الربا في البنوك: الحكم الشرعي الكامل مع أخطر صوره المعاصرة

الربا في البنوك: أنواعه وحكمه في الإسلام مع أمثلة معاصرة

مقدمة

يبحث كثير من المسلمين اليوم عن حكم الربا في البنوك، خاصة مع انتشار التعاملات المصرفية الحديثة، وتعدد صور القروض والودائع وشهادات الاستثمار. ومع تعقّد الحياة الاقتصادية، أصبح من الضروري بيان الحكم الشرعي للربا، وشرح أنواعه، وذكر أمثلة معاصرة توضح صوره المنتشرة في البنوك، حتى يكون المسلم على بصيرة بدينه، ويتجنب الوقوع في الحرام وهو لا يشعر.

ويُعد هذا الموضوع من أكثر الموضوعات بحثًا على الإنترنت، لما له من ارتباط مباشر بحياة الناس اليومية، سواء في القروض أو الادخار أو الاستثمار، وهو ما يجعل الحديث عنه ضرورة شرعية وواقعية في آنٍ واحد.

---

ما هو الربا في الإسلام؟

الربا في اللغة: الزيادة والنماء.

أما في الاصطلاح الشرعي: فهو زيادة مشروطة في أموال مخصوصة، بلا مقابل مشروع.

وقد أجمع العلماء على تحريم الربا، وعدّوه من الكبائر التي توعّد الله تعالى فاعلها بأشد الوعيد.

قال الله تعالى:

> ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 278]

 

---

أنواع الربا في الفقه الإسلامي

أولًا: ربا النسيئة

وهو الزيادة المشروطة مقابل التأخير في السداد، وهو أشهر أنواع الربا وأكثرها انتشارًا في البنوك.

مثاله: أن يقترض شخص مبلغًا من المال، على أن يرده بزيادة بعد مدة معينة.

وهذا النوع هو المقصود الأساسي في التعاملات البنكية الربوية.

---

ثانيًا: ربا الفضل

وهو بيع مال ربوي بجنسه مع زيادة في أحد العوضين.

مثاله: بيع ذهب بذهب مع زيادة، أو مال بمال من نفس الجنس مع التفاضل.

قال النبي ﷺ:

> «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، مثلًا بمثل، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى» (رواه مسلم).

 

---

حكم الربا في البنوك

الربا البنكي محرم شرعًا تحريمًا قاطعًا، ولا يختلف حكمه عن ربا الجاهلية، لأن العبرة بحقيقة المعاملة لا بمسمياتها.

وقد صدرت فتاوى جماعية من كبار العلماء والمجامع الفقهية تؤكد أن الفوائد البنكية هي من الربا المحرم.

أقوال العلماء:

قال الإمام ابن باز رحمه الله: "الفوائد التي تعطيها البنوك على الأموال هي من الربا المحرم بإجماع أهل العلم".

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "كل قرض جر نفعًا فهو ربا، سواء سُمّي فائدة أو عائدًا أو ربحًا".

 

---

صور الربا في البنوك المعاصرة

1️⃣ القروض بفائدة

كل قرض يشترط فيه البنك زيادة مالية مقابل الزمن هو ربا صريح.

2️⃣ شهادات الاستثمار

الشهادات التي تعطي عائدًا ثابتًا مضمونًا تُعد من صور الربا، لأن المال يُقرض للبنك مقابل زيادة محددة.

3️⃣ حسابات التوفير ذات الفائدة

العائد الثابت أو المرتبط بنسبة محددة من المال هو ربا محرم.

4️⃣ غرامات التأخير

الزيادة المفروضة على العميل عند التأخير في السداد تدخل في ربا النسيئة.

---

الفرق بين الربا والربح

وجه المقارنة    الربا    الربح

المخاطرة    بدون مخاطرة    مع مخاطرة
الجهد    لا يوجد    يوجد
الحكم الشرعي    حرام    حلال
الأساس    الزمن    التجارة

فالربح يكون نتيجة بيع أو تجارة مشروعة، أما الربا فهو زيادة مضمونة بلا مقابل.

---

هل يجوز التعامل مع البنوك مطلقًا؟

الأصل جواز التعامل مع البنوك في المعاملات المباحة، مثل:

فتح حساب جاري بدون فوائد

التحويلات البنكية

حفظ الأموال دون عائد ربوي

أما التعاملات التي تتضمن فوائد أو زيادات مشروطة فهي محرمة.

---

حكم من وقع في الربا سابقًا

من تعامل بالربا ثم تاب إلى الله:

يتوب توبة صادقة

يقلع عن المعاملة الربوية

لا يأخذ إلا رأس ماله

قال الله تعالى:

> ﴿فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ [البقرة: 275]

 

---

أسئلة شائعة حول الربا في البنوك

هل الفائدة القليلة حرام؟

نعم، قليل الربا وكثيره حرام.

هل الربا حرام في كل الأديان؟

نعم، حرمه الله في جميع الشرائع السماوية.

هل الضرورة تبيح القرض الربوي؟

الضرورة تُقدّر بقدرها، ولا يُتوسع فيها إلا بفتوى معتبرة.

---

الخاتمة

يتبيّن مما سبق أن الربا في البنوك محرم شرعًا بنصوص القرآن والسنة وإجماع العلماء، وأن تنوّع المسميات المصرفية لا يغيّر من حقيقة الحكم. وعلى المسلم أن يتحرى الحلال في كسبه، ويوقن أن من ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا منه، وأن البركة في المال الحلال، لا في كثرة المال الحرام.

---

مصادر ومراجع

١-القرآن الكريم

٢-صحيح مسلم

٣-فتاوى اللجنة الدائمة

٤-مجموع فتاوى ابن باز

٥-شرح رياض الصالحين لابن عثيمين