وقعت في الزنا ثم تزوجت فهل يغفر الله ذنبي وهل زواجي صحيح أم باطل دراسة شرعية من القرآن والسنة

وقعت في الزنا ثم تزوجت فهل يغفر الله ذنبي وهل زواجي صحيح أم باطل دراسة شرعية من القرآن والسنة

تقييم 0 من 5.
0 المراجعات

وقعت في الزنا ثم تزوجت فهل يغفر الله ذنبي وهل زواجي صحيح أم باطل دراسة شرعية من القرآن والسنة

image about وقعت في الزنا ثم تزوجت فهل يغفر الله ذنبي وهل زواجي صحيح أم باطل دراسة شرعية من القرآن والسنة

قضية الوقوع في الزنا ثم الزواج من نفس المرأة من القضايا التي تشغل قلوب كثير من الناس وتثير عندهم الخوف والندم والقلق حول قبول التوبة وصحة الزواج وموقف الشرع من هذا الفعل العظيم والزنا من أكبر الكبائر التي حرمها الله سبحانه وتعالى تحريما قاطعا فقال في كتابه الكريم ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا وهذا نص صريح يدل على عظم الذنب وخطورته وأنه ليس مجرد معصية عادية بل فاحشة عظيمة تفسد الدين والأخلاق والمجتمع ومع ذلك فإن رحمة الله سبحانه وتعالى أوسع من كل ذنب وباب التوبة مفتوح لكل من رجع إلى الله صادقا نادما مهما عظم ذنبه قال تعالى قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم وهذا أصل عظيم في الشريعة يدل على أن أي ذنب مهما بلغ يمكن أن يغفر بالتوبة الصادقة

والتوبة في الإسلام لها شروط واضحة بينها العلماء استنادا إلى الكتاب والسنة وهي الإقلاع عن الذنب فورا والندم على ما فات والعزم الصادق على عدم العودة إلى الذنب في المستقبل وإذا كان الذنب متعلقا بحقوق العباد فيضاف شرط رابع وهو رد الحقوق أو التحلل منها والزنا ذنب عظيم بين العبد وربه لكنه أيضا يترتب عليه آثار اجتماعية وأسرية ولذلك شدد الشرع في تحريمه ورتب عليه عقوبة شديدة في الدنيا لمن ثبت عليه الحد وتوفرت شروطه ومع ذلك فإن من تاب قبل القدرة عليه تاب الله عليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم التائب من الذنب كمن لا ذنب له وهذا حديث حسن رواه ابن ماجه وغيره وصححه عدد من أهل العلم وهو يدل دلالة واضحة على أن التوبة الصادقة تمحو الذنب مهما كان عظيما

أما مسألة الزواج بعد الوقوع في الزنا فقد تناولها الفقهاء قديما وحديثا وبيّنوا أحكامها تفصيلا بناء على النصوص الشرعية وقواعد الفقه المعتبرة وقد اتفق العلماء على أن الزنا حرام وأنه لا يجوز الاستمرار فيه وأن الواجب على من وقع فيه أن يتوب إلى الله توبة نصوحا ثم يسلك الطريق الحلال ومن هذا الطريق الحلال الزواج الشرعي الصحيح لكنهم اختلفوا في حكم الزواج بين الزاني والزانية قبل التوبة وبعدها

قال الله تعالى الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين وقد اختلف أهل العلم في تفسير هذه الآية فذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنفية إلى أن المقصود بها الزجر والتغليظ وبيان قبح الفعل وليس التحريم المطلق للنكاح إذا حصلت التوبة واستدلوا بأدلة كثيرة منها عموم النصوص التي تدل على قبول التوبة ومنها ما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم من تزويج من وقع في الزنا بعد توبته دون إنكار وقالوا إن الآية محمولة على من لم يتب بدليل قوله وحرم ذلك على المؤمنين أي الزنا لا النكاح

وذهب الحنابلة في المشهور من مذهبهم إلى أنه لا يجوز للزاني أن يتزوج من زنى بها إلا بشرطين التوبة الصادقة من الطرفين وانقضاء العدة إذا كانت المرأة حاملا أو في حكم العدة واستدلوا بظاهر الآية السابقة وبحديث مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم لكنه ضعيف عند جمهور المحدثين ومع ذلك قالوا إن الاحتياط في الدين يقتضي عدم الإقدام على الزواج إلا بعد تحقق التوبة

والخلاصة التي استقر عليها جمهور أهل العلم أن الزواج بعد الزنا صحيح إذا تحققت التوبة الصادقة من الطرفين واستكملت شروط النكاح الشرعية من الولي والشهود والإيجاب والقبول والمهر وانتفاء الموانع الشرعية وهذا القول هو الذي أفتت به دور الإفتاء المعاصرة وكبار العلماء لأنه يجمع بين النصوص ويراعي مقاصد الشريعة في ستر الناس وحفظ الأعراض وغلق باب الحرام وفتح باب الحلال

