قصة سيدنا ادم
خلق آدم عليه السلام لما شاء الله -تعالى- خَلْق آدم -عليه السلام- ليستخلفه في الأرض أخبر الملائكة بذلك، فاستنكروا الأمر واستعظموه؛ فالخلافة في الأرض منزلة رفيعة تتطلب أن يكون المستخلف أهلاً لذلك، وقد جاء ذلك في كتاب الله -تعالى- حيث قال: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}.[١][٢] ولعل سبب هذا التخوّف من الملائكة هو ما رأوا من الفساد الذي فعله الجن في الأرض أو غير ذلك من الأسباب،[٢] إلا أن الملائكة لم يكن لهم بعد أمر الله -تعالى- إلا العبودية والتسليم، وقد أخبرهم الله -تعالى- بأنّه اصطفى آدم وذريته ليكونوا خلفاء في الأرض.[٢] فالله -تعالى- سيجعل من ذريته الصالحين، والأنبياء، والصديقين،[٢] وقيل في بعض كتب أهل العلم إنّه لما خلق الله -تعالى- آدم -عليه السلام- ونفخ فيه من روحه، فما إن مرت الروح في رأسه وقبل أن تصل رجليه حتى حاول النهوض، فوقع فور قيامه، ولهذا قيل إنّ الإنسان خُلق من عجل.[٣] نزول آدم وحواء من الجنة لما خلق الله -تعالى- آدم -عليه السلام- ونفخه فيه من روحه وخلق حواء، بقي آدم في الجنة مدة من الزمن، حتى جاءه إبليس ووسوس له ولزوجته بالاقتراب إلى الشجرة التي نهاهم الله -تعالى-، وجاء ذكر هذه القصة في القرآن الكريم في العديد من السور.[٤] قال الله -تعالى-: {وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ* فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ* وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ* فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ}.[٥] فأغوى إبليس آدم وحواء واقتربا من الشجرة التي نهاهم الله -تعالى- عنها،[٤] ولما خالف آدم -عليه السلام- أمر ربه، وفعل الفعل الذي نهاه الله عنه، اختلف حالهم وانكشفت أجسادهم بعدما سقط عنها ما كان يغطيها. وأمر الله -تعالى- آدم وحواء بالنزول من الجنة، إلا أنّ آدم قد تضرع إلى ربه وناجاه بأن يغفر له ذنبه، فغفر الله له ذنبه وتاب عليه، وأمرهم بالهبوط إلى الأرض، وقيل إنّ آدم -عليه السلام- قد نزل في الهند، وحواء في مدينة جدة في السعودية، والتقيا بعد ذلك في الأرض.[٤] ابني آدم عليه السلام لما هبط آدم -عليه السلام- إلى الأرض بعدما تاب الله -تعالى- عليه، علّمه جبريل بأمر من ربه طريقة العيش في الأرض، وكيفية الكسب لاستمراره في هذه الحياة، ورَزَقه الله من زوجته حواء بابنيه قابيل وهابيل، وهما أول ذرية آدم -عليه السلام-، وكانت حواء تنجب في كل حمل لها ذكر وأنثى.[٦] فابنها قابيل قد حملته أمه مع أخته في بطن واحد، وكان كذلك لهابيل أخت قد جاءت معه في ذات البطن، وكانت شريعة الله في الأرض آنذاك أن يتزوج ذكر كل بطن من أنثى البطن الآخر.[٦] فلما أرادا هابيل وقابيل الزواج وفق هذه الشريعة، لم يقبل قابيل الزواج بأخت هابيل، وأراد الزواج بأخت بطنه، التي لا يجوز له الزواج منها، وإنما يصح زواجها من هابيل.[٦] فلم يقبل هابيل بذلك، فقدم هابيل كبشًا قربانًا منه لله -تعالى-، فتقبله منه، وقدم قابيل زرعًا فاسدًا فلم يتقبله منه الله -تعالى-، قال -تعالى- في كتابه: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}،[٧] فعمد قابيل إلى قتل أخيه هابيل حسدًا وظلمًا، وكان هذا أول سفك دم على الأرض.[٦] وفاة آدم وحواء لم يثبت في قصة وفاة آدم وحواء شيء في نصوص القرآن والسّنة، لكن جاء في كتب أهل العلم أخباراً حول ذلك، فقيل إنّه لما بلغ آدم -عليه السلام- أجله، جلس مع ابنه شيت، وأعطاه تابوتًا فيه نمط من الجنة، يحمل فيه صور الأنبياء من ذريته، وأوصى ابنه شيت بالتمسك بالعروة الوثقى، وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمّدًا عبد الله ورسوله.[٨] وقُبضت بعد ذلك روح آدم -عليه السلام-، وكان ذلك في يوم الجمعة، وصلّى عليه ابنه شيت، وصلت عليه الملائكة ودفن بعد ذلك، وكان آدم -عليه السلام- يعلم بنبوة محمد -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فقد رأى اسمه مكتوباً في الجنة، فأوصى بنيه باتباعه والتمسك بالعروة الوثقى،[٨] وهي الإسلام؛ لأنّه هو الطريق الموصل للجنة.[٩] ولم تعلم حواء بموت آدم حتى سمعت صوت بكاء الكائنات من حولها فلما خرجت وعلمت موت آدم -عليه السلام- حزنت وبكت وبقيت عند قبره أربعين يومًا من غير طعام ولا شراب، حتى مرضت وتوفاها الله بعده، فغسلتها بناتها ودفنت بجانب آدم -عليه السلام-، وقيل إنها قبضت روحها بعد وفاة آدم -عليه السلام- بسنة.