قالت رُسُلُهم أفي الله شَك!

قالت رُسُلُهم أفي الله شَك!

0 reviews

(قالت رُسُلُهم: أفي الله شَكّ!!) صدق الله العظيم 

كثيرًا ما يفكر الإنسان مع نفسه ويقول: إنه من السهولة أن يعترف ويُقِرَّ بأن هذا العالَم المُحكَم الصنعة يحتاج إلى صانع حكيم، وبالتالي فوجود الله هو المنطق الوحيد لتبرير خروج هذا العالم بهذه الطريقة البديعة، وهذا النظام المتقَن لدرجة أن الناظر إلى طبيعة السماء ومحتواها من النجوم في أعاليها والسحب والطيور في أدناها، ثم طبيعة الأرض وما في باطنها من كنوز أو وقود وما على ظهرها من عوالم النبات وكذا ما يمشي عليها من أشكال الدواب .. حتى عالم البحار وما يحويه من أعاجيب الخلق كل هذا يبهر عقل الإنسان، كيف لا وعلماء الطبيعة يُفنون أعمارَهم للتخصُّص في دراسة شيء من هذه الأقسام، ويعترفون بوجود نظام خاص ودقيق يسير به كل شيء في هذا الفَلَك الدائر، حتى إن دراسة الإنسان وحده انقسم تحتها الأطباء، فمنهم من وهب حياته لدراسة واستكشاف العين، وطبيب آخر لدراسة المخ والأعصاب، وآخر للعظام والمفاصل، وآخر للرئة والجهاز التنفسي، وآخر للمعدة والجهاز الهضمي.. 

وهذا كله يقضي بأن الحياة الدنيا التي نعيشها تخضع لقوانين دقيقة هناك من هو حكيم أعظم وضع لها هذا النظام.

فليس من المنطق في عصر التكنولوجيا أن ينظر واحد منا إلى جهاز "الآيفون" ثم يدَّعي أنه لا صانع له، أو أنه ظهر بالصدفة أو حصل كتطور من تطورات الطبيعة!!

يسأل الكثير: إذا كان اللهُ موجودًا فلِم لا نراهُ عادلاً؟

إنَّ العقل حين يسلِّم بوجود الإله الخالق الصانع الحكيم يجد بالضرورة أن يكون عادلا ورحيما. 

غير أن الحياة الدنيا التي حول الإنسان بما فيها من ظلم يتنامى مع مرور الأيام، وأمراض تفتك ببراءة الأطفال وتحول سبب السعادة إلى شقاء، كل ذلك لا يساعد الإنسان على إدراك عدالة الله ورحمته بنفس السهولة التي أدرك بها ضرورة وجوده سبحانه.

من أجل ذلك أرسل الله الرسل ليعلموا الناس ما معنى العدالة الإلهية وهي المنهج التطبيقي وهي "الشريعة" وذلك منذ أنزل الله آدم وحواء للحياة على هذه الأرض قائلا لهما: (فإما يأتينكم مِني هُدى فمَن تَبِعَ هُدايَ فلا خَوفٌ عليهم ولا هم يَحزنون).

وضَمِن الله للإنسان إذا طبَّق المنهج أنه لن يرى الشر ولا الظلم ينتشر أبدا، لأن الشريعة تَنهى الإنسان عن الشر، (وكَتَبْنا عليهِم فيها أنَّ النفْسَ بالنفْسِ والعَينَ بالعَينِ والأنفَ بالأنفِ والأذُنَ بالأذُن والسِّنَّ بالسِّنِّ والجُروحَ قِصاصٌ فمَن تَصدَّقَ به فهو كَفَّارةٌ له ومَن لَم يَحْكُم بما أَنزَل اللهُُ فأولئكَ هُمُ الظالمون).

فما انتشار الظلم الذي يراه الناس الآن إلا بسبب عدم تطبيق المنهج الذي كان منذ نبي الله آدم عليه السلام.

لكن مهلا.. أليس الله قادرًا على رفع الظلم بنفسه؟

بلى، الله قادر، وقد حصل هذا على عهد نبي الله نوح عليه السلام.. قال لله:( ربِّ لا تَذَر على الأرضِ مِن الكافرِينَ دَيَّارا، إنَّكَ إنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ، ولا يَلِدُوا إلا فاجِرًا كفَّارا).

لقد أعطى الله للإنسانية هذا الدرس وهذه التجربة المريرة، ليبين للعالم أنه قادر على إنهاء حركة الظلم بنفسه دون تدخل من البشر.

