قصة: "مغارة شداد بن عاد والصعاليك الثلاثة"

قصة: "مغارة شداد بن عاد والصعاليك الثلاثة"

0 المراجعات

قصة:
"مغارة شداد بن عاد والصعاليك الثلاثة"

قال وهب:
قال أبو محمد عبد الملك بن هشام، حدثنا زياد بن عبد الملك البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي عن عبيد بن شرية الجرهمي قال:
حدثنا شيخ من أهل اليمن بصنعاء وكان معمراً عالماً بملوك حمير وأمورها
‏قال لنا :

كان باليمن رجل من عاد بن قحطان وهو عاد الأصغر وأما عاد الأكبر فلم يبق منهم أحد.
قال الله تعالى: {فهل ترى لهم من باقية} وإن هذا الرجل العادي كان يقال له الهميسع بن بكر وكان جسوراً لا يهاب أمراً وكان يعرف بذلك، وكان أكثر طلبه المغارات في جبال اليمن
وأنه آتاه رجل فاتك من عبس وآخر من خزاعة وكانا صعلوكين جسورين فقالا له:
يا هميسع احملنا من أمرك على ما تريده فانا نبلغ مرادك، فمضى معهما الهمسيع حتى أتى بهما جبلاً ،حتى بلغ باب كهف عظيم ، ودخلت قلوبهم وحشة عظيمة وسمعوا من داخل الكهف دوياً عظيماً وعلى بابا الكهف نقش بالحميري !؟
فقالا له: اقرأ يا ميسع فقرأه فإذا هو مكتوب هذين البيتين:
لا يدخل البيت إلا ذو مخاطرة
أو جاهل بدخول الكهف مغرور

إن الذي عنده الآجال حاضرة
موكل بالذي يغشاه مأمور

واصاب  الخوف والجزع على الخزاعي وولى هارباً 
قال الهميسع: نمضي في هذا الكهف أم لا؟ فقال له العبسي  : نعم.
في الكهف حيناً، فإذا حيات يصفرن عن يمين وشمال ورياح تجري عليهما من داخل الكهف، وسمعا دوياً من داخل الكهف !
فقال العبسي: لقد حملت نفسك على مكروه يا هميسع أعلى يقين أنت من هذا الكهف؟ فقال له الهميسع: ما تيقنت إلا ما رأته عيني، وهما داخل الكهف حتى وقف به على بابا آخر !
أعظم من الباب الأول وأهول وأشد وحشة وزاد عليهم الدوى والحسيس وعلى الباب بالخط الحميري. فقال له
العبسي:
اقرأ يا ميسع فقرأه :
انظر لرحلك لا يساق فإنه
حتم الحمام إلى العرين يساق
يا ساكني جبلي شمام لعله
يوفي بما أجنبتما الميثاق
قوموا إلى الإنسي أن محله
يدعو إلى يوم الفراق فراق
فولى العبسي هارباً عنه وناداه الهميسع فلم يلتفت إليه، وولى وهو يقول: قاتل الله أخا عاد ما أجسره! 
فهم الهميسع أن يفر ثم حمل نفسه على الأصعب ومضى حتى بلغ إلى باب هو أعظم هولاً وأشد وحشة وعليه نقش بالخط الحميري فقرأه الهميسع فإذا فيه مكتوب:
قد كان فيما قد مضى واعظ
لنفسك البينة المسمعه

إن جهل الجاهل ما قد آتى
وكان حيناً قلبه في دعه

فدخل الباب الثالث فسمع دوياً عظيماً كالرعد وهده عظيماً، فبينما

هو كذلك إذ برز إليه تنين أحمر العينين فاتح فاه فلما رآه الهمسيع رجع إلى الخلف، فسكن حس التيني فوقف  الهمسيع وقال :
‏قدر رآني ولو كان حيواناً لم يدعني وما هو إلا طلسم فرجع له ثانية حتى ظهر له، فسار نحوه فسمع له دوياً عظيماً فهرب فأقبل يسمع الدوى فإذا هو في رجوع التنين كما قاله في إدباره فعلم إنه طلسم فأخذ حذره من صدمته وأقبل يمشي قليلاً ويخفف وطأ قدميه حتى وضع قدمه في موضع فتحرك التنين
ودوى، فأخذ فأس كان معه فحفر على الموضع حتى ظهرت له سلاسل على بكرات. فأجنه الليل فأسرع الخروج من الكهف وجمع حطباً  وأضرم  ناراً وبات عند بابا الكهف

فأقام حتى أصبح فدخل باب الكهف إلى أن وصل إلى البابا الذي رأى فيه التنين، ثم حفر على بقية حد التنين حتى قلعه وسقط التنين
فسار إليه فقلع عينيه فإذا هما ياقوتتان حمراوان لا قيمة لهما !
وسار حتى انتهى إلى بابا هو أعظم هولا وأشد وحشة فلما هم أن يفتحه سمع دوياً عظيماً وبدا له أسد عظيم فرجع أيضاً إلى خلفه فرجع عنه الأسد بدوي عظيم فحفر على موضع حركته كما صنع بالتنين حتى أبطل حركته
‏وقلع عينيه فإذا هما ياقوتتان حمراوان لا قيمة لهما، ثم دخل الباب فإذا هو بدار عظيمة وفيها بيت في وسطه سرير من ذهب و شيخ على رأسه لوح من ذهب معلق وسقف البيت مرصع بأصناف اليواقيت وعلى رأسه في الحائط لوح من ذهب فيه مكتوب (أنا شداد بن عاد عشت خمس مائة عام ....)
وتحته مكتوب:
من ذاك يا شداد عاد أصبحت
آماله مهزومة الأقدام

يا من رآني إنني لك عبرة
من بعد ملك الدهر والأعوام

فكأنني ضيف ترحل مسرعاً
وكأنني حلم من الأحلام

احذر تصاريف الزمان وريبه
لا تأمنن حوادث الأيام

هلا يضرك من كلامي مرة
يا ساكن الغيضات والآجام
وعلى اليمين سرير من ذهب وعليه جاريتان فوق رأسهما في الحائط لوح من ذهب فيه مكتوب (أنا حية وهذه لبة بنت شداد بن عاد - فمن رآنا فلا يثق بالزمان وليكن على بيان فإنه يحدث العز والهوان)  فأخذ الهميسع الألواح وما بالبيت من در وجوهر وياقوت وخرج.
 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

37

متابعين

14

متابعهم

40

مقالات مشابة