ألا بذكر الله تطمئن القلوب
تعريف ذكر الله:
للذكر مفهومٌ شاملٌ يشمل معنيين رئيسيين،
المعنى العام؛
وفيه كلّ أنواع العبادات، من صلاةٍ وصيامٍ وحجٍ وقراءةٍ للقرآن وتسبيحٍ ؛ لأنّ هذه العبادات كلّها إنّما تُقام لذكر الله وطاعته وامتثال أمره.
المعنى الخاص؛
وفيه ذكر الله -عزّ وجلّ- بالألفاظ التي وردت عنه في آيات القرآن الكريم، أو الألفاظ التي وردت على لسان نبيه صلّ الله عليه وسلّم، وتحمل هذه الألفاظ معاني التمجيد والتنزيه والتقديس والتوحيد له سبحانه، وأعظم هذا الذكر هو تلاوة القرآن الكريم.
أنواع ذكر الله:
أفضل انواع الذكر ما كان مشتركاً بين القلب واللسان،
أمّا أدناه منزلةً فهو ذكر الله -تعالى- باللسان فقط،
وقد نقل النفراي عن القاضي عياض قوله إنّ لذكر الله -عزّ وجلّ- ضربان؛ ذكرٌ بالقلب فقط، وذكرٌ باللسان مع القلب، وذكر القلب له نوعان أيضاً؛ التفكّر في عظمته وجلاله ومصنوعاته المختلفة، واستحضاره في القلب عند امتثال أمره ونهيه، والأول من هذين النوعين أفضل من الثاني، والثاني أفضل من الذكر باللسان مع القلب، أمّا الذكر باللسان فقط فهو أضعف الأنواع وإن كان فيه أجرٌ وثوابٌ.[٣]
فوائد ذكر الله تعالى:
لذكر الله سبحانه فوائدٌ عظيمةٌ منها،
_ يطرد الشيطان، ويُرضي الله عز وجل.
_ يزيل الهمّ عن القلب، ويُدخل فيه الفرح، والسرور، والهناء.
_ينوّر وجه الإنسان، وقلبه.
_يجلب رزق الله تعالى.
_ يعلّم الإنسان استشعار مراقبة الله تعالى في كل وقت، ممّا يؤدي به إلى مرتبة الإحسان، التي يعبد الله تعالى فيها كأنّه يراه، فالغافل عن ذكر الله تعالى لا يُمكن له أن يصل إلى مرتبة الإحسان بحالٍ. يؤدي إلى إنابة العبد إلى ربه تعالى، ورجوعه إليه، كما أنّه يقرّبه منه.
_يفتح للإنسان أبواب المعرفة، ويعظّم مهابة الله سبحانه في قلبه، أمّا الغافل عنه؛ فإنّ حجاب الهيبة في قلبه رقيقٌ هشٌّ.
_سببٌ في ذكر الله سبحانه للعبد أيضًا، وهي من أعظم ثمار الذكر، فقد قال الله تعالى: (فاذكُروني أَذكُرْكُم)،ولو لم يكن في الذكر إلّا هذه وحدها لكفى بها فضلًا وشرفًا.
_يُحيي القلوب.
_يحطّ الخطايا والذنوب عن الإنسان.
_يُزيل الوحشة بين العبد وربّه.
_ذكر الله تعالى في العافية، يُعين العبد على ذكر الله تعالى في وقت الشدّة.
_يؤدي إلى نزول السكينة، وغشيان الرحمة على الإنسان، وكذلك حضور الملائكة عليهم السلام، وحفوفها للمجالس التي يكون فيها الذكر.
_يقي الإنسان من الشعور بالندم، والحسرة يوم القيامة.
_سببٌ في عطاء الله تعالى، وإنعامه على العبد، فإنّه سبحانه يعطي الذاكرين أكثر ممّا يعطي السائلين.
_سببٌ في حصول الغرس في الجنة للإنسان.
_نورٌ للإنسان في الدنيا، وفي القبر، ويوم القيامة، وهو سببٌ في اطمئنان قلبه، وشعوره بالأمان. سببٌ في حضور القلب، وتنبّهه، وهو سببٌ في زوال الغفلة عنه كذلك.
_ذكر الله -عزّ وجلّ- هو رأس الشكر له، فمن لم يذكره لم يكن شاكرًا له.
_سببٌ في حصول الكرامة للإنسان عند ربه تعالى، فإنّ أكرم المتقين عند الله -تعالى- من كان لسانه رطبًا دائمًا بذكره.
_سببٌ في استجلاب النعم، ودفع النقم عن الإنسان.
_سببٌ في انشغال الإنسان عن كلام اللهو، والغيبة، والنميمة، ونحوها من آفات اللسان، فنفس الإنسان إن لم يشغلها بالحق شغلته بالباطل.
_في القلب فراغٌ لا يسدّه شيءٌ، إلّا ذكر الله عزّ وجلّ، فإذا صار القلب ذاكرًا لله اصبح اللسان تبعٌ له، فهذا هو الذكر المحمود.
_الذكر سببٌ لتصديق الله تعالى عبده؛ لأنّه يخبر عن الله بأوصاف كماله، فإذا أخبر بها العبد صدَّقه ربه، ومن صدّقه الله تعالى لم يحشر مع الكاذبين، ورُجي له أن يحشر مع الصادقين برحمة من الله تعالى.
قال الله تعالي :
(وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا)