قصة سيدنا يوسف وتكريم الله له
الكثير من الأنبياء اختبرهم الله في أمور عدة وتعرضوا لكثير من العقبات وواجهوا الكثير من الشدائد وتم ذكرهم في القرءان بمسميات كثيرة ولكن يبقي الهدف التعلم والاخذ بالأسباب من هذه القصص وليس مجرد القراءة فقط لذا اليوم سنتناول واحدة من اهم القصص التي تخص الأنبياء الا وهي قصة نبينا يوسف الذي تعرض لما لا يستحمله أحد فكيف تحمل كل هذا وما هي الأسباب التي اخذها بها وكيف نستفيد من هذه القصة؟
نشأة سيدنا يوسف:
هو يوسف بن نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم علية السلام، ولد في مدينة فدان ارام في العراق، تزوج نبي الله يعقوب وأنجب احدى عشر اخ وبعدها تزوج من أم سيدنا يوسف وكانت تسمى رحيل، وانجبت له يوسف وبن يمين وأصبحوا الأخوة الغير الاشقاء لهم وكانت الزوجة الأقرب لقلب يعقوب وتوفت عند ولادتها، وكان يعقوب يميز يوسف عن بقية اخواته وهذا ملئ قلوب اخواته بالحقد والغيرة والحسد وتدبير له مؤامرة لإزاحته من طريقهم، كما انه تميز بشدة الجمال.
مؤامرة أخوة يوسف:
في البداية رأى يوسف عليه السلام مناما وأخبر والده كما ذكر في القران الكريم فقال تعالى: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأبِيهِ يا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) ففسرها له والده بأنه سوف يحظى بمكانه عظيمة، وأن الاحد عشر كوكبا هم أخواته والشمس والقمر هم ابيه وأمه وجميعهم سيسجدون له، وأمر يعقوب يوسف بأنه لا يخبر أخواته بهذا المنام حتى لا يحقدون عليه ويحسدونه ويتسببون في أذيته، وبعد ذلك تجمعوا أخواته ليتحدثوا على كيفية التخلص منه بسبب حب أبيه الذائد له، فقرروا أن يقتلوه ثم يتوبون بعدها، فذهبوا الى ابيهم ليحدثوه لماذا لم يأتمن على يوسف معهم، فأخبرهم بأنه يخاف أن يأكله الذئب، ولكنهم أصروا على ان يأخذوه وبعد الحاح شديد بأن يأخذوه للعب والفسحة وافق يعقوب، وبالفعل ذهبوا الى الصحراء واظهروا حقدهم وعدواتهم امام يوسف وفكروا في حلين اما يقتل او يرمى بعيدا عن النظر وعن أماكن الطرق وسير القوافل لينساه والده ويحبهم بدلا منه، بينما تكلم اخوة يهوذا واقترح ان يلقوه في البئر وفي البداية نزعوا قميصه ووضعوا عليه دم كاذب ليدعوا انه أكله الذئب ثم ألقوه في البئر، وعادوا الى ابيهم يمثلون الحزن والقهر بالبكاء على يوسف فقالوا له كما ذكر في كتاب الله (قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ) وأوضحوا له انهم لم يقصروا في حفظه ولم يتركوه الا وقت قصير جدا عندما كانوا يستبقوا وذهبوا بقميصه الملطخ بالدماء الكاذبة ليصدقهم ولكنه لم يصدق كلامهم لأنه رأى ان قميص يوسف لم يمزق وعاتبهم ولم يشكى لاحد من الخلق بل ترك أمره لله فقال تعالى في كتابه: (وَجَاءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ۚ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ۖ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ) وبقى يوسف في البئر حتى جاءت قافلة متجهة الى مصر، فذهب أحد من القافلة لجلب الماء فلما وضع دلوه في البئر تمسك به يوسف فصرخ الرجل بأن هناك غلاما فخبأه عن بقيه القافلة، فعرضوه للبيع في سوق الرقيق.
