الصبر ... جسر العبور الى بر الإيمان

الصبر ... جسر العبور الى بر الإيمان

0 reviews

 


الصبر… جسر العبور إلى برّ الأمان
تخيل نفسك وسط بحرٍ هائج، أمواجُه تتلاطم، ورياحه تعصف من كل اتجاه، وأنت تتشبث بخشبة صغيرة، لا تدري متى تهدأ العاصفة. في تلك اللحظات، لا يملك قلبك سوى أن يتمسك بالأمل، وتثبت قدماك على يقين أن النجاة قادمة… تلك الخشبة هي الصبر.

إن الصبر في حياة المسلم ليس مجرد حالة نفسية أو صفة عابرة، بل هو عبادة عظيمة أمر الله بها في كتابه، وجعلها مفتاحًا للنجاح والفلاح، فقال تعالى: ﴿وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾. فالمسلم في دنياه يواجه ابتلاءات شتى؛ في ماله، وصحته، وأهله، وأحلامه، ولن يجد ما يخفف عنه عبء هذه الابتلاءات سوى التحلي بالصبر.

الصبر يعلّم المسلم الثبات عند المواقف الصعبة، ويمنحه القدرة على مواجهة الشدائد بروح راضية مطمئنة، فلا ينهار أمام أول عقبة، ولا يتذمر من قضاء الله، بل يوقن أن ما عند الله خير وأبقى. ولهذا جاء في الحديث الشريف: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير..."، فالمؤمن في السرّاء يشكر، وفي الضرّاء يصبر، وفي الحالتين هو رابح.

كما أن الصبر يزرع في قلب المسلم القوة على ضبط النفس، ويجعله يحسن التعامل مع الناس والمواقف، فيكظم الغيظ، ويتحمل الأذى، ويعفو عند المقدرة. وهذا الخلق يرفع قدره بين الناس، ويجعله قدوة في السلوك والأخلاق، فيكسب احترامهم ومحبتهم.

وفي الحياة العملية، يمنح الصبر الإنسان القدرة على الاستمرار في السعي والعمل رغم العقبات، ويجعله لا يتوقف عند أول فشل أو إخفاق، بل يحوله إلى درس وخبرة تقوده إلى النجاح. فكم من شخص فشل مرارًا، لكن صبره كان سببًا في بلوغه القمة!

ثم إن الصبر يثمر راحة نفسية وطمأنينة قلبية، لأن المسلم يعلم أن كل ما يمر به مكتوب عند الله، وأن العاقبة للصابرين. وقد وعدهم الله أجرًا بغير حساب، فقال سبحانه: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾، أي أن أجرهم لا يُقاس ولا يُحصى.

وخلاصة القول، أن الصبر في حياة المسلم هو سرّ القوة، ومفتاح الفرج، وجسر النجاة في الدنيا والآخرة. فمن تحلّى به عاش مطمئن القلب، راضي النفس، قوي الإرادة، وكان من الفائزين في الدارين.



💡 العبرة:
تذكّر دائمًا أن لحظات الصبر قد تكون ثقيلة على القلب، لكنها تحمل في طياتها نور الفرج، فكل جرح يلتئم، وكل دمعة تجف، وكل محنة تنقضي. فاصبر، وكن على يقين أن الله يراك، ويسمع دعاءك، وأنه لن يضيع أجر صبرك ولو بعد حين.


 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

4

followings

1

followings

1

similar articles