خبيب بن عدي… بطل الصبر   والثبات

خبيب بن عدي… بطل الصبر والثبات

Rating 5 out of 5.
1 reviews

 

خبيب بن عدي… بطل الصبر

 والثبات

 

حين نتأمل في سير الصحابة الكرام رضي الله عنهم، نجد أن كل واحد منهم يمثل صفحة مشرقة في كتاب التضحية والإيمان. ومن بين هؤلاء الأبطال الذين ربما لا يعرفهم الكثيرون، يبرز اسم خبيب بن عدي الأنصاري، الذي قدّم أروع مثال للصبر والثبات أمام المحن، وأصبح قصته علامة مضيئة في تاريخ الإسلام.

بدايته مع الإسلام

كان خبيب من أهل المدينة من قبيلة الأوس، وقد أسلم مبكرًا بعد أن جاء النبي ﷺ مهاجرًا إلى المدينة. كان من الشباب المخلصين الذين بايعوا على نصرة الدين، فامتلأ قلبه إيمانًا، وتعلّق برسول الله ﷺ تعلقًا شديدًا. لم يكن من الصحابة المشهورين بكثرة الرواية أو الغنى، لكنه كان معروفًا بين قومه بالشجاعة والإقدام.

مشاركته في بدر

شهد خبيب مع المسلمين غزوة بدر الكبرى، تلك المعركة الفاصلة التي نصر الله فيها جنده رغم قلة عددهم وضعف عُدّتهم. هناك قاتل خبيب قتال الأبطال، وكان من الذين كتب الله لهم شرف الانتصار. ومنذ تلك اللحظة صار اسمه مرتبطًا بالفداء والتضحية، لكنه لم يكن يدري أن القدر يخبئ له امتحانًا عظيمًا بعد ذلك.

بداية المحنة

بعد بدر، أراد بعض المشركين أن ينتقموا من المسلمين، فدبّروا مكيدة تُعرف بـ غزوة الرجيع. جاء أناس من قبائل بني لحيان إلى النبي ﷺ وطلبوا أن يرسل معهم من يعلّمهم الدين، وأظهروا رغبة في الإسلام، بينما كانت نياتهم الغدر. فبعث النبي ﷺ عددًا من الصحابة، وكان خبيب بن عدي فيهم.

لكن القوم غدروا بهم في الطريق، وقتلوا بعضهم وأسروا خبيب وصاحبه زيد بن الدثنة، ثم باعوهم لقريش لتنتقم منهم لما جرى في بدر.

في أسر قريش

أخذت قريش خبيبًا لتقتله ثأرًا لقتلاها يوم بدر. وبينما هو أسير، أظهر معدنًا نادرًا من الصبر. فقد روي أن امرأة من بيت الحارث بن عامر أُوكل إليها حبسه، وكانت تقول:

> “والله ما رأيت أسيرًا خيرًا من خبيب، لقد رأيته يأكل قطفًا من عنب بيده وإنه لموثق بالحديد، وما بمكة يومئذ من ثمر.”

كان ذلك كرامة من الله له، ليكون رزقه حاضرًا حتى وهو في القيود.

 

طلبه الأخير

حين قررت قريش أن تقتله، سألوه إن كان يريد أن يوصي بشيء، فقال لهم:

“دعوني أصلي ركعتين.”

فصلّى ركعتين بخشوع عجيب، ثم قال:

“والله لولا أن تظنوا أني أطلت جزعًا من الموت، لزدت.”

فكان أول من سنّ للمسلمين سنة ركعتي الشهيد قبل القتل.

موقفه العظيم

ثم أُخرج خبيب إلى التنعيم حيث صُلب، واجتمع حوله رجال قريش يشمتون به. فقالوا له:

“أتحب أن محمدًا مكانك وأنت سالم معافى؟”

فأجاب بكل قوة:

“والله ما أحب أن أكون في أهلي وولدي، ومحمد تُشاك بشوكة.”

كانت هذه الكلمات صاعقة على قلوب المشركين، إذ بيّنت مدى صدق حب الصحابة لنبيهم ﷺ، وأنهم قدّموا حياتهم رخيصة في سبيله وفي سبيل الدين.

شهادته

ثم رفع خبيب بصره إلى السماء ودعا دعاءً خاشعًا:

“اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تبقِ منهم أحدًا.”

وبعدها قُتل مصلوبًا، ففاضت روحه الطاهرة شهيدًا ثابتًا على دينه. وكان ذلك في السنة الرابعة للهجرة تقريبًا.

دروس من قصته

قصة خبيب ليست مجرد حكاية عن أسير قُتل، بل هي مدرسة في معاني الإيمان والوفاء:

1. الثبات على العقيدة: لم يساوم على دينه لحظة واحدة رغم إغرائهم وتهديدهم.

 

2. حب النبي ﷺ: فضّل الموت على أن يصاب النبي بشوكة.

 

3. العبادة حتى اللحظة الأخيرة: طلب أن يُصلي ركعتين، فصار قدوة للشهداء من بعده.

 

4. الصبر على البلاء: رغم القيود والآلام، كان راضيًا بقضاء الله مطمئن القلب.

image about خبيب بن عدي… بطل الصبر   والثبات

 

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
articles

10

followings

28

followings

9

similar articles
-