رحلة الايمان والوعى بين الروح وتربية النفس والسلام الداخلى والتقرب إلى الله
رحلة الإيمان والوعي نحو السمو الإنساني.
مقدمة-:
بسم الله الرحمن الرحيم:-
الحمد لله الذي خلق الخلق على فطرة التوحيد والصفاء والصلاة والسلام على سيد الأمناء على وحى السماء، من أمد الله بروحه الطاهرة أرواح الأنبياء والأولياء.
خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وجعل له روحًا تسمو به، ونفسًا تُبتلى وتُربّى. وبين هذين البعدين تبدأ رحلة الإنسان الحقيقية في هذه الحياة؛ رحلة البحث عن المعنى، والسعي إلى الطمأنينة، ومحاولة الارتقاء فوق الشهوات والاضطرابات. إن تربية النفس ليست مجرد سلوك أخلاقي، بل هي عبادة قلبية، وفلسفة حياة، وطريق واضح نحو السلام الداخلي والقرب من الله.
اولا: الروح في المنظور الديني والفلسفي :-
الروح سرّ إلهي نفخه الله في الإنسان، فكانت مصدر الحياة والوعي والإحساس. وقد أشار القرآن الكريم إلى عظمة هذا السر بقوله: "ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي". فالروح ليست مجرد عنصر خفي، بل هي جوهر الإنسان وحقيقته التي تتوق دائمًا إلى الصفاء والاتصال بالخالق.
فلسفيًا، تمثل الروح الجانب الأعلى في الإنسان، ذلك الجزء الذي يسعى إلى المعنى والحكمة ويتجاوز حدود المادة. وكلما امتلات الروح بالإيمان والتفكر، ارتقى الإنسان فوق القلق والفراغ الوجودي.
ثانياً: النفس بين الابتلاء والتزكية:
النفس هي ميدان الصراع الداخلي، وهي التي تتأرجح بين الخير والشر، وبين السمو والانحدار. وقد ميّزت النصوص الدينية بين مراتب النفس؛ فهناك النفس الأمّارة، واللوّامة، والمطمئنة. وتربية النفس تعني الانتقال بها من الفوضى إلى الانضباط، ومن الغفلة إلى الوعي.
إن تزكية النفس ليست قهرًا لها، بل فهمًا لطبيعتها، وتعويدًا لها على الطاعة، والصبر، وحسن الاختيار. وهي جهاد يومي لا يقل شأنًا عن أي عبادة ظاهرة.

ثالثاً: العلاقة بين صفاء الروح وصلاح النفس:
لماذا تبدأ راحة بالك الحقيقية من تربية النفس وصفاء الروح؟
حينما تصلح النفس، تشرق الروح، وحينما تسمو الروح، تهدأ النفس. هذه العلاقة العميقة تجعل من تربية النفس شرطًا أساسيًا لنقاء الروح. فالذنوب تُثقِل الروح، والغفلة تُضعفها، بينما الذكر والطاعة يعيدان إليها قوتها ونورها
ومن الناحية الفلسفية، فإن انسجام الداخل هو أساس السعادة، فلا يمكن لإنسان أن ينعم بالسلام وهو في صراع دائم مع ذاته.
رابعًا: وسائل دينية وفكرية لتربية النفس:-
1. المراقبة والمحاسبة:
أن يراقب الإنسان قلبه ونواياه قبل أفعاله، ويحاسب نفسه بعد كل تقصير، دون يأس أو قسوة. فالمحاسبة الصادقة بداية الإصلاح.
2. الذكر والتأمل:
ذكر الله يطمئن القلوب، والتأمل يوقظ الوعي. وعندما يجتمع الذكر مع التفكر، تتحرر النفس .من ضجيج الدنيا، وتستعيد الروح صفاءها.
والجهاز في الذكر عند اولى القطن منصرف إلى تركيز الإرادة والقوة الروحية
في معنى الاسم المذكور والانصراف عن كل ما يشغل عنه حتى لاتتعثر الروح
في الخروج إلى مقامات السالكين فإذا وفقت إلى ذلك فافعل ما بدا لك مما به تصير
اهلا للعطاء تكرم بمقام الربانيين المشار إليه ولا حرج على فضل الله فقد تتحقق
وتعطى وتمنح ما تتضاءل دون بلوغه الآمال من مقامات العبودية الخالصة لله الملك
٣ . الصبر ومجاهدة الهوى:
ليس ضعفًا، بل قوة داخلية تُدرّب النفس على التحكم، وتعلّمها أن العاقبة دائمًا للثبات.
٤.طلب الحكمة:
القراءة، والتفكر، والذكر والحب والتبصر للنفس وسؤال النفس عن الغاية من الأفعال، كلها وسائل فلسفية تعمّق الوعي، وتمنح الإنسان نظرة أوسع للحياة
خامساً: العلاقة بين تزكية النفس والنجاح في الحياة:
الإنسان الذي ينجح في تربية نفسه يصبح أكثر تركيزًا، وأقوى في مواجهة الضغوط، وأقدر على إدارة وقته وطاقته. تزكية النفس تساعد على:
• اتخاذ قرارات عقلانية بعيدًا عن الانفعال
• التعامل مع الخسارة والفشل بثبات
• بناء علاقات قائمة على الاحترام والوعي
• الاستمرار في النجاح دون احتراق نفسي
ولهذا فإن السلام الداخلي الناتج عن صفاء الروح هو وقود الاستمرارية في أي مجال.
سادساً: التحفيز على السير في طريق التزكية وحب الله:
الحب أول الهداية ومفتاح العناية وَإِذا أُعطيت الحب فقد أتيت صولجان الْخيرِ فاستمسك به فإنه العروة الْوُثقى لأنه دليل على أن روحك قد هيئت للانجذاب بسرخفى إِلى المعدن النوراني والروح بطبيعتها تهش وتفرح كلما زج بها صاحبها إلى المعارج الربانية لأنها وطنها الاول تحن إِليه وتسعد به .
صفاء الروح وتاثيرها على الحب والقرب
روحك هىى نَزاعة دائما إِلى الطهر تواقة إِلى الخير الا ان عليها حجابا بل حجبا فمتى تكشفت عنها تلك الحجب وَانقشعت عن مرآته الغياهب وَالظلمة تبدى نورها وأصبحت كأنها الكوكب الدري يستمد النور ويمده ويحد البصر والبصر لا يحده مستمدة نورها من نور سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .فتسعى إلى الحب الدائم.
الخاتمة :-
إن الروح وتربية النفس تمثلان الأساس الخفي لكل نجاح ظاهر. وبين السعي للدنيا والاهتمام بالآخرة، وبين العمل على الواقع والعمل على الذات، تتحقق المعادلة الحقيقية للحياة المتوازنة. فحين ينجح الإنسان في تزكية نفسه، يصبح أقرب إلى الطمأنينة، وأكثر قدرة على النجاح بثبات ووعي
والله ولى التوفيق.