبية. 

ثم جاء إبليس إلى أحد رجال السهول متجسدًا في صورة غلام، وعرض نفسه للعمل لديهم. بدأ هذا الغلام (إبليس) بتعليمهم المعازف والأغاني، فابتكر شيئًا يشبه الآلات التي يستخدمها الرعاة، وقدم صوتًا لم يسمعه الناس من قبل. ومع مرور الوقت، بدأ صدى الأغاني يصل إلى سكان الجبال، مما جعلهم يتجمعون للاستماع إليه، حتى اتخذوا من ذلك عيدًا يجتمعون فيه سنويًا.

في يوم العيد، تزينت النساء لجذب انتباه الرجال، مما أثار فضول جماعة الجبال الذين بدأوا يتأملون جمالهن. فاستغل بعض الرجال من الجبال هذه الفرصة وتسللوا نحو السهول. وفقًا لشريعة شيث ابن آدم، كان هناك تحريم للاختلاط بين أبناء وبنات قابيل. وفي تلك الأثناء، اقترب أحد رجال الجبال من النساء في عيدهن، ورأى جمالهن، فعاد ليخبر رفاقه، الذين بدورهم أبدوا رغبتهم في رؤية النساء. وهكذا، بدأوا يتجهون نحوهن، حيث كن متزينات في يوم العيد، مما أدى إلى ظهور الفاحشة، وهي الزنا، واعتبرت هذه بداية لهذه الفعلة.

يقول ابن عباس إن هذا هو تفسير قوله تعالى: "ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى". 

تتعلق هذه الآية ببعثة نبي الله إدريس عليه السلام. فقد انقسمت جماعة شيث وازدادت جماعة قابيل حتى جاء نبي الله إدريس، الذي يُعتبر أحد أحفاد شيث. وُلد إدريس في زمن آدم وعاش 120 سنة من حياة آدم. بعد وفاة آدم وشيث، اصطفى الله إدريس ليكون نبيًا ورسولًا.

يُعتبر نبي الله إدريس عليه السلام أول نبي بعد آدم وشيث عليهما السلام، وهو أول من استخدم القلم وعمّم الكتابة بين الناس.

أما عن وصف نبي الله إدريس

، فقد ذكر ابن كثير أنه كان طويل القامة، حسن الوجه، كثّ اللحية، وجميل الصفات. كان عريض المنكبين، ضخم العظام، قليل اللحم ونحيفًا، وذو عيون براقة وكحيلة. كان يتحدث بتأني، ويتميز بكثرة صمته وسكون أعضائه. عندما يمشي، يكون نظره موجهًا نحو الأرض، ويُظهر تفكيرًا عميقًا وتأملًا في ملكوت الله. كان يحمل في قلبه حزنًا، وعندما يشعر بالريبة، يظهر عليه الانفعال، ويستخدم أصابعه عند الحديث.

شريعة إدريس عليه السلام هي أول من شرع الجهاد. استمر إدريس عليه السلام في اتباع شريعة جده شيث، وكان يضيف إليها كونه رسولًا من الله. وعندما لاحظ انتشار الفساد واعتداء البعض على المؤمنين الصالحين، شرع الجهاد. لذا، يُعتبر إدريس أول من قاتل في سبيل الله وأول من غنم وسبى في هذا السياق.

أعد جيشًا مكونًا من الفرسان والمشاة، وشن هجومًا على قوم قابيل، حيث هزمهم وأسر منهم عددًا. وبدأت المعارك تتصاعد بين الحق والباطل، وبين الخير والشر.

أما عن وفاة إدريس عليه السلام،

 فلم يُذكر الكثير عنه، لكن الله أشار إليه في كتابه الكريم في سورة مريم، حيث قال: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا".

في الحديث الشريف، تُشير الروايات إلى أن روح إدريس قد قُبضت في السماء الرابعة بعد أن صعد مع أحد الملائكة.

وقد نقل ابن جرير في تفسير هذه الآية، حيث قال: حدثني يونس بن عبد الأعلى، أنبأنا ابن وهب، وأخبرني جرير بن حازم، عن سليمان الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف. وذكر أن ابن عباس سأل كعبًا، وأنا حاضر، فقال له: ما معنى قول الله - عز وجل - لإدريس: (ورفعناه مكانا عليا)؟ فأجاب كعب: إن الله أوحى إلى إدريس بأنه سيرفع له كل يوم مثل عمل جميع بني آدم، فأحب إدريس أن يزداد في عمله. فجاءه خليل له من الملائكة، فقال له: إن الله أوحى إلي بكذا وكذا، فاطلب من ملك الموت أن يؤخرني حتى أتمكن من زيادة عملي. فحمله الملك بين جناحيه وصعد به إلى السماء، وعندما وصل إلى السماء الرابعة، قابله ملك الموت في طريقه، فتحدث مع ملك الموت بشأن ما طلبه إدريس. فسأله ملك الموت: وأين إدريس؟ فأجابه: هو هنا على ظهري.

قال ملك الموت: "إنه لأمر عجيب! أُرسلت إليّ وأُخبرت أن أقبض روح إدريس في السماء الرابعة". فقلت في نفسي: "كيف يمكنني قبض روحه في السماء الرابعة وهو على الأرض؟" ولكنني قبضت روحه هناك.

وفيما يتعلق بوفاة إدريس عليه السلام،

 فقد توفي دون أن يُبعث نبي آخر، تاركًا البشر على شريعة شيث وإدريس وآدم. ومع مرور الوقت، انتشر الفساد بين الناس وبدأت مظاهر الفساد تتزايد، لكنهم ظلوا متمسكين بالتوحيد ولم تُعبد الأصنام بينهم. واستمروا على هذا التوحيد لمدة ألف سنة بعد وفاة آدم عليه السلام، كما ورد في قول الله عز وجل: "كان الناس أمة واحدة"، حتى بدأ الناس في عبادة الأصنام.

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

9

followings

0

followings

1

similar articles