رحلة . الإسراء والمعراج من أروع المعجزات الإلهية يحكيها رسول الله .
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين ،والصلاة والسلام علي أشرف الخلق أجمعين ، أما بعد
- موقعة الإسراء والمعراج.
- اختلف في تعيين زمن هذه الوقعة كالتالي.
- قيل. كان الإسراء في السنة التي أكرمه الله فيها بالنبوة .
- قيل. كان بعد المبعث بخمس سنين.
- قيل . ليلة السابع والعشرين من شهر رجب سنة ١٠. من النبوة .
- قيل قبل الهجرة بستة عشر شهرا أى في رمضان سنة ١٢من النبوة.
- قيل . قبل الهجرة بستة وشهرين ، أي في المحرم سنة ١٣ من النبوة .
- قيل . قبل الهجرة بسنة ،أي في ربيع الأول سنة ١٣ من النبوة.
- وروى أئمة الحديث هذه الوقعة.
قال. ابن القيم .أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده علي الصحيح ،من المسجد الحرام إلي بيت المقدس ،راكبًا علي البراق ،صحبه جبريل عليهما الصلاة والسلام ، فنزل هناك ،وصلي بالانبياء إمامًا،وربط البراق بحلقة باب المسجد.
ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلي السماء الدنيا ،فاستفتح له جبريل ففتح له ، فرأي هنالك آدم أبا البشر، فسلم عليه فرحب به، ورد عليه السلام، وأقر بنبوته ، وأراه الله أرواح السعداء عن يمينه ،وأرواح الأشقياء عن يساره.
ثم عرج به إلي السماء ، فاستفتح له ، فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم ،فلقيهما وسلم عليهما ، فردوا عليه ،ورحبا به ،و أقر بنبوته .
ثم عرج إلي السماء الثالثة،فرأى فيها يوسف ،فسلم عليه، فرد عليه ورحب به، وأقر بنوته .
ثم عرج إلي السماء الرابعة ،فرأى فيها إدريس ،فسلم عليه ،فرد عليه ،ورحب به ،وأقر بنوته.
ثم عرج به إلي السماء الخامسة،فرأى فيها هارون بن عمران ،فسلم عليه ،فرد عليه ورحب به وأقر بنوته.
ثم عرج به إلي السماء السادسة ،فلقى فيها موسى بن عمران ،فسلم عليه ،فرد عليه ورحب به ،وأقر بنوته.
فلما جاوزه، بكى موسى ،فقيل لهُ.مايبكيك؟فقال. أبكى ، لأن غلاما بعث من بعدى يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من
أمتي.
ثم عرج به إلي السماء السابعة ، فلقي فيها إبراهيم عليه السلام ، فسلم عليه ، فرد عليه ، ورحب به وأقر بنبوته.
ثم رفع إلي سدرة المنتهى ، فإذا نبقها مثل قلال هجر ،وإذا ورقها مثل آذان الفيلة ،ثم غشيها فراش من ذهب ، ونور وألوان ،فتغيرت ، فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها .ثم رفع له البيت المعمور ،وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، ثم لا يعودون ، ثم أدخل الجنة فإذا فيها حبائل اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك . وعرج به حتى ظهر لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام .
ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله ،فدنا منه حتي كان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ،وفرض عليه خمسين صلاة ، فرجع حتى مر على موسى ،فقال. له بن أمرك ربك؟ قال، بخمسين صلاة ، قال. إن أمتك لا تطيق ذلك ،
ارجع إلي ربك ، فسأله التخفيف لأمتك ، فالتفت إلى جبريل ، كأنه يستشيره في ذلك ، فأشار . أن نعم، إن شئت ،فعلا به جبريل حتى أتي به الجبار تبارك وتعالى، وهو في مكانه ـ هذا لفظ البخاري في بعض الطرق ـ، فوضع عنه عشرًا ، ثم أنزل حتي مر بموسى ، فأخبره ، فقال. ارجع إلى ربك فسأله التخفيف ، فلم يزل يتردد بين موسي وبين الله عز وجل ،حتى جعلها خمسًا ،فأمره موسي بالرجوع وسؤال التخفيف ، فقال. قد استحييت من ربي ، ولكني أرضى وأسلم فلما بعد ، نادى مناد . أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي.
- وقد جاء في بعض الطرق . إن صدره شق في هذه المرة أيضًا ، وقد رأي في هذه الرحلة أمورا عديدة .
- عرض عليه اللبن والخمر ، فاختار اللبن ،فقيل هديت الفطرة أو أصبت الفطرة ،أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك.
- ورأى أربعة أنهار يخرجن من أصل سدرة المنتهى . نهران ظاهران ،ونهران باطنان،
- فالظاهران هما . النيل والفرات ، عنصرهما . والباطنان . نهران في الجنة . ولعل رؤية النيل والفرات كانت إشارة إلى تمكن الاسلام من هذين القطرين ، والله أعلم.
- ورأى مالكًا خازن النار ، وهو لا يضحك ، وليس على وجهه بشر ولا بشاشة ، وكذلك رأى الجنة والنار .
- ورأى أكلة أموال اليتامى ظلما ، لهم مشافر ، كمشافر الإبل ، يقذفون في أفواههم قطعًا من نار كالأفهار ، فتخرج من أدبارهم .
- ورأى أكلة الربا ،لهم بطون كبيرة ،لايقدرون لأجلها أن يتحولوا عن أماكنهم ، ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون علي النار فيطئوهم .
- ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب ، إلى جنبه لحم غث منان ، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون الطيب السمين.
- ورأى النساء الاتى يدخلن علي الرجال من ليس من أولادهم ، راهن متعلقات بثديهن.
- ورأى عير من أهل مكة في الإياب والذهاب ، وقد دلهم ندّ لهم ، وشرب ماء هم من إناء مغطى وهم نائمون ، ثم ترك الإناء مغطي ، وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء .
- انتهى ـ ولله الحمد ـ النهاية .