
من هو الحي ومن هو الميت / كيف نحيا بالذكر
كيف تجعل لسانك رطباً بذكر الله
مقدمة
الإنسان في هذه الحياة في حاجة دائمة إلى ما يمد قلبه بالطمأنينة ويملأ نفسه بالسكينة، ولا شيء يحقق ذلك مثل ذكر الله تعالى. فالذكر عبادة عظيمة تجمع بين سهولة الأداء وعِظم الأجر، وهو طريق لصفاء القلب وقرب العبد من ربه. ومن هنا جاءت وصية النبي ﷺ: "لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله"، أي أن يظل المسلم مشغولًا بذكر ربه في جميع أوقاته وأحواله.
لكن كيف يمكن للمؤمن أن يجعل لسانه رطبًا بذكر الله على مدار يومه؟ هذا ما سنوضحه خطوة بخطوة في هذا المقال.
معنى أن يكون اللسان رطبًا بذكر الله

المقصود أن يكون الذكر عادة دائمة، وحضورًا مستمرًا في حياة المسلم، بحيث لا يمر وقت طويل دون أن يذكر الله، سواء بالتسبيح، أو التحميد، أو التهليل، أو الاستغفار. فاللسان الرطب هو اللسان المشغول دائمًا بما يقربه إلى الله، لا بما يبعده عنه.
فضل ذكر الله
ذكر الله حياة للقلوب
الذكر هو غذاء الروح وراحة القلوب، قال تعالى: ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ [الرعد:28]. فالعبد كلما أكثر من ذكر الله شعر بالطمأنينة، وتلاشت عنه الهموم والأحزان.
الذكر سبب لمغفرة الذنوب
جاء في الحديث أن رسول الله ﷺ قال: "من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حُطّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر". فهذا يدل على أن الذكر وسيلة لمغفرة الذنوب مهما عظُمت.
الذكر سبب لدخول الجنة
الأذكار البسيطة، مثل "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر" تُعدّ من الباقيات الصالحات التي تُثقل ميزان العبد يوم القيامة وتكون سببًا لدخول الجنة.
وسائل عملية لجعل لسانك رطبًا بذكر الله
1- ربط الأذكار بالأوقات اليومية
اجعل للأذكار مكانًا ثابتًا في يومك:
أذكار الصباح بعد صلاة الفجر.
أذكار المساء بعد العصر أو المغرب.
أذكار النوم قبل أن تضع رأسك على الوسادة.
بهذه الطريقة يصبح الذكر عادة يومية ثابتة لا تُنسى.
2- اغتنام لحظات الفراغ
كثير من الناس يهدرون أوقاتهم في الانتظار أو المواصلات أو تصفح الهاتف. يمكنك استغلال هذه الدقائق في التسبيح والاستغفار. يكفي أن تقول "أستغفر الله" أو "سبحان الله" مئات المرات خلال يومك دون أن تشعر.
3- استخدام المسبحة أو التطبيقات
المسبحة أو التطبيقات الإلكترونية تساعد على تذكير المسلم بالذكر وتجعله يحافظ على عدد معين يوميًا، مثل قول "سبحان الله وبحمده" 100 مرة أو "لا إله إلا الله" 200 مرة.
4- ترديد الأذكار بعد الصلوات
بعد كل صلاة مفروضة هناك أذكار سنّها النبي ﷺ، مثل التسبيح 33 مرة، والتحميد 33 مرة، والتكبير 34 مرة. وهي وسيلة عملية تجعل لسانك دائم الذكر عقب كل فريضة.
5- ربط الذكر بالمواقف اليومية
يمكنك أن تدرّب نفسك على قول الذكر في مواقف محددة:
عند الدخول إلى البيت: "السلام عليكم ورحمة الله".
عند الخروج: "بسم الله توكلت على الله".
عند الأكل والشرب: "بسم الله"، وبعده "الحمد لله".
بهذا يصبح الذكر حاضرًا في كل لحظة من حياتك.
ثمرات المداومة على الذكر
يقوي الإيمان
الذكر يرسّخ معاني التوحيد في القلب، ويجعل العبد يستشعر عظمة الله دائمًا.
يحمي من وساوس الشيطان
الشيطان يهرب من القلب الذاكر، قال ﷺ: "إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات... وآمركم أن تذكروا الله، فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعًا، فأتى حصنًا حصينًا فاحتمى به، فكذلك العبد لا يَحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله".
يجلب الرزق والبركة
الذكر من أسباب نزول الرزق والبركة في العمر والعمل، لأنه يقرب العبد من الله الذي بيده مفاتيح الخير.
خاتمة
إن جعل اللسان رطبًا بذكر الله لا يحتاج إلى جهد كبير، بل هو تدريب للنفس وتعويد للسان على التسبيح والتهليل والحمد. ومع الاستمرار، يصبح الذكر جزءًا من حياة المسلم لا يستطيع الاستغناء عنه، فيجني ثماره في الدنيا من طمأنينة وبركة، وفي الآخرة من مغفرة وجنة عرضها السماوات والأرض.
فلنحرص جميعًا على أن لا يغيب ذكر الله عن ألسنتنا، فهو مفتاح السعادة الحقيقية وسبب النجاة الأبدية.