غزوه تبوك ..والسيره النبوية. والصحابه الكرام
خواطر الأقصى: مَنقَبَة لِسيدنا عَلِيّ جَعَلها ابنُ تيمية مَنقَصة:
ذكر ابنُ المطهَّر الحلّي الشيعي: أن الصحابة ومَن أتى بعدهم سمَّوا سيدنا أبا بكر خليفة رسول الله، ولم يسموا سيدنا علِيّا بهذا الاسم، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة في غزوة تبوك...
فردَّ عليه ابنُ تيمية بأن مزية هذا الاستخلاف لا تخص سيدنا عليا وحده، بل استخلف النبي صلى الله عليه وسلم سيدَنا ابن أم مكثوم، وسيدَنا عثمان، وسيدَنا سعد بن معاذ وغيرَهم.
وهذا الردُّ العلمي كافٍ مِن ابن تيمية، لكنه لم يكتف بذلك كعادته عندما يريد أن يرسل رسائل معينة، فقال كلاما لا يليق بمقام سيدنا علي، ولا مُبَرِّر له بالمَرَّة، بل هو عبارة عن تبرير شخصي بارد، لا دليل عليه. يقول ابن تيمية:
"واستخلاف عليٍّ لم يكن على أكثرَ ولا أفضلَ ممَّن استخلف عليهم غيرُه، بل كان يكون في المدينة في كل غزوة من الغزوات من المهاجرين والأنصار أكثرُ وأفضل ممَّن تخلف في غزوة تبوك؛ فإن غزوة تبوك لم يأذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لأحد بالتخلف فيها، فلم يتخلف فيها إلا منافق أو معذور أو الثلاثة الذين تاب الله عليهم، وإنما كان معظم من تخلف فيها النساء والصبيان. ولهذا لما استخلف عَلِيا فيها خرج إليه باكيا، وقال: أتدعني مع النساء والصبيان.".
ثم قال ابن تيمية بعد ذلك ما هو أشد وأعظم، قال: "وأيضا فالذي يخلفُ المطاعَ بعد موته لا يكون إلا أفضلَ الناس. وأما الذي يخلفه في حال غزوِه لعَدُوِّه، فلا [يجب أن] يكون أفضلَ الناسِ (وفي نسخة: "يجب أن" ساقطة)، بل العادةُ جارية بأنه يستصحب في خروجه لحاجته إليه في المغازي مَن يكون عنده أفضل ممن يستخلفه على عياله؛ لأن الذي ينفع في الجهاد هو شريكه فيما يفعله، فهو أعظم ممن يخلفه على العيال، فإن نفع ذاك ليس كنفع المشارك له في الجهاد".
وقد رجعتُ إلى روايات هذا الحديث، فوجدتُ السياق على خلاف ما دندن حوله ابن تيمية رحمه الله وغفر له. وتحصيل ما وجدتُ أن سعد ابن أبي وقاص قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في غزوة تبوك، فاستخلف عليا على المدينة، فقال عليٌّ: يا رسول الله، ما كنتُ أُحِب أن تخرُج مخرجا إلا وأنا معك فيه، قال: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي". وفي رواية: "يا رسول الله أَتُخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ غيرَ أنه لا نبِيَّ بعدي". وفي رواية زيادة: "ارجِع فاخلُفني في أهلي وأهلك".
وفي مصنف ابن أبي شبية وغيره عن سعد بن وقاص قال: إن عليا له ثلاث خصال، "لَأَن تكون لي خصلة منها أحبّ إلي مِن الدنيا وما فيها". ثم قال سعد: وسمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كنت مولاه فعلي مولاه"، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي"، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله".
والله أعلم.