غزوة بدر الكبرى

غزوة بدر الكبرى

Rating 0 out of 5.
0 reviews

                                                  image about غزوة بدر الكبرى

                                                            غزوة بدر 

سأحدثكم بإذن الله عن غزوة بدر تفصيليا في صورة قصة ورواية كانك تعيش احداثها لحظة بلحظة 

  في السنة الثانية للهجرة، كان المسلمون قد استقروا في المدينة، لكن قريش لم تهدأ، فقد رأت أن محمداً ﷺ قد وجد مأوى، وأن دعوته بدأت تنتشر. كانت قوافل قريش التجارية تمر بطريق المدينة، وتعود بالأرباح الضخمة من الشام، بينما المسلمون قد هُجِّروا من مكة وتركوا أموالهم وتجارتهم في هذا الوقت، خرجت قافلة ضخمة بقيادة أبي سفيان بن حرب، تحمل أموال قريش وتجارتها، ومعها أربعون رجلاً فقط للحراسة

. سمع رسول الله ﷺ بأمر القافلة، فأراد أن يخرج المسلمون لاعتراضها؛ ليس غنيمة فحسب، بل تعويضاً عما سُلب منهم، ولإضعاف قريش التي لم تكف عن حرب النبي ﷺ أصحابه، وخرج في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، معهم فرسان فقط وسبعون بعيراً يتعاقبون الركوب عليها. لم يخرجوا للحرب الكبرى، بل خرجوا على نية القافلة، ولذلك لم يستعدوا استعداداً ضخماً. لكن أبا سفيان كان رجلاً ذكياً وحذراً، فأرسل العيون يتجسسون له الأخبار، حتى علم بخروج النبي ﷺ. فأسرع وأرسل رسولاً إلى مكة يطلب النجدة.

 وصل الخبر إلى مكة، فهاجت قريش بأكملها، واجتمع زعماؤها، وقرروا أن يخرجوا بكل قوتهم لحماية القافلة، بل ليرهبوا المسلمين ويثبتوا قوتهم. خرجوا في ألف مقاتل، معهم مئتا فرس، يتقدمهم أبو جهل في غرور وكبرياء. لكن القافلة نجت بالفعل بعدما غير أبو سفيان طريقها، وأرسل رسالة إلى قريش يخبرهم بسلامتها. وهنا انقسمت الآراء: بعضهم قال: "فلنرجع، ما حاجتنا إلى قتال؟" لكن أبا جهل أصر على التقدم إلى بدر، قائلاً: “والله لا نرجع حتى نَرِدَ بدراً، فنقيم بها ثلاثاً، فننحر الجزور، ونطعم الطعام، ونسقي الخمر، وتسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابوننا أبداً.”

  أما المسلمون، فقد بلغهم أن قريشاً خرجت بجيشها العظيم. هنا تغيّر الموقف: لم تعد المسألة قافلة، بل مواجهة مصيرية. استشار النبي ﷺ أصحابه، فقال: “أشيروا عليّ أيها الناس.” فأجاب المهاجرون خيراً، ثم التفت النبي ﷺ إلى الأنصار، لأن بيعة العقبة كانت على حماية الرسول داخل المدينة فقط. فقام سعد بن معاذ، سيد الأوس، وقال كلمات خالدة: “لقد آمنا بك وصدقناك، وأعطيناك عهودنا على السمع والطاعة. والله لو خضت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد.” تهلل وجه النبي ﷺ، وقال مبشراً: “سيروا وأبشروا، فإن الله وعدني إحدى الطائفتين.

 نزل المسلمون عند بدر، وسبقهم الحُباب بن المنذر برأي حربي، فأشار على النبي ﷺ أن يتقدم قليلاً وينزل عند أقرب بئر، ويُغوِّر ما وراءه من آبار حتى لا يشرب منها المشركون. فأخذ النبي ﷺ برأيه. في تلك الليلة، أنزل الله المطر، فثبتت به أقدام المسلمين، وطهرهم من وساوس الشيطان، بينما كان المشركون في رعب وسكر وغرور. النبي ﷺ قضى الليل في الدعاء، رافعاً يديه يناشد ربه: “اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد في الأرض.” حتى سقط رداؤه من على كتفيه من شدة إلحاحه.

 مع فجر يوم الجمعة، السابع عشر من رمضان، سنة 2هـ، اصطف الجيشان. خرج ثلاثة من فرسان قريش يطلبون المبارزة: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة. فخرج لهم من المسلمين حمزة بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، وعبيدة بن الحارث. دارت المبارزة، فقتل حمزة وعلي خصميهما سريعاً، وأصيب عبيدة لكنه شارك في قتل عدوه، وارتفعت معنويات المسلمين.

اصطف الجيشان، وبدأت المعركة الكبرى. المسلمون كانوا قلة، لكن الله ثبت قلوبهم. نزلت الملائكة تقاتل معهم، كما قال تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾. كان الصحابة يقاتلون بشجاعة منقطعة النظير، والنبي ﷺ واقف في العريش يدعو الله وينادي: “اللهم أنجز لي ما وعدتني.” سقط أبو جهل صريعاً تحت سيوف معاذ بن عمرو ومعاذ بن عفراء، ثم أجهز عليه عبد الله بن مسعود، فمات طاغية قريش.

انتهت المعركة بعد ساعات قليلة، بانتصار ساحق للمسلمين، قُتل من قريش سبعون رجلاً من صناديدهم، وأُسر مثلهم، ومن المسلمين استشهد أربعة عشر رجلاً فقط. كان نصراً مؤزراً من الله، رفع به شأن الإسلام، وأذل به كبرياء قريش. ومنذ ذلك اليوم صار للمسلمين هيبة بين العرب، وعلموا أن الله ناصرٌ دينه 

غزوة بدر لم تكن مجرد معركة بالسيوف، بل كانت فاصلاً تاريخياً بين الحق والباطل. أظهرت أن النصر لا يكون بالعدد ولا العدة، بل بتأييد الله وإخلاص النية. ومنذ بدر صار المسلمون قوة يُحسب لها حساب.

 

 

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

9

followings

7

followings

6

similar articles
-