كانوا يخافونها عنك ...اسرار سورة البقره
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي القارئ، أختي القارئة، هل تبحث عن مفتاحٍ يفتح لك خزائن الرحمة؟ هل تشعر بأن حياتك تدور في حلقة مفرغة من الهموم والمشاكل؟ هل تريد حصناً منيعاً يحميك من الوساوس والطاقات السلبية التي تحيط بك؟
والله الذي لا إله إلا هو، إن بين يديك كنزاً عظيماً، وسراً من أسرار الكون، لو تمسكت به لغيرت حياتك رأساً على عقب. هذا الكنز هو سورة البقرة.
لا تنظر إلى عدد آياتها، ولا ترهق نفسك بقراءتها دفعة واحدة. المهم أن تجعلها رفيقةً لك في صباحك ومسائك. أتريد أن تعلم لماذا؟
لماذا سورة البقرة هي "السورة الشافية"؟
لقد سمعنا جميعاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة". والبطلة هم السحرة. تخيل! مجرد قراءتها تجعل السحرة عاجزين عن أعمالهم، فكيف بوساوس الشياطين العادية التي تثبط همتك وتزرع في قلبك الخوف والقلق؟
هي نور يطرد الظلام من بيتك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة". بيتك هو مملكتك، وهو يجب أن يكون ملاذك الآمن. ألا تريد أن تجعل من بيتك قلعةً من النور، يفر منها كل حاقد وحاسد وكل شيطان مريد؟
سورة البقرة ومفاتيح الرزق
أخي الحبيب، أختي الغالية، كم ليلة سهرتها تفكر في أرزاقك، في قوت يومك، في مستقبل أولادك؟ والله إن مفتاح الرزق بين يديك.
إن في سورة البقرة آية هي أعظم آية في القرآن: آية الكرسي. من داوم على قراءتها بعد كل صلاة، فإن الله يحفظه، ومن حفظه الله، فتح له أبواباً لم يكن يحسب حسابها. ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت"؟
وتأمل معي في الآخرين، أولئك الذين داوموا على قراءتها، ستجد البركة في وقتهم، في صحتهم، في أخلاقهم، وفي أرزاقهم. البركة لا تعني أن المال سيكثر فحسب، بل تعني أن القليل يكفيك ويشبعك، وأن الله يرضيك بما قسمه لك، فيطمئن قلبك ويسكن بالك.
سورة البقرة.. العلاج الشامل
قل لي بربك، هل تعاني من مشكلة مستعصية؟ علاقة متوترة؟ خلاف عائلي؟ هم في العمل؟ ابدأ بقراءة سورة البقرة وسترى العجب.
إنها كالغيث ينزل على الأرض القاحلة فيحييها. كلماتها هي دواء للقلوب المنكسرة، وسلاح للأضعف إيماناً. كم من إنسان كان على حافة اليأس، فلازم قراءتها فوجد الحل يأتيه من حيث لا يحتسب. لماذا؟ لأنك عندما تقرأ كلام الله، فإنك تتصل بمصدر القوة والحكمة المطلقة. أنت تستشير خالق الكون في مشكلتك، أفلا يهديك لحلها؟
اقرأها في الصباح لتكون لك وقايةً طوال النهار، واقرأها في المساء لتغسل عنك هموم النهار وتنام في حفظ الله ورعايته.
حصن منيع من شر الإنس والجن
في زمن كثر فيه الحسد والعين، وأصبحت النفوس الضعيفة تتربص بالآخرين، أصبح لزاماً علينا أن نحصن أنفسنا. وسورة البقرة هي أعظم حصن.
هل سمعت عن السحر؟ عن الحسد؟ عن التلبس؟ قد يستهين البعض، ولكنها حقائق ذكرها القرآن. وآخر سورتين في البقرة – المعوذات – هما سلاحك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ختم سورة البقرة بآيتين أعطيهما من كنزه الذي تحت العرش، فلا تَدَعوهما في ليل ولا نهار".
عندما تقرأ "قل أعوذ برب الفلق" و "قل أعوذ برب الناس" فكأنك تلبس درعاً من نور لا يقربه سهم حاسد ولا ساحر.
كلمات أخيرة من القلب
عزيزي القارئ، لن أكلفك ما لا طاقة لك به. ابدأ بخطوات صغيرة:
1. ابدأ بآية الكرسي بعد كل صلاة. لا تتخلى عنها.
2. اقرأ آخر آيتين من سورة البقرة (آمن الرسول...) كل ليلة قبل نومك. فهما تحميانك حتى تصبح.
3. اقسم سورة البقرة على أيام الأسبوع. اقرأ صفحة أو صفحتين يومياً. المهم أن تستمر.
4. استمع إليها في سيارتك، أو في بيتك وأنت تعمل. فحروفها لها تأثير حتى بالسمع.
لا تنتظر حتى تصبح حياتك مثالية لتبدأ. ابدأ الآن وأنت في قلب المشكلة، وستجد أن السورة هي التي ستجعل حياتك مثالية.
والله، لو يعلم الناس ما في سورة البقرة من أسرار، لتركوا كل شيء وأقبلوا عليها. هي ليست مجرد آيات نقرأها للأجر فحسب، بل هي برنامج حياة متكامل، فيها قصص لأخذ العبرة، وأحكام لتنظيم الحياة، ومواعظ تصلح القلب، ورقائق تذرف الدمع.
لا تحرم نفسك هذا الخير. اجعلها رفيقتك، وسلاحك، وطبيبك، ومفتاح رزقك.
والله الذي لا إله إلا هو، إن الذي يدوم على قراءتها بخشوع وتدبر، سيرى بأم عينيه أبواب الرزق تُفتح، والمشاكل تُحل، والقلق يتبدد، ويشعر بطمأنينة لا يعرفها إلا من جرب.
جرب ولمسة واحدة من نورها، وأعدك أنك لن تتركها أبداً.
