
اغتنام يوم الجمعة
الخطبة الأولى
الحمد لله الذي فضل يوم الجمعة على سائر الأيام، وجعله عيدًا أسبوعيًا للمسلمين، وجعل فيه من الخيرات والبركات ما لا يعد ولا يُحصى.
نحمده سبحانه ونشكره، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك الحق المبين.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله بالهدى ودين الحق، فبلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، حتى أتاه اليقين.
أما بعد،
فيا أيها المؤمنون، أوصيكم ونفسي المقصّرة أولًا بتقوى الله عز وجل، فإنها وصية الله للأولين والآخرين، قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102].
أيها الأحبة،
حديثنا في هذا اليوم المبارك عن يوم الجمعة، هذا اليوم العظيم الذي جعله الله تعالى سيد الأيام، واختصه بفضائل كثيرة، وجعله من أعظم أيام الأسبوع، بل هو خير يومٍ طلعت عليه الشمس.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
"خيرُ يومٍ طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة" [رواه مسلم].
فيا عباد الله،
أليس من الحكمة أن نغتنم هذا اليوم العظيم؟
أليس من العاقل أن يجعل من الجمعة محطة لتجديد الإيمان، وغسل القلوب من الأدران، وتزكية النفس بالتقوى والعمل الصالح؟
إن اغتنام يوم الجمعة يكون بعدة أمور، منها:
المبادرة إلى صلاة الجمعة والتبكير إليها، فقد قال النبي ﷺ:
"من غسل واغتسل يوم الجمعة، وبكر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع ولم يلغُ، كان له بكل خطوة عمل سنة، أجر صيامها وقيامها" [رواه أبو داود].
قراءة سورة الكهف، فهي نور ما بين الجمعتين، كما جاء في الحديث الشريف.
الإكثار من الصلاة على النبي ﷺ، فهي سبب القرب منه يوم القيامة.
تحري ساعة الإجابة، تلك الساعة التي لا يُرد فيها الدعاء، والتي قال عنها النبي ﷺ:
"فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه".
فاجتهدوا رحمكم الله في هذا اليوم، وأكثروا من الذكر والدعاء، واستقبلوه بقلوبٍ خاشعة، وأبدان طاهرة، وألسنة ذاكرة، لعلكم تفلحون.
---
الخطبة الثانية
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد،
فيا عباد الله،
إن التقصير في اغتنام يوم الجمعة من علامات الغفلة، ومن دلائل ضعف الإيمان.
كم من مسلم ضيّع هذا اليوم بالنوم واللهو، أو جاء إلى المسجد متأخرًا لا يسمع الخطبة، ولا يحضر ذكر الله، وكأن الجمعة لا تعني له شيئًا!
قال تعالى:
**{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا