الزواج في الإسلام طريق المودة والسكينة

الزواج في الإسلام طريق المودة والسكينة

Rating 5 out of 5.
1 reviews

الزواج في الإسلام طريق المودة والسكينة

البداية

في قلب قرية صغيرة تحيط بها الحقول الخضراء وتغمرها أصوات العصافير مع نسيم الفجر، كان الناس يعيشون حياة بسيطة، لكنهم يتمسكون بدينهم وقيمهم الإسلامية. كانت بيوت القرية متواضعة، لكن قلوب أهلها عامرة بالإيمان. وفي كل مساء، كان يجتمع الشباب في ساحة المسجد ليستمعوا إلى دروس الشيخ الذي يذكّرهم بأحكام الإسلام ويحدثهم عن الطاعة والعبادة، وكان موضوع الزواج من أكثر ما يشغل عقولهم.

فالزواج في الإسلام لم يكن مجرد ارتباط دنيوي، بل كان ميثاقًا مقدسًا، وسرًا من أسرار الاستقرار النفسي والطمأنينة. كثير من شباب القرية بدأوا يفكرون في تكوين أسر، بينما كان بعضهم متردداً يخشى المسؤولية. ومن بينهم كان شاب يُدعى عبدالله، الذي ستبدأ معه رحلتنا في هذه القصة، رحلة بحث عن المعنى الحقيقي للزواج، وكيف يمكن أن يكون طريقًا للمودة والرحمة وبناء مجتمع قوي راسخ على الإيمان.


قرار عبدالله

نشأ عبدالله في أسرة متدينة تُعلّمه القرآن والسنّة منذ نعومة أظافره. كان معروفًا بين أهل قريته بخلقه الطيب وأدبه الجمّ، وكان يعمل بجد ليساعد والده في التجارة. ومع مرور السنوات، بدأ الناس ينصحونه بالزواج، فهو السُنّة التي شرعها الله تعالى لعباده، وفيها الاستقرار والسكينة.

لكن عبدالله كان متردداً، فقد كان يرى الزواج مسؤولية عظيمة، ويخشى ألا يكون قادرًا على تحمّل أعبائه. وبينما هو على هذه الحال، جلس ذات يوم مع شيخه في المسجد، وقال له:

ــ يا شيخ، أسمع كثيرًا عن فضل الزواج في الإسلام، لكنني أشعر أن الأمر أكبر من طاقتي.

ابتسم الشيخ بحكمة وقال:
ــ يا بني، الزواج ليس عبئًا كما تظن، بل هو نعمة من الله. ألم تسمع قول الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾؟

تأمل عبدالله الآية مليًا، وشعر أن في قلبه نورًا يتفتح. فالزواج ليس مجرد مسؤولية مادية، بل هو طريق إلى المودة والرحمة والسكينة.


بداية الحياة الزوجية

بعد فترة من التفكير والدعاء، قرر عبدالله أن يتقدم لخطبة فتاة من قريته تُدعى خديجة، كانت مشهورة بحسن خلقها وطيبة قلبها، وحبها للعلم. وافق أهلها، وتم عقد القران بحضور الأهل والأصدقاء، وكانت ليلة مليئة بالبركة والدعاء.

ومنذ اليوم الأول لزواجهما، أدرك عبدالله أن الزواج في الإسلام هو عبادة، بل هو نصف الدين كما قال النبي ﷺ: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين، فليتق الله في النصف الآخر."

بدأت رحلة عبدالله وخديجة في بناء بيت قائم على الإيمان. كانا يحرصان على الصلاة معًا، وقراءة القرآن، وتبادل الكلمات الطيبة. وعندما يواجهان مشكلة، كانا يتذكران قول النبي ﷺ: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي."

شيئًا فشيئًا، شعر عبدالله أن الزواج منحه قوة داخلية، وأنه لم يعد يعيش لنفسه فقط، بل أصبح مسؤولاً عن زوجته، يسعى لإسعادها وحمايتها. وكانت خديجة كذلك تراعي زوجها وتعينه على طاعة الله.


ثمرة المودة والرحمة

مرت سنوات قليلة، ورُزق عبدالله وخديجة بطفل أسمياه يوسف. ومع قدومه، ازدادت سعادتهما وشعورهما بالطمأنينة. أدرك عبدالله أن الأسرة هي لبنة المجتمع الأولى، وأن الاستقرار الأسري هو ما يبني أمة قوية مترابطة.

كان يحدّث ابنه يوسف قائلاً:
ــ يا بني، الزواج في الإسلام ليس مجرد ارتباط رجل بامرأة، بل هو ميثاق غليظ، فيه المودة والرحمة والتعاون على طاعة الله.

وكان يوسف، رغم صغره، يشعر بدفء الحب بين والديه، ويتعلم من أفعالهما قبل أقوالهما.


حكمة الزواج

في أحد الأيام، اجتمع أهل القرية ليستمعوا إلى موعظة الشيخ. تحدث عن الزواج قائلاً:
ــ أيها الأحبة، الزواج هو حصن للفرد والمجتمع، به نعفّ أنفسنا عن الحرام، ونكمل نصف ديننا، وننشئ أجيالاً صالحة. وقد قال رسول الله ﷺ: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج."

نظر عبدالله إلى زوجته الجالسة بجواره، وشعر بالفخر لأنه أطاع أمر الله ورسوله، وسلك طريق الزواج الذي جلب له الطمأنينة.


مواجهة التحديات

لكن الحياة لا تخلو من ابتلاءات. ففي إحدى السنوات، واجه عبدالله خسارة في تجارته، وضاق به الحال. إلا أن خديجة كانت نعم الزوجة، صابرة محتسبة، تواسيه وتشد أزره. قالت له ذات مرة:
ــ لا تحزن يا عبدالله، فالرزق بيد الله، وما دمت معي ومع يوسف، فأنت بخير. نحن عائلة متماسكة، ولن يخذلنا الله.

كانت كلماتها بلسمًا على قلبه، وأدرك أن الزواج في الإسلام قائم على التعاون والتكامل، وأن الزوجة الصالحة خير متاع الدنيا، كما قال النبي ﷺ: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة."


خاتمة القصة

مرت الأعوام، وكبر يوسف، وأصبح شابًا صالحًا يفتخر بأبويه. وعندما سأله صديق له عن سر سعادته، أجاب:
ــ تعلمت من أبي وأمي أن الزواج في الإسلام ليس مجرد عقد، بل هو عبادة وسكينة، هو بداية لبناء أمة قائمة على الحب والإيمان.

وهكذا، أصبحت قصة عبدالله وخديجة مثالًا حيًا في القرية على أن الزواج في الإسلام هو طريق السعادة والاستقرار، وأنه سبب للمودة والرحمة، وحصن للأخلاق، وبذرة تُثمر أجيالاً صالحة.

image about الزواج في الإسلام طريق المودة والسكينة
comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

7

followings

4

followings

4

similar articles
-