شرح سورة الإخلاص

شرح سورة الإخلاص

0 reviews

<< سورة الإخلاص… توحيد الله في أربع آيات >>

*مقدمة*

القرآن الكريم هو كتاب الله الخالد الذي جاء ليهدي البشرية إلى طريق النور، ويخرجهم من ظلمات الجهل والشرك إلى نور الإيمان واليقين. ومن بين سوره العظيمة، تأتي سورة الإخلاص كجوهرة مضيئة تحمل معاني التوحيد الخالص لله عز وجل، وتختصر في كلماتها القليلة أسمى العقائد وأعظم المعارف. هذه السورة على قصرها تُعد من أعظم سور القرآن، فقد جمع الله فيها لبّ العقيدة الإسلامية، ونزَّه ذاته العلية عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله.

 

---

*تعريف بالسورة*

●الاسم: سورة الإخلاص، وتُسمى أيضًا سورة التوحيد وسورة قل هو الله أحد.

●الترتيب: رقم (112) في المصحف الشريف.

●عدد الآيات: أربع آيات.

●مكان النزول: مكية، أي نزلت قبل الهجرة النبوية.

●سبب النزول: رُوي أن المشركين طلبوا من النبي ﷺ أن يصف لهم ربه، فنزلت هذه السورة ردًّا عليهم لتوضح صفات الله وتنفي عنه أي شبه أو مثيل.

 

---

*النص القرآني*

> بسم الله الرحمن الرحيم

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)

اللَّهُ الصَّمَدُ (2)

لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)

وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)

 

---

*شرح آيات سورة الإخلاص*

●الآية الأولى: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ”

الله سبحانه وتعالى واحد في ذاته وأسمائه وصفاته، لا شريك له ولا مثيل. كلمة أحد هنا تعني الانفراد المطلق، أي أن الله متفرد بالكمال ولا يوجد من يشبهه أو يساويه. وهذه الآية هي حجر الأساس في عقيدة التوحيد، التي ترفض أي نوع من الشرك أو التشبيه.

 

---

●الآية الثانية: “اللَّهُ الصَّمَدُ”

الصمد هو السيد المقصود في كل الحوائج، الغني عن كل ما سواه، الذي يلجأ إليه الخلق جميعًا في حاجاتهم، وهو كامل الصفات، لا يحتاج إلى أحد بينما يحتاج إليه كل أحد. هذه الكلمة وحدها تختصر علاقة العبد بربه؛ فهو سبحانه ملاذ المضطر، وملجأ الضعيف، ومصدر القوة والرحمة.

 

---

●الآية الثالثة: “لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ”

هذه الآية تنفي عن الله صفات المخلوقين؛ فلم يلد سبحانه أحدًا لأنه ليس بحاجة إلى ولد يعينه أو يحمل اسمه، ولم يولد لأنه هو الأول الذي ليس قبله شيء. الولادة والتوالد من خصائص المخلوقات، أما الله فمُنزه عن ذلك.

 

---

●الآية الرابعة: “وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ”

أي لا يوجد أي مخلوق يماثل الله في صفاته أو أفعاله أو ذاته. هو سبحانه وتعالى متفرد في كل شيء، ولا يمكن لعقل أو خيال أن يتصور مثيلًا له. هذه الآية تؤكد المعنى السابق وتكمل الصورة الكاملة للتوحيد الخالص.

 

---

*المعاني الإيمانية في السورة*

1. إثبات وحدانية الله: تنفي السورة الشرك بجميع أشكاله، وتقرر أن الله واحد لا شريك له.

 

2. كمال صفات الله: الله غني عن كل ما سواه، كامل في صفاته وأسمائه.

 

3. تنزيه الله عن صفات المخلوقين: لا يلِد ولا يولَد، ولا يماثله أحد.

 

4. التوحيد القلبي والعملي: فهم هذه السورة والعمل بمقتضاها يجعل المسلم يعيش حياة موجهة نحو رضا الله وحده.

 

---

*فضل سورة الإخلاص*

سورة الإخلاص لها مكانة خاصة في الإسلام، فقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها، منها:

قال النبي ﷺ: "أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟" فقالوا: وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: "قل هو الله أحد" تعدل ثلث القرآن (رواه مسلم).

كان النبي ﷺ يقرأها في أذكار الصباح والمساء، وعند النوم، وبعد الصلوات.

قراءتها مع سورة الفلق والناس تحفظ المسلم من الشرور والحسد والشيطان.

 

---

*دروس وعبر من سورة الإخلاص*

1. التوحيد هو جوهر الدين: لا قيمة للأعمال الصالحة إذا لم تبنَ على توحيد الله.

 

2. الاستغناء بالله عن الخلق: الاعتماد على الله يغنيك عن التعلق بالمخلوقين.

 

3. البساطة في التعبير عن العقيدة: السورة قصيرة لكنها تحمل أعمق المعاني.

 

4. القرب من الله بالحفظ والتكرار: حفظ هذه السورة وترديدها يزيد الإيمان ويثبت اليقين.

---

*خاتمة*

سورة الإخلاص ليست مجرد كلمات قصيرة نرددها في الصلاة، بل هي إعلان إيماني قوي أن الله واحد، كامل الصفات، غني عن كل شيء، لا شريك له ولا مثيل. إذا تدبر المسلم هذه السورة وعاش بمعانيها، شعر بحلاوة التوحيد، واطمأن قلبه بمعرفة ربه حق المعرفة. ولهذا، فهي تستحق أن تكون جزءًا أساسيًا من ورد المسلم اليومي، حمايةً لقلبه من الشرك الخفي، وتجديدًا لعهده مع الله في كل لحظة.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

1

followings

0

similar articles