
القلب في الإسلام♥️
القلــب في الإســلام: العــضو المنسي الذي يحدد المصيــر الأبدي
"إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب"
ــ حديث صحيح رواه البخاري ومسلم
1. مَكانة القَلْب في الإسلام: عضو لا يُرى، لكنه يقرِّر المصير
القلب في التصور الإسلامي ليس مجرد عضوٍ ماديٍّ يضخ الدم، بل هو مركز الإدراك والنية والتقوى، بل هو محل نظر الله إلى عباده.
قال رسول الله ﷺ:
"إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"
ــ رواه مسلم (2564)
وقد جعل الله النجاة يوم القيامة مرهونةً بسلامة القلب:
﴿ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
ــ سورة الشعراء، 88-89
القلب السليم: هو الذي خلص من الشرك، والنفاق، والحسد، والكبر، والرياء، وسائر أمراض القلوب.
2. أنواع القلوب في القرآن: ثلاثة لا رابع لها
القرآن الكريم صنّف قلوب الناس إلى ثلاث فئات رئيسية:
أ. قلبٌ سليم:
هو القلب الموحد، النقي من الأهواء.
مثال: قلب إبراهيم عليه السلام، كما وصفه الله:
> ﴿ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾
ــ سورة الصافات، 84
ب. قلبٌ مَيت:
مظلم بالكفر، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا.
قال تعالى:
﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ﴾
ــ سورة البقرة، 10
ج. قلبٌ مريض:
متردد بين الحق والباطل، خاضع للشهوات والفتن.
وهو الأخطر، لأنه يعيش في صراع دائم، وقد ينزلق إلى الهلاك إن لم يُعالج.
3. أمراض القلوب: القاتل الخفي
أمراض القلوب أخطر من أمراض الأبدان؛ لأنها تفسد علاقة العبد بربه وتحرمه من نور الإيمان.
أ. الرياء:
عبادة من أجل نظر الناس، وليس لله.
قال ﷺ: "أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر: الرياء"
ــ رواه أحمد وصححه الألباني
ب. الحسد:
تمني زوال نعمة الغير، وهو من صفات إبليس.
قال رسول الله ﷺ:
"إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب"
ــ رواه أبو داود وصححه الألباني
ج. الكِبْر:
رفض الحق واحتقار الناس.
قال ﷺ: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كِبْر"
ــ رواه مسلم (91)
4. علاج القلب: خمس خطوات نبوية عملية
1) الإخلاص:
تنقية النية في كل عبادة ومعاملة، ومجاهدة النفس على أن يكون العمل لله وحده.
2) الذكر والاستغفار:
القلب يصدأ كما يصدأ الحديد، ودواؤه الذكر.
قال ﷺ: "إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد، قيل: فما جلاؤها؟
قال: ذكر الله وتلاوة القرآن"
ــ رواه البيهقي وحسنه الألباني
3) تدبر القرآن:
القرآن هو دواء القلوب.
قال تعالى:
> ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾
ــ سورة الرعد، 28
4) صحبة الصالحين:
فهم مرآة القلب، والمجالس الصالحة تُطهّر النفس.
قال ﷺ:
"المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"
ــ رواه أبو داود والترمذي
5) التوبة الدائمة:
مهما سقطت، فارجع، ولا تيأس.
قال تعالى:
﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ﴾
ــ سورة الزمر، 53
5. القلب يوم القيامة: لحظة الحسم
في ذلك اليوم العظيم، القلوب تُكشَف، والأسرار تُفضَح.
قال تعالى: ﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴾
ــ سورة الطارق، 9
السرائر: هي أعمال القلوب.
كل نظرة، نية، حسد، كبر، نفاق... كله يُعرض.
قال ﷺ: “تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن
يعرض عملي وأنا صائم”
ــ رواه الترمذي وصححه الألباني
خاتمـة: أيّ قلبٍ تحمِل؟
القلب الذي تحمله الآن في صدرك، هو الذي سيُحدد مكانك في الجنة أو النار.
ليس المظهر، ولا الاسم، ولا حتى العمل الظاهري... إنما هو صدق النية، ونقاء السريرة، وصفاء القلب.
سؤال لك: هل قلبك مستعد للعرض على الله؟