أما مسألة هل يغفر الله هذا الذنب فالجواب القطعي بنص القرآن والسنة وإجماع الأمة أن الله يغفر الذنوب جميعا لمن تاب توبة صادقة قال تعالى والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما وهذه الآية من أعظم آيات الرجاء حيث نصت على أن التوبة من الشرك والقتل والزنا وهي أعظم الذنوب تؤدي إلى مغفرة الله بل إلى تبديل السيئات حسنات إذا صدقت التوبة واقترنت بالإيمان والعمل الصالح

وقد ثبت في صحيح مسلم أن رجلا قتل مئة نفس ثم تاب فتاب الله عليه فكيف بمن وقع في الزنا ثم ندم وتاب وأصلح وتزوج زواجا شرعيا يريد به العفة والاستقامة إن رحمة الله أوسع من أن تضيق عن هذا كله

لكن من المهم التنبيه إلى أن التوبة ليست مجرد كلمات تقال باللسان بل هي تحول حقيقي في السلوك والقلب ومن علامات صدق التوبة قطع كل أسباب الفتنة والبعد عن الخلوة المحرمة وغض البصر والمحافظة على الصلاة والطاعات والاستعانة بالله على الثبات قال تعالى إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وقال النبي صلى الله عليه وسلم اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن

كما ينبغي على من تاب أن يستر نفسه ولا يفضحها فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا والله يحب الستر والتوبة بين العبد وربه

وفيما يتعلق بصحة الزواج فإن النكاح إذا تم بعد التوبة مستوفيا للشروط الشرعية فهو زواج صحيح باتفاق جمهور العلماء ولا يؤثر الذنب السابق على صحة العقد لأن الإسلام يجب ما قبله والتوبة تجب ما قبلها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح رواه مسلم التوبة تجب ما قبلها وهذا أصل عظيم في الشريعة

وقد أكدت دار الإفتاء المصرية وهيئة كبار العلماء وغيرهم من المجامع الفقهية المعاصرة أن من وقع في الزنا ثم تاب وتزوج زواجا شرعيا فزواجه صحيح ولا إثم عليه بعد التوبة ولا يجوز لأحد أن يعيره بذنب تاب الله عليه لأن الله إذا ستر عبدا فلا يجوز كشف ستره

ومن المهم أيضا تصحيح مفهوم أن الزواج وحده يكفر الزنا فالصحيح أن الذي يكفر الذنب هو التوبة الصادقة أما الزواج فهو وسيلة للعفة وغلق باب الحرام وهو عمل صالح يؤجر عليه الإنسان لكنه لا يغني عن التوبة بل لا بد من اجتماع الأمرين التوبة والزواج بنية الإصلاح

كما يجب التنبيه إلى أن وجود حمل من الزنا له أحكام فقهية خاصة فقد قال جمهور العلماء إن الولد ينسب إلى أمه ولا ينسب إلى الزاني إلا إذا كان هناك نكاح صحيح عند بعض أهل العلم ومع ذلك فإن الطفل لا ذنب له ويجب رعايته والإنفاق عليه وعدم تحميله وزر غيره قال تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى

وخلاصة القول أن من وقع في الزنا ثم ندم وتاب إلى الله توبة صادقة وتزوج زواجا شرعيا مستوفيا الشروط فإن الله يغفر له بإذنه وزواجه صحيح ولا إثم عليه بعد التوبة بل يؤجر على توبته واستقامته وعليه أن يحسن الظن بالله ويجتهد في الطاعة ويبتعد عن الوساوس واليأس فإن اليأس من رحمة الله ذنب عظيم قال تعالى إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون

وعلى المجتمع أن يعين التائبين على الاستقامة لا أن يحطمهم أو يذكرهم بالماضي فالله يفرح بتوبة عبده أشد من فرح رجل وجد راحلته بعد أن ضاعت منه في الصحراء كما في الحديث الصحيح وإذا كان الله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عبده فكيف يجوز للناس أن يقنطوه أو يشككوه في قبول توبته

وفي الختام فإن هذا الدين دين رحمة وعدل وحكمة لم يغلق باب الأمل في وجه أحد ولم يترك الناس فريسة لذنوبهم بل فتح لهم باب الرجوع والإنابة فمن صدق مع الله صدق الله معه ومن أقبل على الله بقلب منكسر وجده غفورا رحيما والله أعلم

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
محمد فروج تقييم 5 من 5. حقق

$0.28

هذا الإسبوع
المقالات

17

متابعهم

5

متابعهم

2

مقالات مشابة
-
إشعار الخصوصية
تم رصد استخدام VPN/Proxy

يبدو أنك تستخدم VPN أو Proxy. لإظهار الإعلانات ودعم تجربة التصفح الكاملة، من فضلك قم بإيقاف الـVPN/Proxy ثم أعد تحميل الصفحة.