فكل من ظلم نبي الله نوحًا قد أغرقهم الله بالطوفان الذي غمر الأرض وتناقلته الأجيال حتى بات من البعيد استنكاره.

وليس قوم نوح وحدهم بل كذلك صنع الله بقوم لوط وقوم صالح وقوم شعيب .. لقد مَحَى الله ذكرَهم وترك قليلا من حضارتهم "مثل قُرَى ثمود" المعروفة بـ"مدائن صالح" يشهدها الناس للعظة والاعتبار (وإنكم لَتَمُرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون) سورة الصافات.

إن الأحداث حتى الآن تسير على نسق المنطق.

لكن في عصرنا هذا ما الذي غير الأحداث وأخر عذاب الله أو التدخل الإلهي لإيقاف هذه الأمم المتغطرسة والمتجبرة على العالم؟

إن الله أجاب بنفسه على هذا السؤال فقال:

(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) سورة الأعراف.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأُمَّةِ الْجَمَاعَةَ الَّتِي يَجْمَعُهَا نَسَبٌ أَوْ لُغَةٌ إِذْ لَمْ يَقَعْ فِي التَّارِيخِ انْقِرَاضُ إِحْدَاهَا، ولكن المقصود الأمة المجتمعة على تكذيب ومحاربة المؤمنين فمهما طال البلاء فجزاء الأمة المكذبة الهلاك المحتم، وللأمة الصابرة منازل الشهداء بقدر ما تفقد من أبنائها في سبيل الحق.

وقال كذلك: (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ) سورة هود.

والأمة المعدودة هي السنين التي مهما طالت فإنها معدودة.

ولقد طَمْأَن الله المؤمنين الذين ينتظرون عدالة الله وانتقامه من المجرمين بقوله سبحانه: (فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ ۖ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا) سورة مريم.

وكما أذِنَ الله لنبيه داود بقتال العدو فقد أذِنَ لخاتَم أنبيائه كذلك لأن جهاد العدو يدفع الفساد عن الأرض فقال الله تعالى عن نبيه داود حين كان يقاتل تحت حُكم مَلِكِه طالوت: (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) سورة البقرة.

وأعظم ما يُثبت لنا أن الله يَغار على المظلومين ويغضب لهم لانتهاك حرماتهم أنه أمر نبيه الخاتم والمؤمنين -كما تصنع كل الدول الآن- أن يبني جيشا قويا للتصدي لكل من يحاول العبث بأمن الوطن فقال سبحانه:

(إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلَّذِينَ يُقَٰتِلُونَ فِى سَبِيلِهِۦ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَٰنٌ مَّرْصُوصٌ) سورة الصف.

وأمر بكل استعداد ممكن أو مستطاع فقال:

(وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) سورة الأنفال.

فتبين بعد كل ما سبق أن الله يحب من المؤمنين أن يأخذوا بأسباب جهاد العدو ودفع الظلم وألا يَتَّكِلوا على وعد الله بإهلاكه للظالمين، حتى لا يتجرأ عليهم العدو.

نعم قد يتساءل العقل فيقول: "وهل كلُّ مَن يَظلم يَنال جزاءَه في هذه الدنيا؟

الجواب: إن الله تعالى جعل الآخرة هي دارَ الجزاء الأوفى، وأما هذه الدار فجعلها دار اختبار، تتصارع فيها قُوى الخير والشر، والغلبة إن لم تكن لقوة الخير في بعض العصور والأجيال فلا ننسى أن الغلبة والنصر وعدٌ من الله لعباده الصالحين لابد أن يتحقق على هذه الأرض ولو بعد حين.

حيث يقول مبشرًا سبحانه: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) سورة الأنبياء.

يعني أن الله قد كتب هذا الوعد عنده في الكتب السماوية كلها كما هو في اللوح المحفوظ وهو معنى من معاني "الذكر" الذي في الآية السابقة، ولا شك عند المؤمنين بنفاذ وعده كما بشرنا سبحانه.

لكن قد يسأل الكثير: إذا كان اللهُ موجودًا فلِم لا نراهُ رحيما بمرضى السرطان من الأطفال حين يتألمون؟

إن كثيرًا مِن الناس مَن يظن أن اللهَ هو صانع هذه الأمراض بطريقة: "كُن فيكون"، والحقيقة أن الأمراض الفتاكة لم تكن من الأمراض المعروفة في الأجيال والعصور السابقة بل بدأت مع التلوث البيئي كالطاعون والكوليرا، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، نرى الإنسان بواسطة العلم الحديث يتدخل في تركيبات وكيمياء الطعام والشراب فيغير طبيعة المأكولات والمخبوزات بشيء من المواد الحافظة والعناصر الكيميائية المهدرجة، التي من أكثر من تناولها فإنه يؤدي إلى ضعف المناعة العامة في الجسم وبَدْء نشاط الخلايا الشاردة بداخله، ومعلوم في الطب أن النمو غير الطبيعي للخلايا المؤدي إلى فساد نظامها هو ما يسمى بالسرطان، عياذًا بالله.

