كيف يعود المسلمون لربهم حتى تعود اليهم كرامتهم
حين نرى ضعف أمتنا اليوم، وتكالب الأمم عليها، ندرك أن الكرامة لا تُستردّ بالسلاح وحده، بل بالرجوع الصادق إلى الله. لقد وعدنا الله بالعزّة إن تمسكنا بدينه، فقال تعالى:
"وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ" [المنافقون: 8].
فأين نحن من هذا الوعد الكريم؟
أولاً: معنى العودة إلى الله
العودة إلى الله ليست كلمات تُقال، بل توبة صادقة، وتجديد للإيمان، وإصلاح للنفس. قال تعالى:
"وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" [النور: 31].
فالرجوع إلى الله هو طريق الفلاح والنصر والكرامة، وهو الباب الوحيد لتبديل الحال من ذلٍّ إلى عزٍّ.
ثانيًا: الكرامة في طاعة الله لا في معصيته
قال الله تعالى:
"مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا" [فاطر: 10].
والمعنى أن العزّة لا تُنال بمعصية الله، بل بطاعته والاعتماد عليه. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
“نحن قوم أعزّنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزّة بغيره أذلّنا الله.”
فالأمة التي تركت صلاتها، وتهاونت في دينها، فقدت سرّ عزّتها.
ثالثًا: القرآن مصدر النهوض والكرامة
القرآن هو النور الذي يرفع الأمة من ظلمات الذل إلى نور الكرامة. قال تعالى:
"إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ" [الإسراء: 9].
وقال النبي ﷺ:
“إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين.” (رواه مسلم)
فحين نهجر القرآن، نُهزم في الدنيا قبل الآخرة، وحين نرجع إليه، تعود لنا العزة والسيادة.
رابعًا: التوبة الجماعية طريق الخلاص
قال تعالى:
"إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ" [الرعد: 11].
لن تتبدّل أحوال الأمة حتى تُصلح نفسها وتستغفر ربها. وقد قال النبي ﷺ:
“يا أيها الناس، توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مائة مرة.” (رواه مسلم)
فالرجوع إلى الله لا يكون فرديًا فقط، بل جماعيًا؛ حكومات وشعوب، إعلام وتربية واقتصاد.

خامسًا: القدوة الصالحة بداية التغيير
يبدأ النهوض من النفس. قال الله تعالى:
"قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا" [الشمس: 9-10].
حين يرى الأبناء آباءهم على الصلاح، والمسؤولين على العدل، والمعلمين على التقوى، ينشأ جيل جديد يعبد الله بإخلاص.
سادسًا: النصر وعدٌ لمن نصر الله
قال الله تعالى:
"إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" [محمد: 7].
فكلما التزمنا بشرع الله، أعزّنا، وأزال عنّا الهوان. الأمة التي تتوكل على الله وتبتعد عن الذنوب، يجعل الله لها من كل ضيق مخرجًا.
سابعًا: أقوال السلف في العودة إلى الله
قال الحسن البصري رحمه الله:
“اعمل لدنياك على قدر بقائك فيها، واعمل لآخرتك على قدر بقائك فيها.”
وقال ابن القيم:
“من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية.”
ثامنًا: من مظاهر العودة إلى الله
الإخلاص في العمل والنية.
التمسك بالقرآن والسنة.
ترك المنكرات والفواحش.
نشر العدل والإحسان بين الناس.
تربية الأبناء على الدين والأخلاق.
الدعاء والاستغفار الدائم.
تاسعًا: حين يعود المسلمون... تعود كرامتهم
إذا عاد المسلمون إلى ربهم، أحيوا القلوب بالذكر، وأعادوا للعالم نور الهداية. قال تعالى:
"وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ" [النور: 55].
فالتمكين وعد إلهي لمن تمسّك بشرع الله، وليس لمن أعرض عنه.
عاشرًا: العودة ليست شعارًا بل إصلاحًا شاملًا
العودة الحقيقية تبدأ من تغيير الفكر والسلوك والتعليم والإعلام والتربية، ليصبح الإسلام منهج حياة لا مجرد شعارات.
الخاتمة ونداء القلوب (CTA):
فلنرجع إلى الله رجوعًا صادقًا، لا لحظة خوف فقط، بل حبًا وشكرًا واعترافًا بفضله.
لنبدأ من أنفسنا، فحين يتغير الفرد... تتغير الأمة.
عد إلى الله، ليعود لك الله بالعزة والكرامة والنصر.