
فضل ذكر لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين

فضل ذكر "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
يعد ذكر الله تعالى من أعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه، وهو راحة للقلب وسكينة للروح، وسبب للنجاة في الدنيا والآخرة. ومن أعظم الأذكار التي وردت في القرآن الكريم على لسان نبي الله يونس عليه السلام، الدعاء المشهور: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
هذا الذكر المبارك ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو منهج حياة ودعاء عظيم يجمع بين التوحيد والتنزيه والاعتراف بالذنب، وهو ما يجعله من أقوى مفاتيح الفرج لكل مسلم يعاني من هم أو ضيق أو بلاء.
قصة هذا الذكر في القرآن الكريم
نزل هذا الدعاء على لسان نبي الله يونس عليه السلام عندما ابتلاه الله تعالى بأن التقمه الحوت، فصار في ظلمات البحر بغير حول ولا قوة، ولم يجد أمامه إلا باب الرجاء واللجوء إلى الله. قال تعالى:
"وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ. فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ" [الأنبياء: 87-88].
فهذا الذكر كان سببًا مباشرًا في إنقاذ نبي الله يونس من الغم العظيم، وأصبح معجزة خالدة لكل من دعا به بإخلاص ويقين.
معاني هذا الذكر العظيم
يتكون هذا الدعاء من ثلاثة معانٍ رئيسية عظيمة:
التوحيد: "لا إله إلا أنت" اعتراف بوحدانية الله، ونفي الشريك عنه، فهو المستحق وحده للعبادة.
التسبيح والتنزيه: "سبحانك" تعني تنزيه الله عن كل نقص وعيب، فهو الكامل في ذاته وصفاته.
الاعتراف بالذنب: "إني كنت من الظالمين" إقرار من العبد بخطئه وتقصيره، والاعتراف بالذنب سبب لمغفرة الله ورحمته.
هذه العناصر الثلاثة تجعل هذا الذكر مفتاحًا للفرج، لأن الدعاء المقرون بالتوحيد والتسبيح والاعتراف بالذنب لا يُرد بإذن الله.
فضل المداومة على هذا الدعاء
ورد في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له" [رواه الترمذي].
وهذا الحديث يؤكد أن هذا الدعاء ليس خاصًا بيونس عليه السلام وحده، بل هو مفتوح لكل مسلم في كل زمان ومكان، إذا دعا به بإخلاص ويقين.
آثار هذا الذكر على قلب المؤمن
عندما يردد المسلم هذا الذكر العظيم، فإنه يشعر بأمور عدة، منها:
- الطمأنينة والسكينة، لأن قلبه يتصل بالله مباشرة.
- التواضع والانكسار، من خلال الاعتراف بالذنب والتقصير.
- تقوية الإيمان، لأن فيه توحيدًا خالصًا لله تعالى.
- الأمل والرجاء، لأن فيه يقينًا بأن الفرج قريب مهما اشتد البلاء.
تطبيقات عملية في حياتنا
يمكن للمسلم أن يجعل هذا الدعاء رفيقًا دائمًا في حياته اليومية. فعند الضيق، يذكره ليجد السكينة. وعند مواجهة المشكلات، يردده ليستعين بالله. بل يمكن أن يكون جزءًا من أوراده اليومية، لما له من فضل عظيم.
كما أن المسلم حين يردد هذا الذكر يجب أن يستشعر معناه، لا أن يقوله بلسانه فقط. فالتسبيح يعني تنزيه الله عن كل عجز، والتوحيد إقرار بأنه وحده القادر على رفع البلاء، والاعتراف بالذنب يجعله أكثر قربًا وخضوعًا بين يدي الله.
الخاتمة
إن ذكر "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" ليس مجرد دعاء عابر، بل هو مدرسة إيمانية متكاملة. يجمع بين التوحيد، والتسبيح، والاعتراف بالذنب، وكلها مفاتيح لرضا الله وقبول الدعاء.
ومن هنا فإن على المسلم أن يكثر من هذا الذكر، خصوصًا في أوقات الشدة والابتلاء، لأنه من أعظم أسباب الفرج والنجاة. وكما نجا الله يونس عليه السلام من بطن الحوت، فإنه قادر على أن ينجي عباده المؤمنين من كل هم وضيق.