حين تنصت لآيات الله… يتغيّر قلبك ويتبدّل حالك: أثر قراءة القرآن في حياة المسلم

حين تنصت لآيات الله… يتغيّر قلبك ويتبدّل حالك: أثر قراءة القرآن في حياة المسلم

Rating 0 out of 5.
0 reviews

 

القرآن الكريم ليس مجرد كلمات تُتلى، ولا كتاب يُقرأ للبركة فحسب، بل هو نورٌ يبدّد ظلمات القلب، وشفاءٌ لما في الصدور، وهدايةٌ تسير بالمؤمن في طريق الصلاح. من جعل القرآن أنيسه في خلوته ورفيقه في طريقه، وجد نفسه في معية الله، يعيش الطمأنينة في قلبٍ مطمئن، ونفسٍ راضيةٍ بقضاء الله وقدره.

إن أثر قراءة القرآن في حياة المسلم لا يقف عند حدود الأجر والثواب، بل يمتد ليغيّر السلوك، ويهذب الأخلاق، ويمنح الروح صفاءً لا يُدرك إلا بالتجربة والمداومة على التلاوة والتدبر.

القرآن… كلام الله الذي يحيي القلوب

قال الله تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ ﴾ [يونس: 57].

في هذه الآية الكريمة يبيّن الله أن القرآن دواءٌ للقلوب المريضة بالحسد، والضيق، والاضطراب. فحين يقرأ المسلم آيات ربه، يشعر أن كل همٍّ يذوب، وكل خوفٍ يطمئن. وقد قال النبي ﷺ:

"اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه" (رواه مسلم).

إن تلاوة القرآن ليست مجرد عبادة لفظية، بل هي عبادة قلبية وعقلية وروحية، تجمع بين اللسان والعقل والوجدان. فكل آية تزرع في النفس معنى جديدًا، وكل تلاوة تفتح بابًا من أبواب الرحمة والسكينة.

أثر القرآن في تهذيب النفس والسلوك

القرآن الكريم منهج أخلاقي عظيم، فمن تدبّر آياته تغيّر سلوكه دون أن يشعر. فالذي يقرأ قوله تعالى:

﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83]
يتعلم اللين في الحديث.

ومن يتدبّر قوله سبحانه:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [المائدة: 42]
يتربى على العدل والإنصاف.

فالقرآن يُزكّي النفس، ويطهّر القلب من الكبر والرياء، ويغرس في المؤمن قيم الرحمة والتسامح، حتى يصبح سلوكه مرآةً لما يقرأ.

image about حين تنصت لآيات الله… يتغيّر قلبك ويتبدّل حالك: أثر قراءة القرآن في حياة المسلم
مسلم يتلو القرآن بخشوع في نور الفجر، يرمز إلى السكينة والهداية بنور كلام الله.

القرآن مصدر السكينة في زمن الاضطراب

في زمنٍ تموج فيه الحياة بالمشاغل والضغوط، تبقى تلاوة القرآن ملاذًا للمؤمن، يجد فيها السكون بعد التوتر، والطمأنينة بعد القلق. يقول الله تعالى:

﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

حين يجلس المسلم بعد يومٍ طويل، يفتح مصحفه، ويبدأ بالقراءة بخشوع، كأنما يغتسل قلبه من تعب الدنيا، وتنساب في روحه نسائم الطمأنينة التي لا تُشترى بمال.

القرآن طريق الهداية والثبات

من أعظم آثار القرآن أنه يربط العبد بخالقه ربطًا متينًا. قال تعالى:

﴿ إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9].

فمن جعل القرآن دليله، لم يضلّ طريقه في الحياة، لأن الآيات ترسم له طريق الصواب في كل أمرٍ دنيوي وأخروي.
وحين تمر بالمؤمن الفتن، يجد في تلاوته الثبات، وفي معانيه العزاء، وفي وعوده الأمل.

قال ابن القيم رحمه الله: “القرآن هو الشفاء التام من جميع أدواء القلوب وأمراض الأبدان، ولكن لا ينتفع به إلا من تلقّاه بالقبول والصدق.”

كيف نعيش مع القرآن حقًّا؟

لكي يشعر المسلم بأثر القرآن في حياته، لا بد أن يقرأه بقلبٍ حاضر، وأن يجعل له وردًا يوميًا لا يتركه مهما كانت الظروف. فالمداومة على التلاوة تفتح أبواب الفهم والتدبر، وتجعل القلب يتأثر ويتغير.
كما يُستحب أن يقرأ المسلم التفسير ليعيش مع المعاني، وأن يطبّق ما يتعلّمه في سلوكه اليومي.

قال الحسن البصري: “إن من كان قبلكم رأوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل، ويعملون بها في النهار.”

الخاتمة

إن أثر قراءة القرآن في حياة المسلم عظيم لا يُحدّ، فهو النور الذي يهدي، والبلسم الذي يشفي، والدستور الذي يُصلح الفرد والمجتمع. فليكن القرآن رفيقك في كل صباحٍ ومساء، واقرأه بخشوعٍ ووعيٍ وصدق نية، لتجد نفسك في معية الله دائمًا، ولتدرك معنى قوله تعالى:

﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ﴾ [ق: 45].

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by
mohamed elnagar Pro
achieve

$0.11

this week
articles

183

followings

58

followings

0

similar articles
-