
سورة الفاتحة و فضلها
1-سورة الفاتحة
سُورَةُ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ:

وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ مَعْرُوفَةٌ: فاتحة الكتاب، وَأُمُّ الْقُرْآنِ، وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي. سُمِّيَتْ
فَاتِحَةَ الْكِتَابِ: لِأَنَّ اللَّهَ بِهَا افْتَتَحَ الْقُرْآنَ.
وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْقُرْآنِ وَأُمَّ الْكِتَابِ: لِأَنَّهَا أَصْلُ الْقُرْآنِ مِنْهَا بُدِئَ الْقُرْآنُ وَأَمُّ الشَّيْءِ: أصله، وَيُقَالُ لِمَكَّةَ: أُمُّ الْقُرَى لِأَنَّهَا أَصْلُ الْبِلَادِ دُحِيَتِ الْأَرْضُ مِنْ تَحْتِهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّهَا مُقَدِّمَةٌ وَإِمَامٌ لِمَا يَتْلُوهَا مِنَ السُّوَرِ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمُصْحَفِ وَبِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ، وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي لِأَنَّهَا سَبْعُ آيَاتٍ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
وَسُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي الصَّلَاةِ، فَتُقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ سُمِّيَتْ مَثَانِيَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَثْنَاهَا لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فَذَخَرَهَا لَهُمْ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِينَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَدَنِيَّةٌ وَقِيلَ: نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِمَكَّةَ وَمَرَّةً بِالْمَدِينَةِ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ مَثَانِيَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَّ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي} (87-الْحِجْرِ)
وَالْمُرَادُ مِنْهَا فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَسُورَةُ الْحِجْرِ مَكِّيَّةٌ فَلَمْ يَكُنْ يَمُنُّ عَلَيْهِ بِهَا قَبْلَ نُزُولِهَا. {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} بِسْمِ اللَّهِ الْبَاءُ أَدَاةٌ تَخْفِضُ مَا بَعْدَهَا مِثْلَ: مِنْ وَعَنْ، وَالْمُتَعَلِّقُ بِهِ الْبَاءُ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، تَقْدِيرُهُ: أَبْدَأُ بِسْمِ اللَّهِ، أَوْ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ.
وَأُسْقِطَتِ الْأَلِفُ مِنَ الِاسْمِ طَلَبًا لِلْخِفَّةِ وَكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا وَطُوِّلَتِ الْبَاءُ قَالَ الْقُتَيْبِيُّ لِيَكُونَ افْتِتَاحُ كَلَامِ كِتَابِ اللَّهِ بِحَرْفٍ مُعَظَّمٍ، كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ لِكُتَّابِهِ: طَوِّلُوا الْبَاءَ وَأَظْهِرُوا السِّينَ وَفَرِّجُوا بَيْنَهُمَا، وَدَوِّرُوا الْمِيمَ. تَعْظِيمًا لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِيلَ: لَمَّا أَسْقَطُوا الْأَلِفَ رَدُّوا طُولَ الْأَلِفِ عَلَى الْبَاءِ لِيَكُونَ دَالًّا عَلَى سُقُوطِ الْأَلِفِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا كُتِبَتِ الْأَلِفُ فِي: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [1-الْعَلَقِ] رُدِّتِ الْبَاءُ إِلَى صِيغَتِهَا وَلَا تُحْذَفُ الْأَلِفُ إِذَا أُضِيفَ الِاسْمُ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ وَلَا مَعَ غَيْرِ الْبَاءِ.
وَالِاسْمُ هُوَ الْمُسَمَّى وَعَيْنُهُ وَذَاتُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} [7-مَرْيَمَ]
أَخْبَرَ أَنَّ اسْمَهُ يَحْيَى ثُمَّ نَادَى الِاسْمَ فَقَالَ: {يَا يَحْيَى} وَقَالَ: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا} [40-يُوسُفَ]
وَأَرَادَ الْأَشْخَاصَ الْمَعْبُودَةَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْمُسَمَّيَاتِ وَقَالَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [1-الْأَعْلَى]، {وتبارك اسْمُ رَبِّكِ} (1) ثُمَّ يُقَالُ لِلتَّسْمِيَةِ أَيْضًا اسْمٌ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي التَّسْمِيَةِ أَكْثَرُ مِنَ الْمُسَمَّى [فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى التَّسْمِيَةِ مِنَ اللَّهِ لِنَفْسِهِ؟ قِيلَ هُوَ تَعْلِيمٌ لِلْعِبَادِ كَيْفَ يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ (2)].
وَاخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِهِ قَالَ الْمُبَرِّدُ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ: هُوَ مُشْتَقٌّ مِنَ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ، فَكَأَنَّهُ عَلَا عَلَى مَعْنَاهُ وَظَهَرَ عَلَيْهِ، وَصَارَ مَعْنَاهُ تَحْتَهُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ: هُوَ مِنَ الْوَسْمِ وَالسِّمَةِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ وَكَأَنَّهُ عَلَامَةٌ لِمَعْنَاهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهُ يُصَغَّرُ عَلَى السُّمَيِّ وَلَوْ كَانَ مِنَ السِّمَةِ لَكَانَ يُصَغَّرُ عَلَى الْوُسَيْمِ كَمَا يُقَالُ فِي الْوَعْدِ وُعَيْدٌ وَيُقَالُ فِي تَصْرِيفِهِ سَمَّيْتُ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْوَسْمِ لَقِيلَ: وَسَمْتُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللَّهِ} قَالَ الْخَلِيلُ وَجَمَاعَةٌ: هُوَ اسْمُ عَلَمٍ خَاصٌّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا اشْتِقَاقَ لَهُ كَأَسْمَاءِ الْأَعْلَامِ لِلْعِبَادِ مِثْلَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ هُوَ مُشْتَقٌّ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي اشْتِقَاقِهِ فَقِيلَ: مِنْ أَلَهَ إِلَاهَةً أَيْ عَبَدَ عِبَادَةً وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا {وَيَذَرَكَ وآلهتك} [127-الْأَعْرَافِ] أَيْ عِبَادَتَكَ -مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِبَادَةِ دُونَ غَيْرِهِ وَقِيلَ أَصْلُهُ إِلَهٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ} [91-الْمُؤْمِنُونَ]
قَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ أَلَهْتُ إِلَى فُلَانٍ أَيْ سَكَنْتُ إِلَيْهِ قَالَ الشَّاعِرُ: أَلَهْتُ إِلَيْهَا وَالْحَوَادِثُ جَمَّةٌ فَكَأَنَّ الْخَلْقَ يَسْكُنُونَ إِلَيْهِ وَيَطْمَئِنُّونَ بِذِكْرِهِ، وَيُقَالُ: أَلَهْتُ إِلَيْهِ، أَيْ فَزِعْتُ إِلَيْهِ قَالَ الشَّاعِرُ: أَلَهْتُ إِلَيْهَا وَالرَّكَائِبُ وُقَّفٌ وَقِيلَ أَصْلُ الْإِلَهِ "وِلَاهٌ" فَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ بِالْهَمْزَةِ مِثْلَ وِشَاحٍ وَإِشَاحٍ، اشْتِقَاقُهُ مِنَ الْوَلَهِ لِأَنَّ الْعِبَادَ يَوْلَهُونَ إِلَيْهِ أَيْ يَفْزَعُونَ إِلَيْهِ فِي الشَّدَائِدِ، وَيَلْجَئُونَ إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ كَمَا يَوْلَهُ كُلُّ طِفْلٍ إِلَى أُمِّهِ، وَقِيلَ هُوَ مِنَ الْوَلَهِ وَهُوَ ذَهَابُ الْعَقْلِ لِفَقْدِ مَنْ يَعِزُّ عَلَيْكَ.
قَوْلُهُ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هُمَا اسْمَانِ رَقِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَرَقُّ مِنَ الْآخَرِ.
وَاخْتَلَفُوا فِيهِمَا مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ مِثْلَ نَدْمَانٍ وَنَدِيمٍ وَمَعْنَاهُمَا ذُو الرَّحْمَةِ، وَذِكْرُ أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ (تَطْمِيعًا) (3) لِقُلُوبِ الرَّاغِبِينَ.
وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: هُوَ إِنْعَامٌ بَعْدَ إِنْعَامٍ، وَتَفَضُّلٌ بَعْدَ تَفَضُّلٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: الرَّحْمَنُ بِمَعْنَى الْعُمُومِ وَالرَّحِيمُ بِمَعْنَى الْخُصُوصِ.
فَالرَّحْمَنُ بِمَعْنَى الرَّزَّاقِ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ عَلَى الْعُمُومِ لِكَافَّةِ الْخَلْقِ. وَالرَّحِيمُ بِمَعْنَى الْمُعَافِي فِي الْآخِرَةِ وَالْعَفْوُ فِي الْآخِرَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْخُصُوصِ وَلِذَلِكَ قِيلَ فِي الدُّعَاءِ: يَا رَحْمَنَ الدُّنْيَا وَرَحِيمَ الْآخِرَةِ، فَالرَّحْمَنُ مَنْ تَصِلُ رَحْمَتُهُ إِلَى الْخَلْقِ عَلَى الْعُمُومِ، وَالرَّحِيمُ مَنْ تَصِلُ رَحْمَتُهُ إِلَيْهِمْ عَلَى الْخُصُوصِ، وَلِذَلِكَ يُدْعَى غَيْرُ اللَّهِ رَحِيمًا وَلَا يُدْعَى غَيْرُ اللَّهِ رَحْمَنَ.