ونلاحظ هنا أننا لا نتحدث عن حالات فردية، بل نتحدث عن ضعف أجيالٍ لعصور قادمة.

إن عبث الإنسان بالطبيعة يرمي باللوم المباشر على الإنسان وليس على الله سبحانه الذي أمرنا بالاعتدال في التعامل مع الطبيعة فقال: (والسماءَ رفعَها ووَضَعَ الميزانَ ألا تَطغَوا في الميزان).

فالطبيعة خلقها الله بميزان، يعني بنظام دقيق يكفي لحاجة الإنسان والبشرية، وأيُّ عبث أو تلاعب في الميزان يؤدي إلى عواقب وخيمة.

وبعد هذه المقدمة يستطيع الإنسان أن يدرك بعقله -وبكل سهولة- أن انتشار السرطانات واكتظاظ المستشفيات بالحالات الحرجة التي تصرخ من فشل أعضاء الإنسان في أداء وظيفتها هو ناقوس خطر وجرس إنذار يصرخ على الإنسانية كلها لترجع إلى الاعتدال والتأدب مع "الميزان الإلهي للطبيعة".

وليس من المنطق أن ننسب جرائم الإنسان إلى المولى سبحانه الذي خلق النعم حين خلقها سليمة على الفطرة.

ولكن علينا أن نفهم أن هذه الأمراض المستعصية هي جرائم حقيقية وأن إصرار الإنسان على التعدي على حرمة قوانين الطبيعة التي خلقها الله هو ذنب عظيم من كبائر الذنوب، لأنه يؤدي إلى الموت البطيء وهو الذي يتعذب به المريض في المستشفيات.

ولا شك أن نشر الأمراض القاتلة في العالم هو نوع من أنواع القتل الخفي.

إن الإنسان من وراء هذه المستشفيات هو القاتل المتخفِّي وراء أطماعه وجشعه لتحصيل الربح السريع الفاحش ولو على حساب أجيال من الإنسانية.

وفي ذات السياق نرى نصائح ووصايا نبوية يتحدث فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبب عظيم من أسباب انتشار الأمراض المستعصية ألا وهو عدم الاكتراث واللامبالاة بفعل الفواحش الأخلاقية والسلوكية، وكلمة الفاحشة في اللغة العربية تُطلق على كل ما عَظُمت كراهية النفوس له وقَبُحَ ذِكرُه على الألسن، وفي الشريعة تطلق الفاحشة على ما اشتد قبحه وتناهى من المعاصي.

وتنقسم الفاحشة إلى ظاهرة وباطنة.

قال تعالى: (وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ) سورة الأنعام.

فالفواحش الظاهرة أولها الكفر بالله والشرك به، والقتل بطريقة الإبادة الجماعية والاغتصاب، حتى التحرش الجنسي، والزنا، وعمل قوم لوط، وهو الشذوذ الجنسي، وغير ذلك الكثير مما لا يخفى كعقوق الوالدين وتضييع الآباء لحقوق الأبناء، وأكل مال اليتيم وما جرى مجرى ذلك.

وأما الفواحش الباطنة فهي: إنكار وجود الله وكُفران نِعَمه، والكِبر على الناس، والعُجْب والغرور بالعمل الصالح، أو أعمال الخير، وحُب الرياسة والشهرة، وكذلك الحقد والحسد للنعمة عند رؤيتها على الآخرين.

ولفداحة أثر انتشار الفواحش في المجتمعات نرى عبد الله بن عُمر الصحابي رضي الله عنه يروي لنا اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر فيقول: أقبَلَ علينا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: 

(يا معشرَ المُهاجِرينَ، خِصالٌ خَمْسٌ إذا نَزَلْنَ بكم، وأعوذُ باللهِ أنْ تُدْرِكوهنَّ: 

لَم تظهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قطُّ حتَّى يُعْلِنوا بها، إلَّا فَشا فيهم الطَّاعونُ والأوجاعُ الَّتي لم تكُنْ مضَتْ في أسلافِهم الَّذين مَضَوا قبلَهم.

