
أثر الإيمان في استقرار النفس و سكينة القلب
عنوان المقال:
أثر الإيمان في استقرار النفس وسكينة القلب
المقال:
في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث، وتزداد فيه ضغوط الحياة، يعاني كثير من الناس من القلق، والتوتر، وعدم الطمأنينة. ورغم التقدم المادي الكبير الذي شهده العالم، إلا أن الراحة النفسية ما زالت مفقودة لدى فئات واسعة من البشر. وهنا يأتي دور الإيمان بالله تعالى، كقيمة روحية عظيمة تعيد للإنسان توازنه النفسي واستقراره الداخلي.
إن الإيمان لا يُقصد به مجرد التصديق العقلي بوجود الله، بل هو ارتباط قلبي، وسلوك يومي، وتوكل دائم، ورضا بقضاء الله وقدره. وقد بيّن القرآن الكريم أثر الإيمان في طمأنينة القلب، فقال الله تعالى: "الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب" [الرعد: 28].
فالمؤمن إذا أصابته مصيبة، قال كما أمره ربه: "إنا لله وإنا إليه راجعون"، فيرضى ويسكن، لأنه يعلم أن الله لا يبتليه عبثًا، بل لحكمة يعلمها، إما لرفع درجته أو لتكفير ذنوبه. وإذا أصابه خير، شكر الله، فنال الأجر وزاده الله من فضله.
وقد ضرب النبي محمد ﷺ أروع الأمثلة في الاستقرار النفسي القائم على الإيمان، فحين اشتد عليه الأذى في الطائف، وهاجمه الناس بالحجارة، رفع يديه إلى السماء وقال: "إن لم يكن بك غضبٌ عليّ فلا أُبالي"، وهو دعاء يدل على قوة الصلة بالله والرضا التام بقضائه.
كما أن الإيمان يمنح الإنسان منظورًا مختلفًا للحياة، فالدنيا ليست نهاية المطاف، والمصائب ليست دليل شقاء، بل هي جزء من رحلة الامتحان، يعلو فيها الصابرون، ويُجزى فيها المؤمنون خيرًا في الدنيا والآخرة.
ومن آثار الإيمان أيضًا أن يُورث حسن الظن بالله، وهو من أعظم أسباب السكينة، لأن المؤمن يعلم أن تدبير الله له خير من تدبيره لنفسه، وأن الله لا يضيع عبده إذا أقبل عليه بقلبه وعقله وجوارحه.
وفي الختام، فإن الإيمان بالله تعالى ليس مجرد شعور داخلي، بل هو قوة روحية تسند الإنسان وقت الأزمات، وتجعله أكثر قدرة على التحمل، وأشد ثباتًا في مواجهة تقلبات الحياة. ومن أراد السكينة الحقيقية، فليُجدّد إيمانه، ويكثر من ذكر الله، ويعيش بمعاني التوكل والرضا، فإنها مفاتيح السعادة التي لا تُشترى بالمال