قصة يوسف في مصر:
بعد ان عرض يوسف للبيع في سوق الرقيق في مصر، في وقتها ذهب عزيز مصر ليشتري غلاما له فرأى يوسف وقرر ان يشتريه ببعض من الدرهم، وبعد عودته أمر زوجته بأن تحسن معاملته فقد يصبح ولدا لهم فقال تعال: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ) فبدأت امرأة العزير تعجب بيوسف بعد ان كبر وازداد جمالا وفكرت في اغرائه، ففي يوم كان عزيز مصر خارج البيت، غواها الشيطان بفعل الفاحشة مع يوسف فزينت نفسها وأغلقت على يوسف الغرفة وقفلت جميع الأبواب، لكن رفضها يوسف لخلقه وحسن تربيته، فأسرع يوسف بالخروج من الغرفة لكن منعته وأمسكت بقميصه فتمزق فعاد في هذا الوقت عزيز مصر فبدأت تبرء نفسها وتدعى الأكاذيب بمحاوله يوسف فعل الفاحشة معها فقال يوسف هي من طلبت منه ذلك فقال تعالى: (قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ۚ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَا إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ) فشهد طفل رضيع لم يتكلم بل أنطقه الله بقدرته وقال اذا شق قميصه من الامام فهو من الكاذبين واذا شق من الخلف فهو من الصادقين فتأكد العزيز بخيانة زوجته فطلب منها التوبة والاستغفار عن ذنبها، بعد ذلك ذهب يوسف الى السجن بعد ان سبب في حدوث فتنه بين النساء لشدة جماله، ففي السجن رأى فتيان رأيا في مناهم فقصاهما على يوسف فقال تعالى: (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ۖ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ۖ وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ ۖ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ۖ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فكان تفسير يوسف هوان احدهم سوف يصلب وتأكل الطيور من رأسه، والأخر سوف ينجو ويعمل عند الملك وطلب من الذي ينجو ان يخبر قصته للملك عسى ان يعفوا عنه، فبعد فترة فسر يوسف رؤيا الملك وقرر الملك مقابلته ليكافئه وتحدث يوسف معه في امر التحقق من سجنه وظهرت ببراءته باعتراف النساء بعفته وخطئهن، وبعد ذلك اصبح يوسف أميننا على خزائن الدولة، وانتشر بعد ذلك الجوع والقحط وذلك كان تفسير لرؤية الملك وخزن الكثير من الطعام لتجاوز هذه الفترة فجاءوا جميع الناس الى مصر ليأخذوا الطعام والحبوب.
لقاء يوسف بأخواته وأباه:
رأى يوسف أخوة اثناء توزيع الطعام كان يأخذون حظهم من الطعام مثل باقي الناس ولكن لم يتعرفوا عليه لكبره، فأقترح يوسف بأن يذهبوا ويأتوا بأخاهم الذي كان مع والدهم وكان يقصد بنيامين ليزودهم بما يحتاجونه وقالوا انهم سيحاولون لان مكانه بن يمين كبيرة وخاصة بعد فقده ليوسف فذهبوا اليه وأخبروه بالقصة كان في الأول خائف جدا لكن أقنعوه وبماذا فعل مهم يوسف ف اقتنع بعد ان عاهدوه بالحفاظ عليه وتنفيذ وصيته بأن لا يدخلوا مصر جميعا من باب بواحد بل من أبواب متعددة ووافقوا ونفذوا ما طلبه، وبعد ان قابل اخاه بن يمكن فعل حيلة وأمر أحد بأن يضع الاناء الذي يشرب فيه الملك في متاع اخاه بنيامين وعند خروجهم اتهم يوسف احدهم بالسرقة، ولكنهم دافعوا عن انفسهم بأن لم يحدث ذلك، فقرر ان السارق سيصبح عبدا عن الملك فوجدوا الكأس في متاع بنيامين فأبقاه يوسف عنده، ورجعوا الى ابيهم دون بنيامين وأخبروه ولم يصدقهم فحزن حزن شديد وبكى كثيرا حتى فقد بصره، فأمدهم ان يعودوا ويجدوا يوسف وأخاه، فذهبوا الى يوسف وعلموا وقتها انه اخاهم وطلبوا منه ان يسامحهم فأعطاهم قميصه ليضعوه على وجه ابيه سيعيد بصره وحدث ذلك بالفعل، وطلبوا من ابيهم السماح وذهبوا جميعا لرؤية يوسف، وعندما دخل اباه واخوته سارع اليه لفرحته وجعله بجانبه الى العرش والقي اخواته له ساجدين وقص اباه برؤياه من قبل وحمد الله تعالى.
فهذه القصة تعلمنا التحلي بالصبر والثقة في تدبير الله والتوكل عليه وضرورة العدل بين الأولاد، وان الحفاظ على دعوة دين الله لازمه رغم اي ظروف، وبالدعاء والاقتراب الى الله دائما يحل جميع الصعاب لذلك كان يوسف عليه السلام دائما يذكر ربه ويدعى اليه طوال حياته في جميع المحن والصعاب وكان الله معه لذلك ميزة وانعم عليه الكثير من النعم مثل العلم والايمان، وليس جميع من حولك يحبونك ويريدون لك الخير بل هناك من الناس من يتلون ويظهر عكس ما بداخله لذلك يجب عدم الأمان لاحد، وأخيرا وأهم شيء هو ان البوح بما يحزنني لغير الله لن يفيد ولن يتغير يشئ فالله وحدة قادر على تحقيق المعجزات.