ولَم يُنقصوا المِكيالَ والميزانَ إلا أُخِذوا بالسِّنينَ وشِدَّة المَؤونة وجَور السُّلطان عليهم. 

ولَم يَمنعوا زكاةَ أموالهم إلا مُنعوا القَطر من السماء، ولولا البهائمُ لَم يُمطَروا.

ولم يَنقُضوا عهدَ الله وعهدَ رسوله إلا سَلَّط اللهُ عليهم عَدوًّا مِن غيرهم فأَخذوا بعضَ ما في أيدِيهِم.

وما لم تَحكُم أئمتُهم بكتابِ الله، ويتخيَّروا مما أَنزَلَ الله إلا جَعَل اللهُ بأسَهم بينَهم) حديثٌ حَسَن، رواه ابن ماجَة في السُّنن.

لكن قد يسأل عن العدالة بطريقة أخرى، لماذا لم يجعلنا الله جميعا أغنياء؟

إن العقل حين يفتح هذا الملف عليه أن يُدرك أولا أن المالَ رزقٌ من جملة أرزاق كثيرة متعددة، فالصحة والعافية ليست رزقا واحدا، بل سلامة العضو الواحد في البدن رزق مستقل في حد ذاته، فمن نظر إلى عافية البدن من العلل والآفات والأمراض وجد أن العافية هي نِعَم كثيرة وجليلة، لا نتذوق طعم ملذات الحياة الأخرى إلا بها.

والذكاء والفطنة في سرعة التحصيل الدراسي رزق ونعمة.

والتفوق في بعض التخصصات رزق ونعمة.

والحرفة والصناعة وإن كانت رزقا غير أن احتراف الصنعة عند الصانع حتى ينصرف الناس إليه مفتاح عظيم من مفاتيح الرزق.

وحُسن الخلق مع الناس رِزق ونِعمة، وهو مفتاح عظيم من مفاتيح الرزق لأنه يجلب إليك قلوبَ الناس بالرأفة والنصيحة وفتح الأبواب.

إنَّ الإنسان إذا رَكَّز وأتقن عملَه في مجال تخصصه في الحياة، يستطيع أن يصنع الموهبة حين يأخذ بأسباب النجاح، وبذلك يستطيع أن يكتشف طرقًا لتحصيل الرزق غيرَ مألوفة في حكم وعُرف عادات المجتمع.

السر الكبير في اختلاف تقسيم الله للأرزاق وأنه ليس من باب التمييز

فمع تيسير الله لأمر الرزق، لكن يبقى ذلك السر الكبير الذي بيده وحدَه، فهو سبحانه حين قسَّم المال على خلقه قد ذَكر الحكمة من اختلاف تعاملاته مع عباده في حديثه القدسي الذي قال فيه:

(إنَّ مِن عبادي المؤمنين مَن لا يُصلِحُ إيمانَه إلا بالغنى، ولو أفقرتُه لأفسده ذلك، وإنَّ مِن عبادي المؤمنين مَن لا يُصلِحُ إيمانَه إلا الفقر، ولو بَسطتُ له لأفسدَه ذلك، وإنَّ مِن عبادي المؤمنين مَن لا يُصلح إيمانَه إلا الصحة، ولو أسقمتُه لأفسدَه ذلك، وإنَّ مِن عبادي المؤمنين مَن لا يُصلِحُ إيمانَه إلا السَّقَم، ولو أصحَحتُه لأفسدَه ذلك، إني أُدبِّرُ أمرَ عبادي بعلمي بقلوبهم، إني عليم خبير) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء من حديث أنس الصحابي رضي الله عنه.

نلاحظ ختام الحديث القدسي الذي بيَّن فيه سبحانه أنه حين يدبر أمر عباده فإنه يكون بناء على أحوال قلوبهم وتحملاتهم وتنوع مسئولياتهم.

ويشهد لهذا المعنى القرآنُ الكريم فالله يخبرنا عن شفقته على بعض عباده أن يكون الغنى سببًا في انشغالهم عن واجباتِهم، بل يكون طريقًا لفساد أخلاقِهم أحيانا كثيرة، فيقول تبارك وتعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} سورة الشورى.

إننا بعد تفكير عميق نزداد رضًا عن الله سبحانه كما رضِينا من قبل في قلوبنا بالله ربا وبالإسلام دينا و بسيدنا ومولانا محمد نبيا ورسولا صلى الله عليه وآله وسلم.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

2

followers

2

followings

7

similar articles