عصيان بني إسرائيل لأنبياءهم - الجزء الأول
بنو إسرائيل هم قوم موسى عليه السلام، وهم كذلك أكثر أمة أرسل إليها الله تعالى رسلاً، ومع ذلك لم يؤمن منهم إلا قليل.
يقول الله تعالى في الآية 246 من سورة البقرة: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُِ). انظر إلى كلمة (لنبي) أي واحد من الأنبياء الذين أرسلوا بعد موسى عليه السلام، مما يدل على كثرة عددهم.
(إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُِ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّه).
وحينها لم يكن الله تعالى قد فرض القتال على بني إسرائيل، فطلبوا ذلك من نبيهم.
(قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا)
يقول لهم النبي، إذا فرض الله عليكم القتال هل ستعرضون وتتركون أمر الله لكم؟
(قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا) قالوا بثقة أنهم مستعدون للقتال، وكيف لا يقاتلون في أنهم طردوا من منازلهم.
(فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) وكعادة بني إسرائيل، أعرضوا فور نزول أمر الله تعالى عليهم ولم يقاتلوا إلا عدد قليل منهم ثبت على موقفه.
هؤلاء القلة القليلة أيضاً لم تكن صادقة بشكل كامل في تنفيذها لأمر الله تعالى، فحين خرج طالوت بالجيش للقتال اختبرهم الله تعالى اختباراً حتى يعرف صدقهم.
قال طالوت لقومه إننا سنمر على نهر، فمن لم يشرب منه شيئا وسار معنا فهو منا، ومن توقف عن سير الجيش ونزل يشرب الماء ليرتوي ويروي حصانه فقد تخلف عنا فلا يأتي معنا، إلا من نزل بسرعة ليشرب شربة واحدة ثم يعود للسير مع الجيش.
ماذا فعل بنوا إسرائيل؟
(فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمَْ)، هؤلاء القلة الذين امتثلوا لأمر الله وخرجوا للقتال، عصوا الله وشربوا من النهر فبقيت قلة قليلة منهم.
لما تركوا النهر وساروا باتجاه العدو، نظر بعضهم إلى بعض فإذا هم قليل جدا، جُل بني إسرائيل لم يخرجوا للقتال أصلا، ومعظم من خرج لم يكمل بعد النهر.
(فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ) قالوا لا نظن أننا سننتصر، لأننا عدد قليل.
(قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِين) تخيلوا عدد أقل من هذه القلة هم من أيقنوا بنصر الله. وفي النهاية انتصر طالوت ومن معه ممن آمنوا على جالوت الذي قتله سيدنا داوود عليه السلام.
هذه إحدى قصص بني إسرائيل وتكذيبهم لنبيهم يذكرها الله تعالى لنا لنعتبر منها، ونتعلم منها الدروس، فلا نكرر ما فعلوا.