ماعز بن مالك

ماعز بن مالك

0 reviews

قصة ماعز بن مالك: دروس في التوبة والصدق مع النفس

تُعد قصة ماعز بن مالك من أبرز القصص التي وردت في السنة النبوية، والتي تجسد معاني التوبة الصادقة، والشجاعة في مواجهة النفس، والرغبة الحقيقية في تطهير القلب قبل لقاء الله. وقد وردت القصة في مصادر عديدة، منها صحيح البخاري وصحيح مسلم، لتكون عبرة للأمة الإسلامية على مر العصور.

من هو ماعز بن مالك؟

ماعز بن مالك الأسلمي هو أحد الصحابة الكرام، عاش في المدينة المنورة في عهد النبي ﷺ. كان معروفًا بالصلاح والاستقامة، لكن النفس البشرية قد تضعف أحيانًا، فوقع ماعز في ذنب عظيم وهو جريمة الزنا، وهو أمر كبير في الإسلام لما فيه من انتهاك لحدود الله واعتداء على الأعراض.

لحظة المواجهة والاعتراف

بعد وقوعه في هذا الذنب، لم يجد ماعز راحة في قلبه، وظل ضميره يؤنبه بشدة، حتى دفعه ذلك إلى التوجه بنفسه إلى رسول الله ﷺ ليعترف بخطيئته، طالبًا إقامة الحد عليه. جاء إلى النبي ﷺ وقال: "يا رسول الله، إني قد زنيت، فطهرني".

النبي ﷺ لم يتعجل في الحكم عليه، بل ردّه أكثر من مرة، كأنه يريد أن يترك له فرصة للتراجع أو التوبة بينه وبين ربه، لكن ماعز أصر أربع مرات على الاعتراف، ليؤكد صدق توبته وعدم رجوعه عن قراره.

إقامة الحد وتطهير النفس

بعد إصرار ماعز، أمر النبي ﷺ بإقامة الحد عليه وفق الشريعة الإسلامية، وهو الرجم حتى الموت، باعتباره محصنًا. وخلال تنفيذ الحكم، تألم الصحابة للمشهد، لكنهم أدركوا أن ماعز اختار تطهير نفسه في الدنيا ليقابل الله بلا ذنب.

تعليق النبي ﷺ على توبته

بعد تنفيذ الحد، قال النبي ﷺ قولًا عظيمًا يبين مكانة توبة ماعز: "لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم". وهذا يدل على أن توبته كانت صادقة وخالصة لوجه الله، حتى بلغت منزلة عظيمة عند رب العالمين.

الدروس والعبر من القصة

1. صدق التوبة: التوبة الحقيقية هي التي تخرج من قلب نادم، يسعى للتطهر من الذنب مهما كان الثمن.

 

2. عدم اليأس من رحمة الله: مهما كان الذنب عظيمًا، فإن باب التوبة مفتوح أمام العبد ما دام حيًا.

 

3. الستر أولى: الإسلام يحث على ستر النفس وعدم المجاهرة بالمعاصي، إلا إذا كان الاعتراف ضرورة شرعية.

 

4. الرحمة قبل العقوبة: تعامل النبي ﷺ مع ماعز بلطف، وأعطاه الفرصة للتراجع قبل إقامة الحد.

 

خاتمة

قصة ماعز بن مالك ليست مجرد حادثة تاريخية، بل هي درس خالد في قوة الإيمان والصدق مع النفس. فقد اختار مواجهة عيبه أمام الله ورسوله، وترك الدنيا طاهرًا من ذنبه. وهي رسالة لكل مسلم أن التوبة الصادقة قادرة على محو أعظم الذنوب، وأن رحمة الله أوسع من كل ما نقترف.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

1

followings

1

followings

4

similar articles