قصة أصحاب الكهف

قصة أصحاب الكهف

Rating 0 out of 5.
0 reviews

قصة أصحاب الكهف

image about قصة أصحاب الكهف

من أروع القصص التي رواها الله في كتابه العزيز، والتي تحمل رسائل عظيمة عن الإيمان والثبات على العقيدة، قصة أصحاب الكهف التي وردت في سورة الكهف. هذه القصة ليست مجرد حكاية تاريخية، بل هي آية خالدة تذكّرنا بقدرة الله، وتثبت أن من يلجأ إلى ربه بصدق، فلن يضيّعه الله أبدًا.

بداية القصة

في قديم الزمان، كان هناك ملك جبار يحكم قومه بالقهر، ويفرض عليهم عبادة الأصنام والأوثان. لم يكن يسمح لأحد أن يخالفه أو يعصي أوامره. في تلك الأجواء الظالمة، ظهر مجموعة من الشباب الصالحين، آمنوا بالله ربًا واحدًا، ورفضوا السجود لغيره. عددهم قليل، لكن قلوبهم عامرة بالإيمان والثبات. قالوا بجرأة أمام قومهم:
﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِن دُونِهِ إِلَهًا لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾.

كان كلامهم إعلانًا صريحًا بالتوحيد في وجه الكفر والباطل. وحين علم الملك بأمرهم، غضب غضبًا شديدًا، وهدّدهم بأشد أنواع العقاب إن لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان. لكنهم لم يخافوا، بل اجتمعوا وتشاوروا، وقرروا أن يفرّوا بدينهم.

اللجوء إلى الكهف

ترك هؤلاء الفتية ديارهم وأهلهم، واختاروا كهفًا بعيدًا في أحد الجبال ليكون ملجأهم. لم يكن لديهم سلاح ولا مال ولا عشيرة، لكنهم حملوا أغلى ما عندهم: إيمانهم بالله. وهناك، في مدخل الكهف، دعوا ربهم قائلين:
﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾.

استجاب الله دعاءهم، وألقى عليهم نومًا عجيبًا امتد ثلاثمائة سنة وزادوا تسعًا. في نومهم هذا، كان الله يحفظ أجسادهم، فيقلّبهم ذات اليمين وذات الشمال، حتى لا تأكل الأرض أجسادهم. وكان لكلبهم المخلص مكان عند باب الكهف، باسطًا ذراعيه كالحارس الأمين، رمزًا للوفاء والصدق.

معجزة النوم الطويل

كان منظرهم مهيبًا، فمن يدخل الكهف ويرآهم يظنهم مستيقظين، مع أنهم غارقون في نوم عميق. مرّت أجيال بعد أجيال، وتبدلت الملوك والبلاد، والناس نسوا أمرهم، لكن الله جعلهم محفوظين ليكونوا آية للناس فيما بعد.

وبعد مرور هذه القرون الطويلة، شاء الله أن يوقظهم. استيقظوا فجأة وكأنهم ناموا يومًا أو بعض يوم. تعجبوا من أنفسهم، وأخذوا يتساءلون: كم لبثنا؟ ثم أرسلوا أحدهم إلى المدينة ليشتري لهم طعامًا.

المفاجأة الكبرى

دخل الفتى المدينة فوجدها قد تغيّرت تمامًا؛ الناس صاروا على التوحيد، والمساجد قائمة، والوجوه مختلفة. وحين أخرج نقوده ليدفع ثمن الطعام، تعجب البائعون، فالعملة التي يحملها قديمة مضى عليها مئات السنين! انتشر الخبر سريعًا، وأُخذ الفتى إلى الحاكم الصالح.

هناك كشف الفتى قصته وقصة أصحابه، فعرف الناس أن هؤلاء هم الفتية الذين فرّوا بدينهم منذ قرون. اجتمع الناس عند الكهف، ورأوا بأعينهم معجزة من معجزات الله. عندها قبض الله أرواح الفتية بسلام، ليبقوا ذكرى خالدة وعبرة لكل من بعدهم.

الحكمة والعبرة

جعل الله قصتهم آية للناس، ودليلًا على أن البعث بعد الموت حق. فهم ناموا قرونًا طويلة، ثم استيقظوا سالمين، ثم أماتهم الله مرة أخرى. كما أنها درس عظيم للشباب أن التمسك بالإيمان هو أعظم سلاح، وأن العدد القليل إذا كان صادقًا يمكن أن يهزم الظلم.

وقد قال الله تعالى في وصفهم:
﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾.

الخاتمة

قصة أصحاب الكهف تبقى إلى يومنا هذا رسالةً للشباب المؤمن: لا تخف من الطغاة، ولا تضعف أمام الشهوات، فالله معك إذا صدقت معه. وما أجمل أن تُقرأ سورة الكهف كل جمعة، لنستحضر هذا الدرس العظيم ونثبت على طريق الحق.

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

5

followings

1

followings

1

similar articles
-