السيرة النبوية الجزء الاو ل {ولاده الرسول و فتره الطفوله }
ولادة النبي صلى الله عليه و سلم
ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم:
يعد ميلاد النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أهم الأحداث في تاريخ البشرية. فقد جاء هذا النبي العظيم ليكون رسول الله إلى جميع الناس، ليهديهم إلى الصراط المستقيم ويخرجهم من الظلمات إلى النور.
ولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مدينة مكة المكرمة في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل. كان والده عبد الله بن عبد المطلب، وأمه آمنة بنت وهب. عندما ولد، سطع نور من جسده أضاء الأرض والسماء، وارتعدت الأصنام في الكعبة. في هذا اليوم المبارك، ظهرت آيات وعلامات كثيرة تبشر بمجيء هذا النبي العظيم.
بعد ولادته بثلاثة أيام، اعتاد النبي صلى الله عليه وسلم على الرضاعة من إحدى النساء الصالحات، وكانت تسمى حليمة السعدية. وقضى معها في بادية قريش مدة من الزمن حتى بلغ الرابعة من عمره. خلال هذه الفترة، حدثت له آيات وكرامات كثيرة تؤكد على عظمته وكونه رسول الله.
في طفولته، كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يتميز بالذكاء والحكمة والخلق الرفيع. فقد كان صادقًا أمينًا، بعيدًا عن كل صفات الجاهلية وأخلاقها السيئة. كان يحب المساعدة والبر بالناس، ويتجنب كل ما هو باطل أو محرم. كما كان يتميز بالشجاعة والكرم والحلم والرحمة.
وفي سن الخامسة، فقد النبي صلى الله عليه وسلم والده عبد الله قبل أن يولد. وفي سن السادسة فقد أمه آمنة بنت وهب. بعد ذلك، تكفل به جده عبد المطلب حتى وفاته في سن الثامنة. ثم تولى رعايته عمه أبو طالب، الذي أحاطه بعنايته ورعايته.
في هذه الفترة من طفولته، واجه النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من الصعاب والمحن. فقد عاش في بيئة قاسية ومليئة بالجهل والفساد والظلم. إلا أن ذلك لم يؤثر على شخصيته الفذة ولم ينال من أخلاقه العالية. بل إنه كان محبوبًا من قبل الناس جميعًا بسبب سماحته وحسن خلقه.
وفي سن الحادية عشرة، رافق النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبو طالب في رحلة تجارية إلى الشام. وهناك قابل راهبًا نصرانيًا اسمه بحيرا، الذي تنبأ بمجيء هذا النبي العظيم وأشار إلى علامات النبوة الظاهرة عليه. هذا الحدث كان له أثر كبير في تأكيد الرسالة النبوية للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
في هذه الرحلة إلى الشام، أظهر النبي صلى الله عليه وسلم العديد من الصفات الحميدة والأخلاق الرفيعة التي كانت سببًا في إعجاب الناس به. فقد كان صادقًا أمينًا في تجارته، عفيفًا طاهرًا في سلوكه، حليمًا رحيمًا في معاملته. هذه الصفات جعلته محط أنظار الناس، وكسبته احترامهم وتقديرهم.
وعندما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم سن الحادية والعشرين، تزوج من السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. كانت هذه المرأة الصالحة من أشراف قريش وأغنيائهم. وقد أثبتت له حبها وتقديرها طوال حياتهما المشتركة. وكان لهذا الزواج أثر كبير في توطيد أركان حياة النبي صلى الله عليه وسلم وتمكينه من القيام برسالته.
خلال هذه الفترة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، برزت أخلاقه الفاضلة وصفاته الحميدة التي أعجبت الناس به. فقد كان يتمتع بالصدق والأمانة والشجاعة والحلم والرحمة والكرم. وهذه الصفات جعلته محبوبًا عند قومه، حتى أطلقوا عليه لقب "الأمين" لأمانته وصدقه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم كثير الحضور في المناسبات والأعياد التي تقام في مكة. فقد كان يشارك في الأنشطة الاجتماعية والرياضية التي ينظمها أهل مكة. وكان له دور بارز في فض النزاعات والخلافات بين القبائل، فيلجأ إليه الناس لحل مشاكلهم ونزاعاتهم.
وفي سن الخامسة والعشرين، شارك النبي صلى الله عليه وسلم في إعادة بناء الكعبة المشرفة. وكان له دور محوري في حل خلاف نشب بين قبائل قريش حول من سيضع الحجر الأسود في مكانه. فاقترح عليهم أن يختاروا رجلاً يضع الحجر، وقد وقع اختيارهم عليه.
وفي هذه الفترة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم، اشتهر بصفاته النبيلة وأخلاقه الرفيعة. فقد كان يحظى باحترام الجميع وتقديرهم بسبب سيرته الطاهرة وتصرفاته الحكيمة. وكان يتميز بحسن المعاشرة والتواضع والرفق بالناس.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي الكثير من وقته في التأمل والتفكر والعبادة. فقد كان يحب الانزواء في غار حراء للتعبد والتدبر في آيات الله. وفي إحدى هذه المرات، تجلى له جبريل عليه السلام وأنزل عليه أول آيات القرآن الكريم، بدء رسالته النبوية.
خلال فترة طفولته وشبابه، بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يُشعر بأنه مختار لحمل رسالة عظيمة. فقد كان يتأمل في أحوال قومه ويرى الجهل والفساد والظلم قد انتشر بينهم. وكان يتطلع إلى إصلاح هذه الأوضاع والدعوة إلى عبادة الله الواحد الأحد.
وعندما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الأربعين من عمره، تلقى أول الوحي من الله عز وجل عبر جبريل عليه السلام. وبدأت بذلك رحلة الدعوة والجهاد في سبيل الله التي أرسله الله بها إلى الناس كافة. وسيكون لهذه الرحلة المباركة أثرها العظيم في تغيير وجه التاريخ البشري.
هكذا مضت سنوات طفولة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، وهو ينمو ويترعرع في ظل هذه الأسرة الكريمة التي أعدته ليكون خير رسول أرسله الله أرسله الله الى العالمين .