ومضه من التاريخ الاسلامي الجزء الثالث

ومضه من التاريخ الاسلامي الجزء الثالث

0 reviews

ومضة من التاريخ الاسلامي...
والي حمص...

عندما قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه بزيارة ديار الشام ليتفقد أحوالها فلما نزل بـحمص لقيه أهلها للسلام عليه....

ـ فقال : 
كيف وجدتم أميركم ؟(وكان الأمير سعيد بن عامر الجمحى) 
فقالوا :
"نشكو منه أربعًا : لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار ، ولا يجيب أحد بليل ، وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه ؛ وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا ، وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين"

قال عمر : 
فجمعت بينه وبينهم ، ودعوت الله الا يخيب ظني فيه ؛ فقد كنت عظیم الثقة به ....

فقال (سعيد) :
"أما قولهم : إني لا أخرج إليهم حتى يتعالى النهار ، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب ، إنه ليس لأهلي خادم ، فأنا أعجن عجيني ، ثم أدعه حتى يختمر ، ثم أخبز خبزي ، ثم أتوضأ للضحى ، ثم أخرج إليهم". فتهلل وجه عمر وقال: "الحمد لله، والثانية؟!".

قال سعيد: 
"وأما قولهم : لا أُجيب أحدًا بليل ، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب ، إني جعلت النهار لهم ، والليل لربي ..

وأما قولهم : إن لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما ، فليس لي خادم يغسل ثوبي ، وليس لي ثياب أبدلها ، فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر حتى يجف بعد حين ، وفي آخر النهار أخرج إليهم ....

وأما قولهم : إن الغشية تأخذني بين الحين والحين ، فقد شهدت مصرع (خبيب الأنصاري) بمكة ، وقد بضعت قريش لحمه ، وحملوه على جذعة ، وهم يقولون له: أتحب أن محمدًا مكانك ، وأنت سليم معافى؟ 
فيجيبهم قائلاً: والله ما أحب أني في أهلي وولدي ومعي عافية الدنيا ونعيمها ، ويصاب رسول الله بشوكة ، فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته ، وأنا يومئذٍ من المشركين ، ثم تذكرت تركي نصرة (خبيب) يومها ، أرتجف خوفًا من عذاب الله ، ويغشاني الذي يغشاني" 🤍

ـ وعند ذلك قال (عمر) : الحمد لله الذي لم يخيب ظني به ؛ ثم بعث له بألف دينار ليستعين بها على حاجته .

ـ فلما رأتها زوجته قالت له : الحمد لله الذي أغنانا عن خدمتك ، إشتر لنا مؤنة واستأجر لنا خادماً . 
ـ فقال لها : وهل لك فيما هو خير من ذلك ؟
ـ قالت : وما ذاك ؟ ! 
ـ قال : ندفعها إلى من يأتينا بها ، ونحن أحوج ما نكون إليها . 
ـ قالت : وما ذاك ؟ ! 
ـ قال : نقرضها الله قرضا حسنا . 
ـ قالت : نعم ، وجزيت خيراً .

فما غادر مجلسه الذي هو فيه حتى جعل الدنانير في صرر ، وقال لواحد انطلق بها إلى أرملة فلان ، وإلى أيتام فلان ، وإلى مساكين آل فلان ....

أين ولاتنا وحكامنا من هذا ....

رضي الله عن سيدنا "سعيد بن عامر" وعن صحابة رسول الله ....

المصدر..
كتاب:
عيون الأخبار الدينوري...

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

9

followers

3

followings

10

similar articles