قصر العظم بدمشق  صورة مشرقة للفن المعماري الاسلامي

قصر العظم بدمشق صورة مشرقة للفن المعماري الاسلامي

0 reviews

قصر العظم بدمشق

صورة مشرقة للفن المعماري الاسلامي

 

عمر محمد شريقي

 

قصر العظم في دمشق مثالا متطورا للفن المعماري  الإسلامي، حيث يقع في أخر سوق البزورية من الجهة الشمالية في دمشق القديمة. وقد تم بناء القصر في القرن الثامن عشر 1749 ميلادي في مدينة دمشق القديمة، وذلك بأمر من أخر والي تركي في سوريا وهو أسعد باشا العظم. حيث تقدر مساحته بنحو 6400مترا مربعا، يحاذيه من الشمال  الجامع الاموي. ويمثل قصر العظم في نمط بنائه وتخطيطه صورة عن نموذج البناء العثماني في دمشق فقد دخلت الزخارف والرخام والحجر والخشب في بنائه.

تاريخ موقع قصر العظم 

 

وفقا لاعتقاد بعض المؤرخين أن القصر تم تشييده على  موقع قصر سابق في عهد المماليك، ويعود للأمير المملوكي سيف الدين تنكز. وقد تعرض وقتها للهدم  على يد المغول أثناء اجتياحهم لدمشق بقيادة تيمور لنك في عام 1401. وأيضا كما يقول المؤرخون هناك جزءًا كبيرا من الزاوية الجنوبية للقصر ترجع لمعبد جوبتير العائد للعصر الروماني.

اختار الوالي أسعد العظم هذا الموقع في المدينة القديمة من دمشق؛ لقربه من الأسواق ومن طرق القوافل التجارية لموقعه الاجتماعي في قلب المجتمع الشامي وليظهر قوته السياسية.

بناء القصر

 

أمر أسعد العظم ببناء القصر ليكون مسكنه الخاص في دمشق، واستجلب لعملية تشييده عمال مهرة يقدر عددهم نحو 800 عامل. وكما استغرقت عملية انتهاء البناء بين السنتين لثلاث سنوات واستخدم فيه مختلف الفنون الزخرفية الإسلامية والدمشقية والعثمانية. واستقدمت مواد بنائه من عدة أماكن.

وكذلك تكونت واجهة القصر بشكل كامل من الحجر وتألفت من رضم زهراء صهباء وسوداء وبيضاء .

للقصر باب فخم مزين قوسه بحجارة بيضاء وصهباء متعاشقة، وعليها زخارف وخيوط هندسية متشابكة مع بعضها مؤلفة تاجًا مستطيلًا، وقد تم ترصيعه بالصدف اللامع والرخام. وتعتلي تاج الباب لوحة زينة مأطرة بالأحجار البيضاء والصهباء، ويوجد في وسطها إطار داخلي مزين بزخارف نافرة وفي وسط اللوحة مكتوبة البسملة وآية وأربعة أبيات شعرية عربية، مكتوبة بالذهب وبنموذج خط الثلث على خراطيش لازوردية.

وبالنسبة لنوافذ القصر فهي على الأغلب مستطيلة مأطرة برخام أبيض وأصهب معشق، وعليها زخرفة فسيفسائية جصية. وفيه نوافذ عالية، تعد مناور لقاعة السقف المرتفع، وهناك نافذتان عاليتان باستقامة الباب. ومن ثم تأتي نوافذ مستطيلة على الجانبين متناوبة مع كوات دائرية . هذا وقد بنيت إطارات النوافذ العليا من الحجر القرمدي، ومزينة بزخارف هندسية نافرة، وبشكل عام الأبواب وأغلاق النوافذ الخشبية مزينة بخيوط متشابكة هندسية عليها حلقات نحاسية مخرمة. وفي عتبة الرواق هناك فسيفية مركبة  مؤلفة من مشقفات رخامية ملونة.

