
رحلة سلامه الترجمان لسد يأجوج ومأجوج في عهد الواثق بالله
رحلة سلامه الترجمان لسد يأجوج ومأجوج في عهد الخليفة الواثق بالله
الخليفة الواثق بالله هو واحد من خلفاء الدولة العباسية في العصر الذهبي، واسمه الكامل هارون بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد. وُلِد سنة 196هـ/812م في بغداد، وتولى الخلافة بعد وفاة أبيه المعتصم سنة 227هـ/842م، واستمرت خلافته قرابة سبع سنوات حتى وفاته سنة 232هـ/847م
في زمن الخلافة العباسية، وتحديدًا في عهد *الخليفة الواثق* بالله، رأى الخليفة رؤيا منامية أقلقته؛ إذ شاهد أن سد ذي القرنين قد انفتح، وأن أمم *-يأجوج ومأجوج* تستعد للخروج. هزّت هذه الرؤيا قلب الواثق، فأمر بإرسال بعثة للتأكد من حقيقة الأمر، واختار قائدها بعناية: *سلام الترجمان*، الرجل الذكي المتمكن من اللغات.
انطلقت الرحلة من *سامراء* ، تعبر صحارى مترامية وبلاد الترك والقبائل الجبلية. سجّل سلام الترجمان في طريقه مشاهداته: أنهار جليدية، جبال كأنها أسوار تعانق السماء، شعوب بملامح غريبة، وأسواق تفيض بالبضائع القادمة من أقاصي الشرق. وبعد أشهر من السير، وصلت القافلة إلى منطقة نائية يكسوها الصقيع وتحيط بها الجبال السوداء.
هناك، عند سفح جبلين شاهقين، ظهر أمامه السد. يصفه في تقريره للخليفة قائلًا:
> “رأيت جدارًا هائلًا يربط بين الجبلين، ارتفاعه يبلغ عنان السماء، مصنوعًا من صفائح الحديد الممزوج بـالنحاس المذاب ( زبر الحديد)، كأنه كتلة واحدة صلبة، تتلألأ بلون داكن يميل إلى الحمرة. لا توجد فيه فجوة ولا شق، وأرضه ملساء، تعجز الأقدام عن التسلق عليها. وعلى قمته، حُرّاس من أهل البلاد يراقبون باستمرار.”
سمع سلام الترجمان من حراس المنطقة أن وراء السد شعوبًا شرسة، لا عهد لها ولا رحمة، هي يأجوج ومأجوج، وأنهم يطرقون السد أحيانًا فيحدث صوت مدوٍّ كهدير البحر، لكن الجدار لا يتأثر. لاحظ أيضًا أن الهواء في تلك المنطقة بارد حد التجمد، وأن الثلج لا يذوب حتى في الصيف القصير.
عاد سلام الترجمان إلى الواثق بالله بعد نحو عامين، مؤكدًا أن السد ما يزال قويًا كما كان، وأن الرؤيا لم تتحقق بعد. سجّل التاريخ هذه الرحلة النادرة باعتبارها مزيجًا من التحقيق الميداني والبحث الجغرافي والدافع الديني، لتبقى شهادة حية على اهتمام المسلمين بالعلم والتحقق من الأخبار.