تفسير آيات من سورة يوسف - الجزء الثاني عشر
نستكمل تفسير آيات سورة يوسف من الآية 84 إلى الآية 87
كنا قد توقفنا عندما أخذ يوسف أخاه إلى القصر وعاد الإخوة بدونه إلى كنعان سوى الأخ الأكبر الذي أصر على البقاء حتى لا ينكث بوعده لأبيه.
وتحكي هذه الآيات الكريمة عن ما حدث ليعقوب عليه السلام حين علم أنهم فقدوا بنيامين، وكذلك عن قدوم أبناء يعقوب مرة أخرى وهم في حاجة ماسة لشراء القمح.
(وَتَوَلَّىٰ عَنۡهُمۡ)
أي تركهم يعقوب عليه السلام وأعرض عنهم.
(وَقَالَ يَٰٓأَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُف)
وعاد يذكر يوسف مرة أخرى ويتحسر على فقده.
َ(وَٱبۡيَضَّتۡ عَيۡنَاهُ مِنَ ٱلۡحُزۡنِ فَهُوَ كَظِيمٞ)
وظا سيدنا يعقوب عليه السلام يبكي يوسف كثيراً حتى ابيضت عيناه أي: صار كفيفا.
(قَالُواْ تَٱللَّهِ تَفۡتَؤُاْ تَذۡكُرُ يُوسُفَ حَتَّىٰ تَكُونَ حَرَضًا أَوۡ تَكُونَ مِنَ ٱلۡهَٰلِكِينَ)
قالوا له إنك ستظل على هذه الحال حتى يفتك بك المرض أو تموت بسببه.
(قَالَ إِنَّمَآ أَشۡكُواْ بَثِّي وَحُزۡنِيٓ إِلَى ٱللَّهِ وَأَعۡلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ)
قال أنا أرسل شكواي وأبعث حزني إلى الله تعالى، هو القادر أن يعيد إلي أبناءي ويزيل عني الهم والحزن، وأنا أعلم من الله أشياء لا تعلمون عنها.
(يَٰبَنِيَّ ٱذۡهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ)
ثم قال لأبناءه مرة أخرى: اذهبوا إلى مصر مجددا وابخثوا عن يوسف وأخيه، لعل يجعل لكم طريقا إليهم. وهذه إحدى الأمور التي عناها يعقوب بقوله (وأعلم من الله ما لا تعلمون) أن يعقوب كان يعلم أن يوسف حي، ولذا قال لهم رغم مرور كل تلك السنين، اذهبوا وابخثوا عن يوسف.
(وَلَا تَاْيۡـَٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيۡـَٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ)
ولا تفقدوا الأمر في إيجادهم فاللذن ييأسون من رحمة الله وقدرته وقرب فرجه هم كافرون.
(فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيۡهِ)
ذهبوا مرة أخرى إلى مصر للبحث عن يوسف وبنيامين كما طلب أبوهم منهم، ثم إنهم دخلوا على يوسف قصره.
(قَالُواْ يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهۡلَنَا ٱلضُّرُّ)
قالوا له: يا عزيز مصر، لقد اشتدت المجاعة علينا، ونفد ما لدينا من الطعام والشراب.
(وَجِئۡنَا بِبِضَٰعَةٖ مُّزۡجَىٰةٖ)
ولدينا مال قليل لا يكفي لشراء ما نريد من القمح.
(فَأَوۡفِ لَنَا ٱلۡكَيۡلَ وَتَصَدَّقۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّ ٱللَّهَ يَجۡزِي ٱلۡمُتَصَدِّقِينَ)
فاصرف لنا مما لديك من القمح وتصدق علينا بذلك، إن الله يجزي المتصدقين ثوابا عظيما.