«كيف تهذب سلوك ابنك بأسلوب نبوي»

«كيف تهذب سلوك ابنك بأسلوب نبوي»

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

 

هل تخيّلت يومًا أن تهذيب سلوك ابنك لا يحتاج إلى صراخ أو عقاب، بل إلى طريقة استخدمها النبي ﷺ وغيّرت أجيالًا كاملة؟ تعال نكتشف معًا سر التربية النبوية التي تصنع أبناءً صالحين مطمئنين.

التربية ليست أوامرَ تُلقى، ولا عقوباتٍ تُنفَّذ، بل هي فنّ الرحمة والتوجيه بالحكمة. وإذا أردنا أن نهذّب أبناءنا تربيةً إسلامية صحيحة، فلا قدوة أعظم من رسول الله ﷺ الذي قال الله عنه:

"وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ" [القلم: 4].

كان ﷺ المربي الأول، الذي غرس في قلوب الصحابة الإيمان قبل السلوك، فصاروا قممًا في الأخلاق والالتزام. فكيف يمكننا اليوم أن نقتدي به في تهذيب سلوك أبنائنا؟

أولًا: ازرع الإيمان قبل السلوك

الأب الذي يبدأ بتقويم الظاهر وينسى الباطن، كمن يبني بيتًا على رمال. علِّم ابنك من الصغر أن الله يراه، وأن الصدق والأمانة عبادة قبل أن تكون خُلُقًا.

قال النبي ﷺ لابن عباس رضي الله عنه:

"يا غلام، إني أعلِّمك كلمات: احفظ الله يحفظك..." (الترمذي).

هذه الكلمات النبوية كانت درسًا في مراقبة الله وغرس الإيمان قبل التهذيب.

ثانيًا: القدوة أقوى من الكلام

الأب الذي يأمر بالصدق وهو يكذب، أو ينهى عن الغضب وهو يغضب، يفقد هيبته التربوية.
كان رسول الله ﷺ قدوة حيّة، يسبق أفعاله أقواله.
حين رأى طفلًا يأكل من كل ناحيـة الصحفة، لم يصرخ فيه، بل قال بلطف:

"يا غلام، سمِّ الله، وكُل بيمينك، وكُل مما يليك." (البخاري).

كلمة بسيطة ولكنها علّمت الأدب والتهذيب دون إهانة.

ثالثًا: استخدم الحوار لا الأوامر

الرسول ﷺ كان يسأل ويستمع، لا يفرض ولا يوبّخ.
كان الحوار عنده وسيلة للفهم، لا للعقاب.
حين رأى شابًا يستأذن في الزنا، لم يطرده، بل سأله بهدوء:

"أترضاه لأمك؟"
فأجاب الشاب: لا.
فقال ﷺ: "ولا الناس يرضونه لأمهاتهم"، فوضع يده على صدره وقال:
"اللهم اغفر ذنبه وطهّر قلبه" (أحمد).

هكذا تحوّل الانحراف إلى توبة، بكلمةٍ حكيمة وحوارٍ رحيم.

image about «كيف تهذب سلوك ابنك بأسلوب نبوي»
أم تحتضن ابنتيها بابتسامة وهدوء في ضوء الصباح – تعبير عن التربية الإسلامية الرحيمة.

رابعًا: التهذيب بالمحبة لا بالعنف

النبي ﷺ لم يضرب طفلًا قط، ولم يُعنّف أحدًا.
قال أنس رضي الله عنه:

"خدمت رسول الله ﷺ عشر سنين، فما قال لي أفٍّ قط، وما قال لشيءٍ فعلته: لِمَ فعلتَ كذا؟" (مسلم).

كان ﷺ يُهذّب القلوب قبل الأجساد، لأن الطفل إذا شعر بالأمان، استجاب للتربية تلقائيًا.

خامسًا: امدح السلوك الحسن

الكلمة الطيبة تصنع ما لا تصنعه العصا.
كان النبي ﷺ يثني على أفعال الصالحين أمام الناس ليغرس فيهم حب الخير.
فقال ﷺ عن عبد الله بن عمر:

"نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل" (البخاري).

بهذه الجملة شجّعه على مزيدٍ من العبادة دون تجريح أو نقد.

سادسًا: استخدم القصص النبوية في التهذيب

الطفل يتأثر بالقصة أكثر من الموعظة.
احكِ له قصة يوسف عليه السلام في العفة، أو قصة إبراهيم في الطاعة، أو قصة أنس مع النبي ﷺ في الصبر.
القصص القرآني يغرس القيم في اللاوعي، ويُهذّب النفس بأسلوبٍ محبّب.

سابعًا: الدعاء سر النجاح التربوي

مهما بذلت من جهد، فلن تنجح إلا بتوفيق الله.
ادعُ كما دعا الصالحون:

"رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي" [إبراهيم: 40].
واجعل لسانك دائمًا رطبًا بالدعاء لأبنائك بالهداية والصلاح.

ثامنًا: علّمه ضبط الغضب والصبر

قال النبي ﷺ:

"ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" (البخاري).

غرس هذا المعنى في طفلك من الصغر.
اشرح له أن القوة الحقيقية في التحكم بالنفس لا في الانتقام، وامدحه عندما يتصرف بحِلم.

تاسعًا: اجعل البيت بيئة إيمانية

الطفل الذي يسمع القرآن في بيته، ويرى الصلاة جماعة، ويتربى على الذكر،
لن يحتاج إلى توبيخ كثير.
قال الله تعالى:

"وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا" [طه: 132].

القدوة الأسرية تغني عن آلاف الكلمات.

عاشرًا: التربية رحلة لا لحظة

تهذيب السلوك لا يحدث في يوم، بل هو رحلة مستمرة من الصبر والدعاء.
استعن بالله، وكن قدوة، وازرع الحب قبل النصيحة، لتجد في النهاية ابنًا صالحًا يدعو لك في حياتك وبعد مماتك.

قال ﷺ:

"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... أو ولد صالح يدعو له" (مسلم).

فابدأ الآن، وكن أنت الأب الذي يترك أثرًا لا يُمحى.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
mohamed elnagar تقييم 4.99 من 5.
المقالات

226

متابعهم

72

متابعهم

8

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.