تزكية النفس وأثر الإيمان في تهذيب القلب

تزكية النفس وأثر الإيمان في تهذيب القلب

Rating 0 out of 5.
0 reviews

 

تم إنشاء الصورة

المقدمة

القلب هو موضع نظر الله، وهو سر حياة العبد الإيمانية. إذا صلح القلب صلحت الجوارح، وإذا فسد فسد الجسد كله. لذلك جاء الإسلام بمنهج متكامل يهدف إلى تطهير القلب من الشهوات والشبهات، وتنمية النفس حتى تبلغ الكمال البشري الذي يرضي الله. وهذا ما يُعرف في القرآن والسنة بـ تزكية النفس. قال تعالى:
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ [الشمس:9-10].
التزكية ليست عملاً شكليًا، بل هي جهاد دائم يرافق المسلم في حياته كلها، يبدأ من الإيمان الصادق، ويستمر بالطاعات والبعد عن المحرمات.


معنى تزكية النفس وأهميتها

تزكية النفس في الإسلام تعني تطهيرها من كل ما يبعدها عن الله، وتنميتها بكل ما يقربها منه. والتزكية لا تتحقق إلا بأمرين:

تخليص النفس من الذنوب والمعاصي.

تحليتها بالفضائل والطاعات.

قال الإمام ابن القيم:
"تزكية النفس هي تطهيرها من أدرانها، وصيانتها من الأخلاق الرديئة، وتنميتها بالأخلاق الزكية".

أهمية التزكية تظهر في كونها شرطًا للفلاح، كما قال الله تعالى:
﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾ [الأعلى:14-15].
فمن أراد الفلاح في الدنيا والآخرة، فعليه أن يبدأ بإصلاح قلبه وتزكية نفسه.


العلاقة بين تزكية النفس وصلاح القلب

القلب هو القائد والنفس هي التابعة، فإذا كان القلب مليئًا بالإيمان والخشية، انقادت النفس للطاعة. أما إذا خلا القلب من الإيمان، صارت النفس أمّارة بالسوء كما قال الله:
﴿إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي﴾ [يوسف:53].
ولهذا قال العلماء: صلاح القلب مفتاح صلاح النفس، والعكس صحيح.

النفس قد تمر بثلاث مراحل:

النفس الأمارة بالسوء: وهي التي تدفع صاحبها للمعاصي.

النفس اللوامة: التي تلوم صاحبها على التقصير وتدعوه للتوبة.

النفس المطمئنة: وهي التي بلغت الطمأنينة بذكر الله والإيمان به.


أهمية ذكر الله في حياة القلب

ذكر الله ليس مجرد ترديد كلمات، بل هو حياة للروح ونور للقلب. قال النبي ﷺ:
«مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت» [رواه البخاري].
والقرآن الكريم جعل الذكر وسيلة للطمأنينة، فقال:
﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد:28].

ومن الأذكار التي تحيي القلب:

الاستغفار: قال النبي ﷺ: «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» [رواه مسلم].

التسبيح والتحميد: قال ﷺ: «أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر».

تلاوة القرآن: فهو شفاء للصدور ونور للهداية.


أسباب حياة القلوب بالإيمان

القلب الحي هو القلب المليء بالإيمان، ولا يحيا إلا بأمور، منها:

المداومة على الطاعات: الصلاة، الصيام، الزكاة، وبر الوالدين.

ترك المعاصي والذنوب: لأنها تحجب القلب عن نور الله، كما قال النبي ﷺ:
«إن العبد إذا أذنب نكتت في قلبه نكتة سوداء» [رواه الترمذي].

صحبة الصالحين: لأن الجليس الصالح يذكرك بالله، كما قال ﷺ:
«مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير».

التفكر في نعم الله وآياته: لأنه يورث القلب الخشوع والخوف من الله.


القلب السليم وأهميته يوم القيامة

أعظم ما يسعى له المؤمن أن يلقى الله بقلب سليم، كما قال سبحانه:
﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾ [الشعراء:88-89].
القلب السليم هو الذي سلم من الشرك والرياء، ومن الغل والحسد، وامتلأ بالإيمان واليقين. وهو شرط النجاة يوم القيامة، فلا يغني مال ولا جاه إن كان القلب مريضًا.


كيف نحصل على القلب السليم؟

التوبة النصوح: قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا﴾ [التحريم:8].

الإخلاص لله في العمل: لأن الرياء يحبط الأعمال.

المداومة على الأذكار الشرعية: خاصة أذكار الصباح والمساء.

الصبر على الطاعات والبعد عن الشبهات.


الخاتمة

صلاح القلوب هو مفتاح السعادة في الدنيا والآخرة. لا حياة بدون الإيمان، ولا طمأنينة إلا بذكر الله. فلنجتهد في تطهير قلوبنا، ومجاهدة أنفسنا، حتى نلقى الله بقلوب سليمة تنال رضاه وجنته.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

2

followings

2

followings

1

similar articles
-