سر عرفه العظيم
العهد الأول: هل جمعنا الله يوم عرفة وأقام علينا الحُجّة؟
مقدمة
من أكتر الأسئلة اللي بتشغل عقل الإنسان:
هل ربنا أخد منّا عهد قبل ما نيجي الدنيا؟
ولو حصل… فين وإمتى وليه؟
وهل ده له علاقة بيوم وقفة عرفة؟
السؤال ده مش فلسفة، ده موضوع قرآني وعقدي عميق، والإجابة عليه بتكشف سر كبير من أسرار عدل الله مع عباده.
1️⃣ العهد الإلهي قبل خلق الدنيا
القرآن الكريم حسم أصل المسألة بشكل قاطع، وقال إن ربنا سبحانه وتعالى أخذ عهدًا على كل البشر قبل نزولهم الدنيا:
﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا﴾
(سورة الأعراف: 172)
الآية دي معناها:
ربنا أخرج ذرية بني آدم كلهم
وأشهدهم على نفسهم
وسألهم سؤال واضح: ألست بربكم؟
وكانت الإجابة الجماعية: بلى
وده اسمه في العقيدة:
👉 ميثاق الربوبية أو العهد الأول
2️⃣ هل كان العهد ده في يوم عرفة؟
القرآن ما ذكرش اليوم بالتحديد، لكن السنة وآثار الصحابة وضّحت جزء مهم.
🔹 حديث النبي ﷺ:
«إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنَعمان – يعني عرفة – فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها…»
(رواه أحمد وحسنه بعض أهل العلم)
وعلشان كده:
بعض العلماء قالوا: الميثاق كان في أرض عرفة
وبعضهم قال: قريب منها
لكن مفيش نص قطعي يقول إن ده كان في نفس يوم وقفة عرفة اللي بنصومه
👉 الخلاصة:
✔️ المكان: قريب من عرفة (على قول عدد من العلماء)
⚠️ التحديد الزمني: غير محسوم
3️⃣ ليه ربنا أخد منّا العهد ده؟
القرآن جاوب بوضوح:
﴿أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ﴾
(الأعراف: 172)
يعني:
علشان محدش يوم القيامة يقول: ماكنتش أعرف ربنا
ولا يقول: اتولدت كده ومحدش قالّي
👉 يبقى العهد ده حُجّة إلهية عادلة.
4️⃣ الفطرة.. الشاهد الداخلي
العهد ده ما اختفاش، لكنه اتزرع جوانا كفطرة.
قال النبي ﷺ:
«كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه»
(متفق عليه)
يعني:
كل إنسان بيتولد موحِّد
عارف ربنا جواه
لكن البيئة ممكن تغيّر
وده يفسّر ليه:
الإنسان بيرجع لربنا وقت الشدة
حتى الكافر بينادي: يا رب وهو في خطر
5️⃣ إقامة الحُجّة مش بالعهد بس
ربنا سبحانه وتعالى أقام الحجة على الإنسان بأربع حاجات واضحة:
1️⃣ العهد الأول
2️⃣ الفطرة
3️⃣ العقل
4️⃣ الرسل والكتب
قال تعالى:
﴿رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾
(النساء: 165)
يعني:
الحُجّة اتقطعت تمامًا.
6️⃣ رأي كبار العلماء
🔹 ابن كثير:
الميثاق حق ثابت، وهو إقرار من بني آدم بربوبية الله قبل وجودهم في الدنيا.
🔹 ابن تيمية:
المعرفة بالله مغروسة في الفطرة، والميثاق دليل على ذلك.
🔹 القرطبي:
الآية أصل في محاسبة الإنسان على التوحيد.
الخاتمة
أيوه…
✔️ ربنا جمع البشر وأخذ منهم عهد
✔️ وأقام عليهم الحُجّة
✔️ وزرع التوحيد في الفطرة
✔️ وبعت الرسل تأكيدًا للعهد
علشان كده:
الإنسان لا يولد جاهلًا بالله… بل ينسى، أو يُنسّى
ويفضل يوم عرفة رمزًا عظيمًا:
يوم الميثاق
ويوم المغفرة
ويوم رجوع الإنسان لأصله الأول