أقسام القصر

 

تم تقسيم القصر في ثلاثة أجنحة، من أكبرها جناح العائلة، وهو الجناح الأوسط وما يُدعى بالتركية جناح الحرملك، ومن جانبه الجنوبي جاء جناح الضيوف ويسمى بالتركية السلاملك وتبلغ مساحته نصف مساحة جناح العائلة، أمّا الجناح الثالث فقد احتل الجزء الشمالي للقصر ومساحته صغيرة مقارنة بالجناحين السابقين ويدعى بالخدملك

الأجنحة 

 

- خصص الجناح الأوسط لعائلة أسعد العظم حيث يقيمون فيه، وكان مدخله عبر جناح الضيوف وليس له مخرج خاص إلى خارج القصر.  وهو أجمل جناح والأوسع ، ويشرف على فسحة تنفتح على السماء وتضم فيها حوض من الشجر والزرع، وبحرة مستطيلة كبيرة وثانية شكلها مضلع.

 وكما يوجد حولها 11 قاعة كبيرة وإيوان ورواق وتشرف عليها من فوق غرف الطابق العلوي. وجدرانه مبنية من الحجر النحيت، وفيها رضم بألوان زهراوية وسوداء متناوبة، وكما يوجد مصبات ومكتبات فيها مشكاوات تتزين بمصابيح.

- جناح الضيوف معد لاستقبال الضيوف واللقاءات الرسمية وأعمال الوالي أسعد باشا.  ويوجد فيه فسحة متوسطة الحجم، تحوي على أحواض وإيوان وخمس قاعات كبيرة، وفي الطابق العلوي تطل عليه عدد من الغرف.

- الجناح الثالث تم تخصيصه لأعمال المنزل والمطبخ وللمخازن. يوجد فيه 3 قاعات في الطابق الأرضي. وتتبع له فسحة مساحتها متوسطة، وتوسطها بحرة .

ويتبع للقصر أصطبل ومكانه شمال باب القصر،  لكنه هدم في عشرينيات القرن العشرين، وأنشئ مكانه عمارة.

قاعات القصر

 

تحول القصر في الوقت الحاضر إلى متحف للتقاليد الشعبية، ويوجد فيه 15 قاعة تعرض ما كان يتعلق بالماضي السوري وفيها دمى تمثيلية تصور ما كان عليه الماضي والقاعات هي: 

-  قاعة الكتابة والتدريس وتمثل المدرسة التقليدية القديمة.

- قاعة الآلات الموسيقية الشرقية تضم نماذج للآلات الموسيقية الشرقية، بالإضافة لصور أعلام الموسيقى العربية.

- قاعة الاستقبال وتحوي الأثاث الدمشقي.

- قاعة الصدف تتضمن مجموعة من الأدوات والأثاث الخشبي المطعم بالصدف.

- قاعة الحماية تحتوي على مشاهد من الحياة اليومية للعائلة الدمشقية.

- قاعة العروس فيها مشاهد مراسيم الأعراس التقليدية القديمة.

- قاعة الملك فيصل تضم أشياء للملك فيصل.

- قاعة الحج تعرض مشاهد لمحمل الحج الشامي القديم مع أمير الحج.

- قاعة السلاح تشمل مجموعة من الأسلحة القديمة التي استعملت في الدفاع عن سوريا.

- قاعة المقهى الشعبي نموذج عن المقاهي الشعبية القديمة.

- قاعة الحمام وفيها ما يحاكي حمامات السوق العامة. 

- قاعة النسيج عن نماذج وأنواع النسيج الدمشقي بأنواعه.

- القاعة الكبرى  تمثل قاعة استقبال أسعد باشا.

- قاعة الجلود تتضمن الأدوات والأغراض المصنوعة من الجلد.

- قاعة الإيوان وهو مشهد عن دكان الخشب.

- قاعة النحاس فيها نماذج لصناعة النحاس.

-قاعة الزجاج تعرض مشهد صناعة الزجاج.

 

والجدير بالذكر، إنه بعد نجاح المتحف، قامت الحكومة السورية بأعمال الترميم  جناح النساء في أوائل ستينيات القرن العشرين الذي تدمر إثر القصف الفرنسي عام 1925، وذلك أثناء وجود الاحتلال الفرنسي في سوريا ولم يتم إصلاحه من وقتها. ويشار إلى أن الحكومة السورية  اشترت حصة عائلة العظم في  المنزل عام 1951 بقيمة (100,010 ليرة سورية ). وعند بدء عملية الترميم اعتمدت على مخططات المنزل الفرنسية، فضلًا عن الوصف المُقدم من قبل أعضاء عائلة العظم. هذا وفي 2011 تم إضافة قاعة سميت قاعة شفيق الإمام تكريمًا للمؤسس الأول للمتحف.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

5

متابعين

14

متابعهم

3

مقالات مشابة