بين الحلال والحرام: ما هو الحكم الشرعي للتداول عبر الإنترنت؟
حكم التداول في منصات الخيارات الثنائية: بين الحلال والحرام
أصبح التداول عبر الإنترنت في السنوات الأخيرة مجالًا يجذب الكثير من الشباب الطامحين إلى تحقيق أرباح سريعة. ومن أبرز أنواع التداول المنتشرة ما يسمى بـ الخيارات الثنائية (Binary Options) أو التداول بالوقت الثابت (Fixed Time Trade)، والتي تقدمها منصات مثل: Olymp Trade، IQ Option، Binomo، Expert Option وغيرها. لكن السؤال الأهم الذي يطرحه المسلم: هل هذا النوع من التداول حلال أم حرام؟
طبيعة عمل هذه المنصات
تقوم هذه المنصات على مبدأ بسيط في ظاهره: يختار المتداول أصلًا ماليًا (مثل عملة أجنبية، سهم، نفط، ذهب...)، ثم يحدد وقتًا معينًا، كدقيقة أو خمس دقائق أو ساعة، ويتوقع هل سيرتفع السعر أم سينخفض.
إذا كان التوقع صحيحًا، يحصل المتداول على نسبة ربح محددة مسبقًا.
وإذا كان التوقع خاطئًا، يخسر المبلغ الذي استثمره.
هذه العملية في حقيقتها ليست بيعًا ولا شراءً للأصل المالي، بل هي مجرد رهان على اتجاه السعر، أي أنها أقرب إلى المراهنة منها إلى التجارة.
أسباب تحريم هذا النوع من التداول
اتفق أغلب العلماء والهيئات الشرعية على أن هذا النوع من التداول محرم، ومن أبرز أسباب ذلك:
1. غياب البيع والشراء الحقيقي:
في الشريعة الإسلامية يشترط لصحة العقد أن يكون هناك تبادل حقيقي للسلع أو النقود، بينما في هذه المنصات لا يحصل أي تملك أو قبض للأصل، وإنما مجرد تخمين على حركة السعر.
2. المخاطرة المحضة:
العقود مبنية على التوقع السريع والاعتماد على الحظ أكثر من الاعتماد على دراسة اقتصادية أو تحليل فني، مما يجعلها قريبة من الميسر الذي حرمه الله في قوله:
"إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ" [المائدة: 90].
3. الربح مقابل خسارة الآخر:
في معظم الحالات، إذا ربح المتداول خسر الطرف الآخر، والعكس صحيح، وهذا عين الميسر حيث يقوم طرفان بالمخاطرة والربح فيها مبني على خسارة الآخر.
4. التشجيع على الإدمان والطمع:
طبيعة هذه المنصات السريعة تجعل المستخدم يدخل صفقات متتالية بحثًا عن الربح السريع، وهو ما يقوده إلى خسائر مالية كبيرة ويبعده عن مقاصد الشريعة في حفظ المال.
الفرق بين التداول المشروع وهذه المنصات
التداول في الأسهم الحلال أو الفوركس الإسلامي يمكن أن يكون جائزًا إذا توفرت الشروط الشرعية: البيع والشراء الحقيقي، خلو العقود من الربا، ووجود منصة مرخصة.
أما التداول في الخيارات الثنائية فليس تجارة حقيقية، وإنما هو مقامرة على الأسعار، ولهذا اعتبره العلماء غير جائز.
البدائل الشرعية
بدل الانخراط في هذه المنصات المشبوهة، يمكن للمسلم التوجه إلى:
الاستثمار في شركات وأسهم حلال.
التداول عبر منصات فوركس إسلامية لا تقدم فوائد ربوية.
الدخول في مشاريع اقتصادية وتجارية حقيقية تحقق منفعة للمجتمع وتعود بالربح الطيب.
الخلاصة
كل المنصات التي تقدم التداول عبر الخيارات الثنائية أو الوقت الثابت، مثل: Olymp Trade، Binomo، IQ Option، تعتبر محرمة شرعًا عند أغلب العلماء، لأنها في حقيقتها نوع من القمار والميسر وليست تجارة مشروعة. أما التداول الحلال فهو ما كان قائمًا على البيع والشراء الحقيقي، بعيدًا عن الربا والمقامرة.
وبذلك، فمن أراد استثمار ماله فعليه أن يبحث عن البدائل الشرعية التي تحفظ ماله وتوافق أحكام دينه.