فَالرَّحْمَنُ عَامُّ الْمَعْنَى خَاصُّ اللَّفْظِ، وَالرَّحِيمُ عَامُّ اللَّفْظِ خَاصُّ الْمَعْنَى، وَالرَّحْمَةُ إِرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى الْخَيْرَ لِأَهْلِهِ.
وَقِيلَ هِيَ تَرْكُ عُقُوبَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّهَا وَإِسْدَاءُ الْخَيْرِ إِلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ، فَهِيَ عَلَى الْأَوَّلِ صِفَةُ ذَاتٍ، وَعَلَى الثَّانِي صِفَةُ (فِعْلٍ) (4). وَاخْتَلَفُوا فِي آيَةِ التَّسْمِيَةِ فَذَهَبَ قُرَّاءُ الْمَدِينَةِ وَالْبَصْرَةِ وَفُقَهَاءُ الْكُوفَةِ إِلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهَا مِنَ السُّوَرِ وَالِافْتِتَاحُ بِهَا لِلتَّيَمُّنِ وَالتَّبَرُّكِ.
وَذَهَبَ قُرَّاءُ مَكَّةَ وَالْكُوفَةِ وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ إِلَى أَنَّهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ وَلَيْسَتْ مِنْ سَائِرِ السُّوَرِ وَأَنَّهَا كُتِبَتْ لِلْفَصْلِ وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ وَمِنْ كُلِّ سُورَةٍ إِلَّا سُورَةَ التَّوْبَةِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ لِأَنَّهَا كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّ سَائِرِ الْقُرْآنِ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ سَبْعُ آيَاتٍ فَالْآيَةُ الْأُولَى عِنْدَ مَنْ يَعُدُّهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَابْتِدَاءُ الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ {صِرَاطَ الَّذِينَ} وَمَنْ لَمْ يَعُدَّهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ قَالَ ابْتِدَاؤُهَا {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وَابْتِدَاءُ الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} وَاحْتَجَّ مَنْ جَعَلَهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ وَمِنَ السُّوَرِ بِأَنَّهَا كُتِبَتْ فِي الْمُصْحَفِ بِخَطِّ الْقُرْآنِ، وَبِمَا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ أَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلَّالُ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْأَصَمُّ أَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنَا الشَّافِعِيُّ أَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (قَالَ) (5) {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} [87-الْحِجْرِ]
هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ قَالَ أَبِي وَقَرَأَهَا عَلَيَّ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ حَتَّى خَتَمَهَا ثُمَّ قَالَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} الْآيَةُ السَّابِعَةُ قَالَ سَعِيدٌ: قَرَأْتُهَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا قَرَأْتُهَا عَلَيْكَ ثُمَّ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْآيَةُ السَّابِعَةُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَذَخَرَهَا لَكُمْ فَمَا أَخْرَجَهَا لِأَحَدٍ قَبْلَكُمْ (6).
وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْهَا مِنَ الْفَاتِحَةِ احْتَجَّ بِمَا ثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشِّيرَازِيُّ أَنَا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا أَبُو عِيسَى إِسْحَاقُ الْهَاشِمِيُّ أَنَا أَبُو مُصْعَبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "قُمْتُ وَرَاءَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَكُلُّهُمْ كَانَ لَا يَقْرَأُ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ" (7) قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَانَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 4\ب «لَا يَعْرِفُ خَتْمَ سُورَةٍ حَتَّى يَنْزِلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» (8). وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا لَا نَعْلَمُ فَصْلَ مَا بَيْنَ السُّورَتَيْنِ حَتَّى يَنْزِلَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (9).
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْتُبُ فِي بَدْءِ الْأَمْرِ عَلَى رَسْمِ قُرَيْشٍ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ حَتَّى نَزَلَتْ {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بسم الله مجريها} [41-هُودٍ] فَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ حَتَّى نزلت {قل ادعو اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [110-الْإِسْرَاءِ] فَكَتَبَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ حَتَّى نَزَلَتْ " {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} " (30-النَّمْلِ) فَكَتَبَ مِثْلَهَا.
أَعُوذُ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِاللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ. [آية الكرسى - البقرة 255].
من قالها حين يصبح أجير من الجن حتى يمسى ومن قالها حين يمسى أجير من الجن حتى يصبح.